📁 آخر الأخبار

رواتب موظفي غزة ما بين المصالح السياسية والمعاناة الانسانية

لعل المصالح السياسية الضيقة كفيلة بأن تجعل جزء كبير من أبناء الشعب الفلسطيني فريسة لسيف الفقر الذي يعمل في نفسياتهم ويحطم قواهم بحيث لا يجدون أنفسهم إلا تحت مطرقة الحياة وضنكها ليس لشيء إلا لسياسات وتأويلات يريد أصحابها –بغض النظر عن صحتها وشرعيتها- فرضها ولو على حساب معاناة أبناء الشعب في قطاع غزة .




إن أبناء غزة المحاصرة الذين يدفعون ف كل يوم من دمائهم ثمن الاحتلال يدقون كل الأبواب طلبا للحياة الكريمة التي تحمل في طياتها ولو أدنى مقومات الحياة الآدمية , إلا أن الانقسام المقيت جعل لنفسه الحق في أن يقرر من يستحق ومن لا يستحق الحياة على الرغم من أن الاحتلال واحد والمصير واحد , حيث أنه -الانقسام- فعل ويفعل فعلته والتي عنوانها التمييز والتفرقة العنصرية بين أبناء الوطن الواحد مابين الضفة الغربية وقطاع غزة , من خلال إتباع سياسات أدت إلى إلحاق الأذى الجسيم –بغض النظر عن المبررات ومدى شرعيتها – بالدرجة الأولى بالمواطن والموظف الغزي البسيط الذي لا يأمل إلا أن يكون على قدم وساق من العدالة والمساواة مع زملائهم وإخوانهم في الضفة الغربية , ولعل أهم مظاهر التمييز التي لحقت بموظفي قطاع غزة , أنه وقبل عدة سنوات تم اقتطاع جزء من العلاوات ثم تلا ذلك فرض قانون التقاعد المبكر بحقهم, الذي طال الآلاف بحيث يحصلون على 70% من الراتب وصولا إلى عدم صرف رواتب موظفي غزة حتى اللحظة , والذي أضاف معاناة أخرى إلى المعاناة الإنسانية الموجودة أصلا منذ بدء الحصار 11 عام







ولكن كثير من القيادات في السلطة الفلسطينية ومن بينهم الرئيس محمود عباس قد صرحوا : بأن على حماس أن تسلمنا كل شيء وبالتالي نقوم بجميع واجباتنا تجاه قطاع غزة , أو أن تبقى حماس وتتحمل كل مسؤوليات القطاع , ولكن على الرغم من المبررات التي يسوقها هذا أو ذاك الطرف والتي قد يتقبلها أو لا يتقبلها العقل والواقع فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال الخروج من هذه المعاناة والأزمات إلا من خلال إنهاء الانقسام على أساس الرغبة والإرادة الصادقة وتحقيق الوحدة الوطنية على أسس واضحة ومتينة قوامها التعايش بين الأشقاء وتقبل الآراء والأفكار والأحزاب بجميع اتجاهاتها وجميع الاختلافات والاجتهادات السياسية في سبيل الوصول إلى أفضل النتائج الايجابية لصالح القضية الوطنية الفلسطينية , بالإضافة إلى إجراء انتخابية تشريعية ورئاسية ولمنظمة التحرير لتحديد الشرعيات عن طريق الانتخابات الحرة والتي هي حق لكل إنسان لقرر ويختار من يرى بأنه أصلح لتحقيق أهدافه وتطبيق أفكاره التي يؤمن بها .




نتفق وقد نختلف حول مسوغات و أهداف السلطة الفلسطينية من خلال الإجراءات والسياسات التي تتبعها اتجاه قطاع غزة لتحيق أهداف ترى بأنها في صالح حماية القضية والمشروع الوطني, وبالمثل نتفق وقد نتلف مع حركة حماس , فكل شيء قابل للنقاش والتأويل ولكن قد لا نجد اثنان يختلفان على أن الوضع الإنساني في غزة خصوصا بعد عدم صرف الرواتب أصبح لا يطاق على الرغم من وعود و تطمينات يطلقها مسؤول من هنا أو هناك بأن سبب عدم الصرف وجود خلل فني , ربما يكون خلل فني و ربما ليس كذلك ولكن من سيفهم أطفال ينتظرون رواتب آبائهم , يريدون خبزا , مصروفا مدرسيا أو حليبا بأن هناك خللا فنيا , من سيفهم المحلات التجارية وأصحاب البيوت المستأجرة والذين يحتاجون للعلاج وربما يموتون بأن هناك خللا فنيا ؟!



ولا يمكن لنا في النهاية إلا القول بأن المواطن الذي دفع ويدفع ضريبة وجود الاحتلال هو نفسه الذي يدفع ضريبة الانقسام التي ولدت وزادت حجم المعاناة الإنسانية التي لا تنتهي في غزة , بل وللأسف أصبح قوت الحياة ورواتب وحقوق الموظفين التي يكفلها القانون تحت يد وألاعيب الذين ربما لم يجوعوا يوما , ولكن على الرغم من ذلك كله يبقى أمل المواطن في غزة بأصحاب الضمائر الحية الذين لا يقبلون للمناضلين وأهالي الشهداء والأسرى والجرحى الإذلال بعد العز.
// محمد عبدالله البشيتي