🧭 غزة بعد الحرب: دحلان في قلب المعادلة… صدفة أم خطة معدّة؟
رغم ضجيج الحرب، باتت الملامح الأولى لـ"غزة ما بعد الدمار" تتشكل بهدوء خلف الكواليس. وإذا كانت البنادق ما زالت تتكلم، فإن المفاوضات تمهد لمعركة من نوع آخر: من سيحكم غزة؟ وكيف؟ وبأي غطاء سياسي وأمني؟
في هذا السياق، يظهر اسم محمد دحلان مجددًا، لا كلاعب معارض أو خصم داخلي، بل كمرشّح مدعوم لإدارة المرحلة القادمة بغطاء إقليمي ودولي واسع.
🔹 من أين جاء هذا الطرح؟
التقارير العبرية والعربية خلال اليومين الأخيرين تتحدث بوضوح عن:
1. نية لتشكيل قوة أمنية خاصة تحت قيادة دحلان قوامها 2500–3200 عنصر، تتولى مهمة فرض الاستقرار وضبط الأمن في غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي.
2. موافقة ضمنية إسرائيلية–أمريكية–مصرية على "عدم عودة حماس لحكم غزة"، مقابل نموذج حكم بديل يجمع ما بين السيطرة الأمنية والانفتاح الدولي، ولا يثير المخاوف الإسرائيلية.
3. دور إماراتي محوري في تمويل عمليات إعادة الإعمار والأنشطة الإنسانية التي ينفذها تيار دحلان، ما يمنحه غطاء سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا قويًا.
4. غياب الدور التقليدي للسلطة الفلسطينية، حيث تُستبعد رام الله من المعادلة لصالح أطراف أكثر "مرونة" في التعامل مع إسرائيل والمجتمع الدولي.
🔸 ما الذي يجعل دحلان مرشحًا مقبولًا؟
واقعي براغماتي: ليس محسوبًا على الإسلاميين ولا يُعد جزءًا من نظام عباس المركزي في رام الله، ما يجعله طرفًا "توافقيًا" بالنسبة للغرب وإسرائيل.
دعم خليجي واضح: الإمارات تدفع بثقلها المالي والسياسي خلف دحلان، ما يمنحه قوة تنفيذية لا تملكها فتح أو حماس حاليًا.
شبكة علاقات عربية–دولية: تربطه صلات قوية بمصر، والإمارات، وبعض دوائر النفوذ الغربي، ما يجعله فاعلًا مهمًا في أي معادلة دولية.
حضور ميداني في غزة: رغم الإبعاد السياسي، إلا أن تيار دحلان ما زال نشطًا على الأرض، عبر جمعيات إنسانية، وبرامج دعم للأسر، ووجود شعبي في الجنوب والوسط
🔻 العقبات التي تواجه هذا السيناريو:
رفض حماس المطلق له حتى الآن، باعتباره "أداة تطبيع" أو "ممثلًا لأجندات إقليمية".
تحفّظ السلطة الفلسطينية في رام الله، التي قد ترى في هذا المشروع إضعافًا لدورها الشرعي والتاريخي.
الرفض الشعبي المحتمل، خصوصًا في ظل انقسام داخلي حاد بين من يراه "منقذًا" ومن يراه "واجهة لتفتيت القضية".
🔶 الخلاصة:
محمد دحلان ليس مجرد اسم عائد إلى الواجهة... بل مشروع كامل يتم تجهيزه بهدوء منذ سنوات، وجاءت الحرب على غزة لتسرّع إخراجه إلى النور.
إذا ما استمرت الضغوط الإقليمية والدولية لإزاحة حماس من الحكم، فإن دحلان سيكون رقماً صعبًا في المرحلة الانتقالية، خاصة مع وجود تمويل إماراتي واستعداد مصري للتنسيق، ووجود أرضية شعبية جزئية تتقبّل الحلول "ولو مؤقتة"، للخروج من النفق.
يبقى السؤال:
هل ستكون غزة جاهزة لحكم "أمني–سياسي" بقيادة تيار دحلان؟
أم أننا بصدد مرحلة جديدة من التجريب والانتقال الغامض، تُعيد تدوير الأزمة بشكل جديد… بأسماء جديدة؟