من ترمس وذرة إلى ممشى حضاري: الكورنيش بين عشق محفوظ وإحسان وواقع القاهرة الحديثة

تقرير خاص — مجلة أضواء | الكاتبة: ليلا عميران | 31 أكتوبر 2025

المقدمة

في ذاكرة الأدب المصري كان الكورنيش يختزل كل بساطة الحب: مقعد إسمنتي، كيس ترمس، ذرة مشوية، ومحادثة تتلوها ضحكات خفيفة بينما تلمع مياه النيل تحت أضواء المصابيح. نجيب محفوظ وأحسان عبد القدوس سجّلا تلك المشاهد، وحوّلاها إلى أيقونات للحياة العاطفية في القاهرة. اليوم، وبعد موجات التطوير العمراني وامتداد الطريق الدائري، تبدو الصورة مختلفة — فهل انتهت قصة الكورنيش كمساحة للعشّاق أم أنها تتحوّل فقط؟

الكورنيش في الأدب: حيث يلتقي الحب بالماء

• نجيب محفوظ: النيل ليس خلفية فقط، بل مسرح للأحداث النفسية والاجتماعية. في أعماله تظهر لقاءات الأصدقاء والعشّاق على الأرصفة والمراكب.
• إحسان عبد القدوس: تقاطعاته العاطفية تتوزّع بين المقاهي ودور السينما والسواحل — ويجعل من أي واجهة مائية مكانًا للجرأة واللقاء.

كان النيل يحتفظ بأسرارنا كأنه مكتوب عليها: لا تبوح بها إلا للموج.

التحوّل الاجتماعي والمروري

منذ بداية الألفية شهدت القاهرة توسعًا عمرانيًا وانتقالًا سكانيًا صوب الضواحي (القاهرة الجديدة، 6 أكتوبر). هذا الانتقال، مع الطريق الدائري، خفّض من حاضنية الكورنيش كمركز يومي للنزهة. بالنسبة لشرائح واسعة، تحولت المواعيد إلى مقاهي المولات وحدائق المدن الجديدة.

زمان كنا نتمشى هنا ونشرب ترمس وناكل ذرة، دلوقتي الكورنيش زحمة وعربيات — مافيش نفس للمشي حواليه.

محاولات الإحياء

شهدت الأعوام الأخيرة مبادرات لإعادة تأهيل الواجهة النهرية: ممشى، إضاءة، وتنظيم للبائعين. لكن استعادة الروح الاجتماعية تحتاج مرافق جيدة وبرامج ثقافية وتنسيق مع المجتمع المحلي.

الخلاصة

النيل يظل رمزًا لا يموت. إعادة الحياة للكورنيش تحتاج رؤية تجمع البنية التحتية مع برامج اجتماعية تحترم تاريخ المكان وذكرياته البسيطة: ترمس، ذرة، ومشي.