📁 آخر الأخبار

نشوة حرب الابادة في غزة قادت اسرائيل لمزيد من الجنون و التهور في المنطقة ...! كتب د. هاني العقاد

نشوة حرب الإبادة في غزة قادت إسرائيل لمزيد من الجنون والتهور في المنطقة ..!

د. هاني العقاد

حرب إبادة ممنهجة في غزة لأكثر من عاميين لم تتوقف خلالها إسرائيل ولو للحظة واحدة وما محاولاتها   التوصل الي اتفاق هدنة وصفقة بوسطة قطرية ومصرية الا تكتيك مدروس لمزيد من الخطط التدميرية والمزيد من العمليات العسكرية في القطاع تحت ستار تدمير حماس وهزيمتها والهدف تدمير كافة مدن القطاع وسحق بنيتها المدنية وتهجير سكانها، حرب إبادة قتلت فيها إسرائيل عشرات الالاف من النساء والأطفال والرجال لم تدخر فيها أي سلاح ولا قنابل الا واستخدمته وأخيرا استخدمت الروبوتات المدمرة التي تدمر احياء سكنية بكاملها وتحدث قوة انفجارية مدمرة هائلة . الحرب لم تقف عند غزة بل طالت لبنان ودمرت العديد من القري الجنوبية ورسمت خط حدودي عسكري جديد غير الخط الأزرق عبر القوة العسكرية مع  لبنان , قصفت بيروت العاصمة ودمرت إسرائيل العديد من المباني السكنية في الضاحية الجنوبية وطال القصف بعض أطراف مطار بيروت الدولي ,واغتالت الصف الأول من قيادات حزب الله و الالاف العناصر في أوسع عملية اغتيال بالتاريخ ,قصفت إسرائيل دمشق ودمرت كل ما لدي النظام الجديد من قدرات عسكرية وجوية استولي عليها من نظام (بشار الأسد) واحتلت جبل الشيخ بالكامل هضبة الجولان والجنوب السوري وأصبحت قواتها العسكرية تتموضع  على بعد 15 كيلو متر فقط عن العاصمة دمشق وبالتالي رسمت حدود جديدة مع سوريا قاضمة بذلك أراضي واسعة من الدولة السورية . قصفت اسرائيل طهران وطالت المنشآت النووية وضربت العديد من المواقع الاستراتيجية والمطارات والمصانع و محطات توليد الكهرباء واغتالت العشرات من قيادات الحرس الثوري والاستخبارات الإيرانية والجيش الإيراني ولم تكترث للهجمات الصاروخية الإيرانية على مدنها والتي اعتبرتها لا شيء مقابل ما حققته بالقوة العسكرية مع حليفتها الاستراتيجية الولايات المتحدة التي كانت لها الضربة الأخيرة المدمرة على المفاعلات النووية الإيرانية قبل ان يعلن ترمب وقف اطلاق النار  .قصفت صنعاء باليمن ودمرت العديد من الموانئ والمواقع واغتالت رئيس حكومة اليمنية والعديد من الوزراء في حكومة الحوثيين دفعة واحدة. كل هذا كان سببا بحدوث نشوة قوة لدي اسرائيل وشعورها بانها اليوم أقوى دولة في المنطقة أحدثت حالة ردع لم تكن تحلم بها لولا حرب الإبادة في غزة وصمت العالم على حرب التجويع والتدمير والتطهير العرقي.

الجميع كان يصدق الرواية الإسرائيلية بانها تضرب ازرع ايران وتحارب الإرهاب وتريد ان تفكك جبهات قالت المقاومة عنها بانها جبهات عمل موحد تحت مسمي " وحدة الساحات" , بالفعل نالت إسرائيل منها جميعا وحيدتها عن اسناد الفلسطينيين في غزة واصبحت غزة تواجه الموت والدمار وحدها فقد اكتفي حزب الله بما قدمه للفلسطينيين مقابل خسارته لقياداته وعناصره الذين اغتيلوا بالألاف في موجة تفجيرات البيجورات ولم يحرك ساكنا والان هو في الطريق لتسليم سلاحه الثقيل والخفيف للجيش اللبناني وحتي ان لم يسلم سلاحه فاعتقد انه يحتاج الي سنوات ليعيد بناء ذاته وهذا قد لا يسمح له من قبل الحكومة اللبنانية في الوقت الحالي او حتي المستقبل  لان لبنان يريد ان يحافظ على سيادته من أي تدخل خارجي او داخلي بحسب تقديري ويريد ان يتعافى من حالة الحرب الطويلة التي دمرت الكثير من قدراته السيادية. اليوم لا اعرف كيف يصدق العالم ما قامت به اسرائيل بقصف الدوحة العاصمة القطرية والاعتداء على سيادتها  بالرغم من وجود اكبر قاعده عسكرية أمريكية فيها وهي قاعدة "العديد" ما يعني انها ولاية امريكية اخري وقصفت الدوحة تحت ذريعة اغتيال قيادات حركة حماس وهم في اجتماع لمناقشة مقترح امريكي كان قد قدم لهم عبر وسيط سلام امريكي إسرائيلي وهو " غير شون باسكين" ما يعني عدم تبرئة أمريكا بالتغطية والتضليل لتنفذ إسرائيل اغتيالها لقادة حماس , اليوم لا اعرف كيف تبرر إسرائيل والولايات المتحدة هذا الحادث وخاصة ان قطر هي اكبر حليف استراتيجي اخر في المنطقة العربية لأمريكا ويوجد بها اكبر قاعدة أمريكية عسكرية في منطقة الخليج وهي دولة مسالمة وداعية للسلام والاستقرار ودولة فوق كل هذا وسيطة عملت بوساطة نزيهة على مدار اكثر من 15 عام بين حماس وإسرائيل واستمرت في احتضان جولات المفاوضات  طوال فترة الحرب بهدف  التوصل لاتفاق صفقة من شانها ان تعيد الاسري الإسرائيليين من غزة وتنهي حالة الحرب والابادة  والدمار الشامل الذي يحدث في غزة وتوقف في ذات الوقت سيناريو تبرمج له إسرائيل بتهجير واسع للفلسطينيين خارج غزة.

حالة النشوة التي وصلت اليها اسرائيل بعد كل هذا الردع الذي احدثته في المنطقة وبعد التغير الجيوسياسي للعديد من المناطق والدول والعواصم اعتبر ان كل هذا قاد إسرائيل لمزيد من الجنون والتهور بالتطاول من جديد على عاصمة عربية غير ابه بسادة أي دول او معاهدات او تفاهمات ولا آبه بالقانون الدولي الذي لا يساوي الا صفر في معادلة الوجود والهيمنة الإسرائيلية في المنطقة ,فقامت بقصف عاصمة قطر الدوحة تحت زريعة اغتيال قيادات حركة حماس السياسية هناك وهم مجتمعون لمناقشة مقترح امريكي قال عنه (ترمب)" انه مقترح الفرصة الأخيرة قبل ان تواجه حماس امرا صعبا"  وقد كان ترمب ارسل هذا المقترح عبر وسيط وناشط سلام امريكي إسرائيلي واثناء اجتماع الوفد المفاوض وجهت إسرائيل عشرة طائرات حربية لتقصف بالصواريخ المبني الذي يجتمعون فيه بالدوحة الا ان محاولة الاغتيال فشلت ولم تقضي إسرائيل على أي منهم أعضاء وفد حماس , لا نعرف ان كان هو الحظ او القدر الإلهي او التخطيط البشرى..! بالضب الذي افشل عملية الاغتيال ؟ . تعرف إسرائيل ان عملية كهذه قد تعني خسارة على المستوي العربي والدولي وخسارة استراتيجية مع قطر وكامل دول العالم العربي على مدار سنوات وخاصة ان قطر دولة خليجية وسيطة تسعي منذ سنوات لحالة استقرارا وهدوء متواصلة وطويلة الأمد بين إسرائيل وحماس باعتبارها دولة مقربة من حماس وتربطها بإسرائيل روابط لا نقول عنها سوي انها روابط لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

ان ها التهور والجنون يكشف ما يجول بخاطر اسرائيل من عدم رغبتها للتوصل لاي اتفاق يعيد اسراها لدي حماس في غزة ولا يوقف حالة الحرب وخاصة ان إسرائيل اليوم تدفع بخمسة فرق عسكرية لتحاصر مدينة غزة وتهدم ابراجها ومبانيها وتخليها بالنار تهيئة لاحتلالها بذريعة ادعاء بانها الملجأ الأخير لحماس في القطاع والذي سيجبرها على إطلاق سراح الاسري الإسرائيليين بلا ثمن وهذا الجنون يعني انها غير آبه بسيادة الدولة ولا باي علاقات سياسية او تفاهمات وغير مكترثة بمستقبل وجودها الذي تعتبر نفسها ضمنه بالقوة العسكرية وردع المنطقة. ان خسارتها لقطر كدول حليفة وخسارتها لوساطتها يعني انها لم تعد ترغب في أي مفاوضات ولا أي حلول دبلوماسية للحرب في غزة وما في راسها هو فقط الحلول العسكرية واستكمال النشوة التي تعتبرها تحقق لها قدرة على  تغير الخارطة الجيوسياسية في المنطقة العربية  وتعتبر ان نشوتها ما تزال في اوجها ما يتطلب استكمالها والحفاظ على تفوقها  بتفكيك السلطة الفلسطينية وتحويلها لحكم بلديات ليس اكثر للقضاء على الهوية السياسية الفلسطينية وفي ذات الوقت تهجير اكبر عدد ممكن من الفلسطينيين وطردهم من ارضهم بغزة والضفة ولو تطلب الامر قصف عواصم عربية اخري كالقاهرة وتونس والرياض وعمان والاستغناء تماما عن كل اتفاقات السلام الموقعة مع الدول العربية مثل كامب ديفيد عام  1978 وعربة مع الأردن عام  1994 واتفاق ابرهام 2020 الذي وقعته مع الامارات العربية المتحدة والبحرين وانضمت اليه كل من المغرب والسودان.

Dr.hani_analysis @yahoo.com