هل تنقل الأمم المتحدة جلسات القضية الفلسطينية إلى جنيف بعد منع عباس من دخول أمريكا؟
جنيف – أضواء
في خطوة غير مسبوقة منذ عقود، أعلنت الأمم المتحدة عن نقل جلسات الجمعية العامة الخاصة بالقضية الفلسطينية من مقرها الدائم في نيويورك إلى مدينة جنيف السويسرية، وذلك بعد رفض السلطات الأمريكية منح الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ووفده المرافق تأشيرات دخول للمشاركة في الاجتماعات الأممية. هذا القرار أعاد إلى الأذهان أزمة عام 1988 عندما منعت واشنطن الرئيس الراحل ياسر عرفات من دخول أراضيها، ما اضطر الجمعية العامة حينها لعقد جلساتها في جنيف.
لماذا تم نقل الجلسات؟
الولايات المتحدة بصفتها الدولة المضيفة لمقر الأمم المتحدة ملتزمة باتفاقية المقر الموقعة عام 1947، والتي تفرض عليها منح تأشيرات لجميع الوفود الرسمية المشاركة في اجتماعات المنظمة الدولية دون استثناء. لكن رفضها دخول الرئيس الفلسطيني ووفده مثّل خرقًا واضحًا لهذه الالتزامات، الأمر الذي دفع الأمم المتحدة إلى اللجوء إلى خيار استثنائي، وهو نقل الجلسات إلى سويسرا، المعروفة بحيادها السياسي واحتضانها لمقر الأمم المتحدة في جنيف.
أبعاد سياسية وتاريخية
هذا التطور لا يحمل أبعادًا لوجستية فحسب، بل يتعداها إلى رسائل سياسية عميقة:
- إعادة إنتاج مشهد تاريخي يعكس إصرار الأمم المتحدة على حماية شرعيتها واستقلاليتها عن أي ضغوط خارجية.
- توجيه رسالة إلى الولايات المتحدة بأن دورها كدولة مضيفة لا يمنحها الحق في التحكم بمشاركة الوفود الشرعية.
- إبراز مكانة سويسرا كعاصمة محايدة للدبلوماسية العالمية ومركز بديل للنقاشات الحساسة.
- تعزيز الحضور الفلسطيني وإبراز مظلوميته أمام المجتمع الدولي، ما يكسب القضية الفلسطينية تعاطفًا إضافيًا.
أهمية الاعتراف بدولة فلسطين
يرى مراقبون أن هذه الأزمة تعكس الحاجة الماسة لتسريع الاعتراف الدولي الكامل بدولة فلسطين. فالقيادة الفلسطينية، رغم حصولها على صفة "دولة مراقب غير عضو" في الأمم المتحدة عام 2012، لا تزال تواجه عراقيل تحول دون ممارستها لكامل حقوقها السيادية داخل المنظمة الدولية. الاعتراف الرسمي والنهائي بفلسطين كعضو دائم سيمكنها من المشاركة دون قيود، ويقطع الطريق أمام محاولات عزلها أو منع قيادتها من الوصول إلى المنابر الدولية.
كما أن موجة الاعترافات المتزايدة من بعض الدول الأوروبية وأمريكا اللاتينية مؤخرًا تؤكد أن المجتمع الدولي بات أكثر استعدادًا للتعامل مع فلسطين كدولة كاملة الحقوق، خصوصًا بعد تصاعد الأزمات في غزة والضفة الغربية، وما رافقها من تحولات في الرأي العام العالمي.
تصريح الأمين العام للأمم المتحدة
"الأمم المتحدة ليست أسيرة لأي دولة مضيفة. واجبنا أن نضمن مشاركة جميع أعضائنا في النقاشات الدولية بعدالة ودون استثناء. نقل الجلسات إلى جنيف يؤكد أن استقلالية المنظمة فوق أي ضغوط سياسية."
التحديات اللوجستية والأمنية
نقل جلسات الجمعية العامة من نيويورك إلى جنيف لم يكن قرارًا سهلاً من الناحية اللوجستية. فقد تطلب ترتيبات عاجلة شملت:
- إعادة جدولة مداخلات الوفود وإعادة توزيع القاعات.
- تأمين مقار الإقامة والبعثات الدبلوماسية في سويسرا خلال فترة الاجتماعات.
- تنسيق أمني مكثف مع السلطات السويسرية لضمان حماية الوفود المشاركة.
رغم هذه التحديات، أكدت الأمم المتحدة أن حماية حق الوفود في المشاركة أولوية تتقدم على أي اعتبارات أخرى.
انعكاسات القرار على القضية الفلسطينية
بالنسبة للفلسطينيين، فإن نقل الجلسات إلى جنيف يُعد انتصارًا سياسيًا ومعنويًا، إذ منح الرئيس عباس منصة بديلة لطرح الموقف الفلسطيني أمام المجتمع الدولي، وأظهر القيادة الفلسطينية كضحية لضغوط غير قانونية. كما عززت الخطوة من زخم الخطاب الفلسطيني الذي يربط بين الشرعية الدولية والاعتراف
