📁 آخر الأخبار

"سياسة التجويع كسلاح بيد الاحتلال في ظل صمت عربي ودولي صاخب"

"سياسة التجويع كسلاح بيد الاحتلال في ظل صمت عربي ودولي صاخب"

بقلم: دينا جربوع

منذ عقود، لم تكن سياسات الاحتلال الإسرائيلي تجاه الشعب الفلسطيني محصورة في القتل والتهجير فقط، بل تجاوزت ذلك إلى استخدام وسائل ممنهجة هدفها كسر إرادة الإنسان الفلسطيني، وتطويعه، أو دفعه إلى الاستسلام. ومن أخطر هذه الوسائل سياسة التجويع، التي تُمارس بشكل مباشر أو غير مباشر تحت غطاء الحصار، والسيطرة على الموارد، ومنع دخول المساعدات، واستهداف البنية الاقتصادية والمعيشية للمناطق الفلسطينية.

وإلى ذلك التجويع كسياسة ضغط

تتجلى سياسة التجويع في قطاع غزة بشكل صارخ، حيث يعاني أكثر من مليوني إنسان من انعدام الأمن الغذائي، نتيجة حصار خانق مستمر منذ أكثر من 17 عاماً، تُغلق فيه المعابر، وتُقيد فيه حركة البضائع، وتُمنع فيه أبسط المستلزمات الطبية والغذائية من الوصول إلى السكان.. كما تزايد هذا التعنت بشكل لا يحتمل ابان الحرب على غزة التي بدأت منذ اكتوبر 2023..إن استخدام الغذاء كسلاح في يد الاحتلال يهدف إلى إخضاع المدنيين عبر الضغط على احتياجاتهم الأساسية، وهو انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.

بل إن

الأشد فتكًا من سياسة الاحتلال، هو الصمت العربي والعالمي، الذي يصل في كثير من الأحيان إلى حد التواطؤ. فالدول العربية لم تتجاوز بيانات الشجب والإدانة، بينما تغض قوى كبرى في العالم الطرف عن هذه الانتهاكات، إن لم تكن شريكًا في استمرارها عبر الدعم السياسي والعسكري للاحتلال. إن السكوت عن سياسة التجويع يفتح الباب أمام شرعنة جرائم الحرب، ويُظهر خللاً عميقًا في منظومة العدالة الدولية

سياسة التجويع لا تُهدد فقط أرواح الأبرياء، بل تزرع بذور الغضب واليأس، وتُغذي دوائر العنف والتطرف. كما أنها تُسهم في تحطيم نسيج المجتمع الفلسطيني، وتعيق أي جهود حقيقية لبناء سلام عادل. إن ما يحدث اليوم ليس مجرد أزمة إنسانية، بل هو تجلٍ لسلاح سياسي يُستخدم لإبادة الروح المقاومة للشعب الفلسطيني.

وقد جاء متأخراً الموقف الأوروبي والذي لاحظناه من خلال التصريحات التي صدرت عن بعض الدول الاوروبية واكبرها فرنسا وكذلك الموقف البريطاني الذين اصبحوا يؤمنوا بضرورة ايجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية باقامة دولة فلسطينية ودون ذلك لن يتوقف أو ينتهي الصراع في المنطقة.

في ظل هذا الصمت، تقع المسؤولية الأخلاقية على الشعوب الحرة والضمائر الحية في العالم لكسر حاجز الصمت، والضغط على حكوماتها لوقف هذه الجريمة المنظمة. فالتجويع لا يجب أن يُرى كأداة حرب، بل كجريمة ضد الإنسانية تستوجب المحاسبة، لا التبرير.