أبو محمّد الجولاني أمّا اسمهُ الحقيقيّ فهوَ أحمد حسين الشرع، هو القائد الأعلى لهيئة تحرير الشام المُسلّحة التي تنشطُ في الحرب الأهلية. وكان أيضًا أميرَ جبهة النصرة – قبل أن تُغيّر اسمها – التي تُعدّ الفرع السوري لتنظيم القاعدة. صنّفت وزارة الخارجية الأمريكية الجولاني على أنه «إرهابي عالمي» في أيّار/مايو 2013، وبعد ذلك بأربع سنوات؛ أعلنت عن مكافأةٍ قدرها 10 ملايين دولار لكل من يُدلي بمعلومات تؤدّي إلى القبض عليه.
كم تبلغ قوة الجولاني العسكري
حوالي 31 الف مقاتل
هيئة تحرير الشام وتُعرف أحيانًا باسم تنظيم تحرير الشام، هيَ جماعة سلفية جهادية ما زالت تُشارك في الحرب الأهلية السورية. تشكلت المجموعة في 28 كانون الثاني/يناير 2017 من خلال اندماج كل من جبهة فتح الشام (كانت تُعرف بجبهة النصرة سابقًا) وجبهة أنصار الدين ثم جيش السنة ولواء الحق وكذا حركة نور الدين الزنكي. بُعيدَ إعلان التأسيس؛ انضمت مجموعة منَ الجماعات الأخرى للهيئة كما انضمّ لها عددٌ من الأفراد والمُقاتلين من سوريا وخارجها. بالرغم من كل هذا الاندماج فإنّ الهيئة تتكوّن من عناصر في جبهة النُصرة بالخصوص حيث يُسيطر قادة هذه الجبهة المُنحلّة على أبرز المراكز في الهيئة. اتسعت رقعة هذه الهيئة وتضاعفت قوتها حتّى صارت لاعبًا رئيسيًا في النزاع في سوريا خاصّةً بعدما انضمّ لها عناصر من حركة أحرار الشام التي تُعد جماعة سلفية أيضًا لكنها أقلَّ تشددًا من نظيراتها. في الوقت الحالي؛ لا زالَ الكثير من المحللين والإعلاميين يُشيرون إلى الهيئة باسم جبهة النصرة أو حتّى هيئة فتح الشام.
2004 وظل قيد الاعتقال حتى الشهور الأولى من 2010، ما منعه من تولي منصب قيادي
منح الغزو الأمريكي على العراق عام 2003 فرصة للجولاني لإظهار نفسه ليثبت أنه يشبه أسامة بن لادن، فقد حاكى طريقة ملابسه وحديثه، كانت فرصة أيضًا لتمييز نفسه عن والده الذي أحب أن يستغرق في ذكرياته عن العراق.
بمعنى آخر، حاول الابن فعل ما لم يفعله والده، فلن يشاهد الأخبار ببساطة ويحلل الأخطاء التي وقعت كمراقب خارجي، لقد قرر أن يكون في عين العاصفة، وذلك بنبذ القومية العربية التي قضى والده عمرًا كاملًا في الترويج لها لمواجهة ما اعتبره قومية وطائفية مفلسة فكريًا، باختصار، لقد طورّ إيدولوجية مبسطة قادرة على تعبئة الجهاديين والمتمردين الآخرين في وقت الحرب.
في عام 2003، وبدعم من الشبكات الجهادية اللوجيستية في سوريا، انتقل الجولاني إلى العراق حيث انضم إلى سرايا المجاهدين وهي جماعة جهادية صغيرة لكنها سيئة السمعة نشطت في مدينة الموصل الكبرى، أقسمت سرايا المجاهدين بالولاء لأبو مصعب الزرقاوي بعد أن أسس جناحًا للقاعدة في العراق عام 2004 الذي أصبح لاحقًا الدولة الإسلامية “داعش”.
قُبض على الجولاني في وقت مبكر أواخر 2004 وظل قيد الاعتقال حتى الشهور الأولى من 2010، ما منعه من تولي منصب قيادي، لكن وفقًا لأبحاثنا ومقابلاتنا فقد نجح للغاية في التكيف مع المجتمعات المحلية في العراق وعاداتهم ولهجاتهم خاصة في الموصل.
الانخراط في سوريا منح الجولاني فرصة للظهور من بين الحشود وإثبات قدرته على صنع التغيير
ربما يفسر ذلك لماذا وُضع في سجن بوكا – مركز احتجاز للجيش الأمريكي سيئ السمعة بالقرب من مدينة أم قصر في العراق – بخلاف بقية المجاهدين الأجانب، فقد كان يحمل هويةً عراقيةً مزيفةً وتمكن من إقناع لجنة التفتيش الأمريكية – المكونة من مقاولين عراقيين – أنه مواطن عراقي.
رفع الرتب
في أثناء اعتقاله، أسس الجولاني علاقات وثيقة مع مختلف الجهاديين العراقيين الذين سيصبحون بعد ذلك قادة رئيسيين في داعش، بعد إطلاق سراحه استفاد بشكل كبير من تلك العلاقات، ما رفع رتبته داخل داعش بينما ينتظر اللحظة المناسبة لتحقيق هدفه طويل المدى.
في منتصف مارس/آذار 2011 – بعد فترة قصيرة من إطلاق سراحه – اندلعت الثورة في سوريا، في البداية كانت الثورة سلمية لكنها تطورت لصراع مسلح، ما وفر فرصة ذهبية للجولاني وأبو بكر البغدادي.
الانخراط في سوريا منح الجولاني فرصة للظهور من بين الحشود وإثبات قدرته على صنع التغيير، كما مكّن البغدادي من إحياء تنظيمه المضمحل والتوسع خارج الروافد المجهولة لصحراء العراق.
في هذا السياق أعلن الجولاني تشكيل جبهة النصرة في يناير/كانون الثاني 2012، وباتفاق سابق بين الجولاني والبغدادي، أعُلن تشكيل جبهة النصرة دون كشف علاقتها التنظيمية بداعش، كانوا قلقين من تكرار فشل الماضي وسعوا لتجنب الوقوع المبكر في القائمة السوداء للولايات المتحدة والقوى الأجنبية الأخرى.
في أغسطس/آب 2011، عبر الجولاني الحدود إلى سوريا رفقة مجموعة صغيرة من الجهاديين العراقيين والسوريين، وجلبوا معهم 60 بندقية آلية فقط، خططوا لتسليمها للخلايا الجهادية النائمة في مختلف المحافظات السورية، كانت هذه الصفحة الأولى من فصل طويل لم ينته بعد للنشاط الجهادي في سوريا، الذي أصبح فيه الجولاني تدريجيًا شخصية مركزية مثيرة للجدل.
المصدر: ميدل إيست آي