أخر الاخبار

القصة الحقيقية لمسلسل "السقوط في بئر سبع" #الساقطة إنشراح علي مرسي

القصة الحقيقية لمسلسل "السقوط في بئر سبع"

#الساقطة إنشراح علي مرسي #الحلقة_3

كتب/خطاب معوض خطاب



مسلسل "السقوط في بئر سبع" يعد واحدا من مسلسلات الجاسوسية التي عرضت على شاشة التليفزيون المصري وحظت بمتابعة الكثيرين، وعرض الملسبسل لأول مرة في يوم 1 مارس سنة 1995، وقام ببطولته سعيد صالح وإسعاد يونس وأبو بكر عزت وعبد الرحمن أبو زهرة ورشوان توفيق وحنان ترك وطارق الدسوقي وإنعام سالوسة ونبيل الدسوقي وغيرهم من نجوم الفن، وأخرج المسلسل نور الدمرداش وكتب له السيناريو والحوار سامي غنيم عن رواية "إبراهيم وإنشراح التي كتبها عبد الرحمن فهمي، وبإذن الله تعالى سوف ننشر هنا القصة الحقيقية للمسلسل في سبع حلقات متتالية.


"3"


      اعتاد الجاسوس إبراهيم شاهين أن يصطحب أسرته معه في رحلات للعديد من الأماكن السياحية بسيارته الجديدة طراز فيات 124، حيث اصطحبهم مرة معه إلى محافظة الأسكندرية في رحلة سريعة، كما أنه قام باصطحابهم أيضا في رحلة طويلة لزيارة المعالم السياحية في كل من الأقصر وأسوان، وفي حقيقة الأمر لم تكن جميع رحلات إبراهيم شاهين تلك بغرض التنزه أو التسرية عن أسرته فقط، بقدر ما كانت هذه الرحلات لممارسة عمله هو وزوجته في الجاسوسية، حيث كان يذهب بصحبة أسرته إلى المتنزهات والأماكن السياحية القريبة من القواعد العسكرية، وبينما كان الأولاد يلعبون ويمرحون تدعي زوجته أنها تقوم بتصويرهم بينما تقوم في حقيقة الأمر بتصوير القواعد العسكرية، فقد كان الزوجان الجاسوسان يستغلان وجود أولادهما معهما كغطاء وساتر لهما ليقوما بممارسة أعمال الجاسوسية.


     ولكن كان المثير للدهشة بالفعل والذي لم يفعله أي جاسوس في العالم من قبل، هو ما فعله إبراهيم شاهين بعد عودته من إحدى زياراته لروما في أحد أيام صيف سنة 1971، وذلك أنه جمع زوجته وأولادهما الثلاثة "نبيل ومحمد وعادل" حوله يوما ووجه حديثه إليهم: "لقد عشت أنا وأمكم هذه أياما مريرة ومررنا بظروف سيئة، ولم نكن نمتلك حتى ثمن رغيف الخبز أو حفنة من الملح، والآن وكما ترون أصبحنا نعيش نحن وأنتم في نعيم مقيم، وكما ترون حولنا كثير من الشباب في مثل أعماركم ولكنهم يعانون حاليا مما كنا نعاني منه سابقا، في الوقت الذي تعيشون فيه أنتم عيشة أبناء الملوك، ولن أخفي عليكم شيئا، فعملي الحكومي وتجارتي لم يكونا ليوفرا لنا أو لكم هذه العيشة أبدا، والفضل فيما وصلنا إليه حاليا يعود فقط لأصدقائنا الذين ساعدونا ووقفوا بجانبنا وأنقذونا من الضياع، إن الفضل فيما نحن فيه يعود فقط لأصدقائنا الإسرائيليين وحدهم، فهم الذين أمنوا لنا مستقبلا مضمونا يحسدنا عليه الجميع".


      ومع أن الأولاد كانوا صبية في ذلك الوقت، ولم يستوعبوا معظم ما قاله لهم والدهم، إلا أنهم عاهدوا والديهم أن يتعاونوا معهما في خدمة أصدقائهم الإسرائيليين، وأن يقوموا بجمع كل المعلومات التي تضمن لهم استمرار تدفق الدولارات عليهم، وهكذا ولأول مرة في التاريخ تكونت شبكة جاسوسية من أسرة كاملة تضم الزوج والزوجة وأبناءهما الثلاثة، وبفضل الأموال التي كانت تتدفق عليهم انتقلت أسرة الجواسيس للإقامة بفيلا فاخرة في حي مدينة نصر، ونقل إبراهيم وإنشراح أولادهما إلى مدارس جديدة داخل هذا الحي الراقي، ومع احتفاظه بصداقاته القديمة قام إبراهيم شاهين بعقد صداقات جديدة في هذا الحي الراقي الذي أصبح يعيش فيه، وكثيرا ما كان يقيم حفلات صاخبة يدعو إليها أصدقاءه القدامى والجدد.


     وبينما كانت الفيلا تمتلئ بأصدقاء الأسرة من علية القوم ومن رجال الجيش والطيارين الذين يسكنون في الحي الراقي، كان أبناء إبراهيم وإنشراح يتنافسون ويتسابقون فيما بينهم في جمع الكثير من  المعلومات من زملائهم أبناء أصدقاء الأسرة وغيرهم في المدرسة والشارع، وذات يوم مرض إبراهيم شاهين مرضا شديدا، وزادت عليه حدة المرض، لدرجة أنه أصبح مقصرا مع زوجته في أداء واجباته الزوجية، وزادت عليه وطأة المرض بعدما شاهد بعينيه وسمع بأذنيه في نشرة الأخبار المذاعة بالتليفزيون أن السلطات المصرية قامت بإلقاء القبض على أحد الجواسيس، وعلم أنه يجري استجواب هذا الجاسوس والتحقيق معه، ووقتها انشغلت الأسرة كلها بهذا الأمر ولم يعد لهم جميعا حديث غيره، ونتيجة للخوف الذي سيطر على الأسرة كلها، فقد انتوى الجاسوس إبراهيم شاهين أمرا، حيث اقترح على زوجته أن تقوم هي بالسفر إلى روما لمقابلة رجال الموساد، وأن تقوم بإخبارهم بأنها وزوجها قد قررا اعتزال العمل بالجاسوسية، فهل تصدق عائلة الجواسيس في نيتها وتعتزل العمل بالجاسوسية، هذا ما سوف نعرفه في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى، فانتظرونا.


المصادر:

1_كتاب "أشهر وأخطر الجواسيس عبر العصور" محمود عبد الله.

2_كتاب "كل شيء هادئ في تل أبيب" حسني أبو اليزيد.

3_برنامج النادي الدولي.. حوار سمير صبري مع الجاسوسة.

4_كتاب "جواسيس الموساد العرب" فريد الفالوجي.

5_جريدة الأهرام العدد الصادر يوم 5 أكتوبر 1974.

6_فيديو من قناة رافي بن ديفيد على اليوتيوب.


#إعادة_نشر

نشر للمرة الأولى في شهر سبتمبر سنة 2019.

القصة الحقيقية لمسلسل "السقوط في بئر سبع"

#الساقطة إنشراح علي مرسي #الحلقة_1

كتب/خطاب معوض خطاب

مسلسل "السقوط في بئر سبع" يعد واحدا من مسلسلات الجاسوسية التي عرضت على شاشة التليفزيون المصري وحظت بمتابعة الكثيرين، وعرض الملسلسل لأول مرة في يوم 1 مارس سنة 1995، وقام ببطولته سعيد صالح وإسعاد يونس وأبو بكر عزت وعبد الرحمن أبو زهرة ورشوان توفيق وحنان ترك وطارق الدسوقي وإنعام سالوسة ونبيل الدسوقي وغيرهم من نجوم الفن، وأخرج المسلسل نور الدمرداش وكتب له السيناريو والحوار سامي غنيم عن رواية "إبراهيم وإنشراح التي كتبها عبد الرحمن فهمي، وبإذن الله تعالى سوف ننشر هنا القصة الحقيقية للمسلسل في سبع حلقات متتالية.


"1"

     يزعم اليهود ويدعون أنهم هم شعب الله المختار ويؤمنون بأن جميع شعوب الأرض دونهم ولا يساووهم، فهم يظنون أنهم فوق البشر جميعا، هذه هي قناعاتهم وعقيدتهم وإيمانهم، ومنذ ظهور اليهود في العصر الحديث في الأراضي العربية، وهم لا يتوانون لحظة عن ممارسة عقيدتهم التي طرحناها، والتي يؤمنون انها نابعة من كتابهم المقدس، ولذلك فهم يحاولون وبكل السبل والوسائل والأسلحة المتاحة أمامهم، أن يركبوا ظهور العرب ويمتصوا دماءهم ويحرقوا أخضرهم ويلوثوا طاهرهم ويهدموا عامرهم، وتعد الجاسوسية واحدة من أقذر الوسائل والأسلحة التي استخدمها ويستخدمها اليهود في إسرائيل لتنفيذ مخططاتهم حسب عقيدتهم وإيمانهم، ولذلك فقد شرعوا في تجنيد الجواسيس من مختلف الدول العربية واستخدموهم للعمل لحسابهم حتى يخترقونا من الداخل، وفي نفس الوقت كانت أجهزة المخابرات لدينا تستخدم نفس الأسلوب وتجند وتزرع الجواسيس داخل هذا الكيان المعادي.


     وخلال الصراع العربي الإسرائيلي الذي استمر عبر عشرات السنين، تم استخدام العديد من الجواسيس من كلا الجانبين، ومن أشهر الجواسيس الذين استخدمهم جهاز المخابرات المصرية وزرعهم داخل الكيان الصهيوني رفعت الجمال الشهير باسم رأفت الهجان الذي ادعت إسرائيل بعد ذلك أنه كان عميلا مزدوجا، وعمرو طلبة الذي تم تجسيد شخصيته من خلال المسلسل التليفزيوني الشهير "العميل 1001"، وأحمد الهوان الشهير باسم جمعة الشوان الذي جندته المخابرات الإسرائيلية وسارعت المخابرات المصرية بالتعامل معه وجعلته عميلا مزدوجا ضللت به المخابرات الإسرائيلية، وعن طريقه حصلت مصر على جهاز من أحدث أجهزة التجسس العالمية، واستخدم الموساد عددا من الجواسيس العرب قام بتجنيدهم لحسابه، ولعلنا نذكر الجاسوسة هبة سليم التي تم تجسيد شخصيتها في فيلم "الصعود إلى الهاوية"، كما قام الموساد بتجنيد فلسطيني مصري الجنسية يدعى إبراهيم شاهين الذي جند زوجته المصرية إنشراح علي مرسي للعمل معه، والغريب أن الزوجة التي سقطت في مستنقع الجاسوسية قد جندت أولادها الثلاثة للعمل كجواسيس معها هي وزوجها الفلسطيني الأصل.


     وتبدأ قصة إنشراح علي مرسي ورحلة سقوطها في مستنقع الجاسوسية سنة 1951، وذلك بعدما حصلت على شهادة الاعدادية، وأراد والدها أن يكافأها على نجاحها فاصطحبها معه لحضور حفل زفاف أحد أقاربه في القاهرة، وكانت هذه المرة هي الأولى التي تغادر فيها قريتها بالمنيا في صعيد مصر، وفي حفل الزفاف نجحت هذه الصبية والتي لم تكمل عامها الخامس عشر _رغم بساطتها ورقة حال أسرتها_ في لفت انتباه جميع الحاضرين، بسبب جمالها الملحوظ وجسدها الذي بدت عليه معالم الأنوثة الطاغية رغم صغر سنها، حيث بدت لمن يراها أكبر من سنها كثيرا، ويومها التقت فتاها الذي حرك فيها مشاعر الأنثى الكامنة، إنه إبراهيم سعيد شاهين الفلسطيني الأصل المصري الجنسية والمقيم بمدينة العريش، والذي لم يغادر الحفل يومها إلا وقد عرف عنها كل شيء، وبعد مرور أيام معدودة اصطحب إبراهيم أهله معه، وسافر إلى بلدة إنشراح لخطبتها والزواج منها، وهو ما تم بالفعل رغم اعتراض والدتها على الزواج في البداية بحجة بعد المسافة بين المنيا والعريش.


     وهكذا تزوجت إنشراح الصبية الصغيرة التي لم تكمل الخامسة عشرة من عمرها، وتركت بلدتها الصغيرة وانتقلت للإقامة مع زوجها إبراهيم الذي كان يعمل كاتبا للحسابات بمكتب مديرية العمل في العريش، وبسبب بعد المسافة بين المنيا والعريش فقد كادت صلتها بأهلها تنقطع، وأصبح زوجها في نظرها هو كل ما لها في الدنيا، ولأنه كان أول رجل تفتحت عليه عيناها فقد بثته كل عواطفها، ونذرت نفسها لإسعاده وخدمته والسعي لراحته، ولأن الزوجين كانا قد اكتفيا من التعليم بالحصول على الشهادة الإعدادية فقط، فقد تعاهدا إن رزقهما الله بأبناء أن يعملا جاهدين ليواصل أبناؤهما تعليمهم حتى يحصلوا على أعلى الشهادات التعليمية، وأصبح هذا الهدف هو هدفهما الوحيد في الحياة يسعيان ويعملان على تحقيقه مهما كانت الظروف والمعوقات التي تواجههما.


     وتمر الأيام والشهور والسنوات بالزوجين السعيدين إبراهيم وإنشراح وتزداد فرحتهما بقدوم ولدهما الأول نبيل في سنة 1955، ثم قدوم ولدهما الثاني محمد في سنة 1956، وقدوم ولدهما الثالث عادل في سنة 1958، وتعاهد الزوجان على أن يرسلا أبناءهما للدراسة في القاهرة حيث الحال هناك أفضل من العريش من كل الجوانب، وبالفعل في سنة 1963 أرسلا أولادهما إلى عمهم المقيم بالقاهرة، ليدرسوا هناك بعيدا عن مظاهر البداوة وظروف الحياة الأقل حظا في العريش، وسعى إبراهيم بكل الطرق لتوفير الأموال التي تحتاجها أسرته، حيث كان ملزما بالإنفاق على تعليم أولاده بالقاهرة، لكي لا يكونوا عبئا على عمهم الذي يقيمون عنده، كما أنه كان قد عود زوجته على مستوى عال من المعيشة، ولا يريد أن يشعرها بأي تقصير، ولذلك فقد سلك طرقا غير مشروعة، وأصبح يتلقى الرشاوى من المواطنين ليخلص لهم أعمالهم، وهكذا أصبح المال متوفرا لديه بكثرة، وعاش في سعادة مع زوجته إنشراح، وهو يرى أحلامهما وهي توشك أن تتحقق.


     ولكن حدث في أكتوبر سنة 1966 أن تم ضبط إبراهيم وهو يتلقى رشوة، وبعد محاكمة سريعة تم الحكم عليه بالسجن وقضاء 3 شهور خلف القضبان، وقد عانت زوجته إنشراح كثيرا خلال هذه الشهور الثلاثة ماديا ومعنويا، وبعد انقضاء الشهور الثلاثة خرج إبراهيم ليعاني مما أوصل نفسه إليه، وأصبح يرى أحلامه وآماله نحو الارتقاء والثراء تكاد تتحطم أمام عينيه وهو عاجز عن التصرف، وما زاد الطين بلة والمرارة علقما هو ما حدث في يوم 5 يونيو سنة 1967، حيث اجتاحت القوات الاسرائيلية سيناء واحتلتها، وهو ما أدى إلى غلق جميع الأبواب أمام الزوج إبراهيم، حيث أصبح عاطلا عن العمل بعد الاحتلال الإسرائيلي لسيناء بسبب توقف العمل بمكتب مديرية العمل بالعريش، وأصبح غير قادر على كسب مال يتعيش منه هو وزوجته، أو يرسل منه لتعليم أولاده بالقاهرة، كما أن طريق العريش القاهرة قد أغلق، وأصبحت العريش كلها تحت الحكم العسكري الإسرائيلي، مما كان سببا في عدم مقدرته على السفر للاطمئنان على أولاده بالقاهرة.


     وهكذا كان وقع الاحتلال الإسرائيلي لسيناء كالصاعقة على رؤوس أهلها جميعا، فقد اختنقت نفوسهم وضاقت عليهم أرضهم المحتلة رغم اتساعها، كما ضيق عليهم الاحتلال الخناق من كل جانب في المعيشة والتنقل، وأصبح على من يرغب في السفر أن يستخرج تصريحا من الحاكم العسكري الإسرائيلي، وهو ما كان أشبه بالمستحيل ويحتاج إلى معجزة لتحقيقه، وسعيا وراء تحقيق المعجزة وتحطيم المستحيل فقد حدث في أحد الأيام أن توجه إبراهيم إلى مكتب الحاكم العسكري الإسرائيلي لسيناء ليطلب منه تصريحا له ولزوجته الملتاعة والملهوفة على أولادها بالسفر إلى القاهرة للاطمئنان عليهم، ولكن هل يتحقق له ذلك؟ وهل يستجيب الحاكم العسكري الإسرائيلي لطلبه؟ هذا ما سوف نعرفه غدا في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى، فانتظرونا.


ملحوظة:

عدد كبير من المصادر يذكر أن هذه الجاسوسة اسمها إنشراح علي موسى، ولكن الفيديو الشهير لها مع الفنان سمير صبري في برنامج "النادي الدولي" يوضح أن ما تذكره هذه المصادر خطأ، حيث خاطبها الفنان سمير صبري مرتين باسم إنشراح علي مرسي، كما أن ابنها عادل شاهين أو رافي بن ديفيد قد ظهر في عدد كبير من الفيديوهات على قناته على اليوتيوب يذكر فيها أنه ابن الجاسوسة المصرية إنشراح علي مرسي.


المصادر:

1_كتاب "أشهر وأخطر الجواسيس عبر العصور" محمود عبد الله.

2_كتاب "كل شيء هادئ في تل أبيب" حسني أبو اليزيد.

3_برنامج النادي الدولي.. حوار سمير صبري مع الجاسوسة.

4_كتاب "جواسيس الموساد العرب" فريد الفالوجي.

5_جريدة الأهرام العدد الصادر يوم 5 أكتوبر 1974.

6_فيديو من قناة رافي بن ديفيد على اليوتيوب.


#إعادة_نشر

نشر للمرة الأولى في شهر سبتمبر سنة 2019.

 القصة الحقيقية لمسلسل "السقوط في بئر سبع"

#الساقطة إنشراح علي مرسي #الحلقة_2

كتب/خطاب معوض خطاب

مسلسل "السقوط في بئر سبع" يعد واحدا من مسلسلات الجاسوسية التي عرضت على شاشة التليفزيون المصري وحظت بمتابعة الكثيرين، وعرض الملسبسل لأول مرة في يوم 1 مارس سنة 1995، وقام ببطولته سعيد صالح وإسعاد يونس وأبو بكر عزت وعبد الرحمن أبو زهرة ورشوان توفيق وحنان ترك وطارق الدسوقي وإنعام سالوسة ونبيل الدسوقي وغيرهم من نجوم الفن، وأخرج المسلسل نور الدمرداش وكتب له السيناريو والحوار سامي غنيم عن رواية "إبراهيم وإنشراح التي كتبها عبد الرحمن فهمي، وبإذن الله تعالى سوف ننشر هنا القصة الحقيقية للمسلسل في سبع حلقات متتالية.


"2"

     دخل إبراهيم شاهين مكتب الحاكم العسكري الإسرائيلي لسيناء ليطلب منه تصريحا له ولزوجته للسفر إلى القاهرة، وهناك داخل المكتب التقى ابراهيم ضابطا يدعى "أبو نعيم"، وبعد توسلات عديدة من جانب إبراهيم شاهين ومماطلات ومراوغات من جانب "أبو نعيم" صرخ إبراهيم في وجه الضابط الإسرائيلي قائلا إنه أصبح بلا دخل حاليا، ولا يملك حتى قوت يومه بعدما فقد عمله، ثم يأتون هم ويمنعونه من الذهاب للاطمئنان على أولاده بالقاهرة، وعندها وعده الضابط الإسرائيلي بالنظر في أمره في أسرع وقت، ثم أمر بمنحه جوالا من الدقيق وبعضا من أكياس الشاي والسكر.


     وانطلق إبراهيم فرحا بالمنحة التموينية الإسرائيلية إلى زوجته حاملا لها البشرى بقرب السفر إلى القاهرة، ثم تكررت بعدها زيارات إبراهيم شاهين لمكتب الحاكم العسكري الإسرائيلي لطلب التصريح له ولزوجته بالسفر إلى القاهرة، ورغم فشله كل مرة في الحصول على التصريح المنشود إلا أنه في كل مرة كان يعود محملا بالمواد التموينية، والتي أصبحت هي المصدر الوحيد لإعاشته هو وزوجته.


     وذات يوم فوجئ إبراهيم شاهين بمكتب الحاكم العسكري الإسرائيلي يستدعيه، فذهب إليه مهرولا، وبعدما وصل أبدى للضابط "أبو نعيم" شكره وامتنانه على إمداده بالدقيق والشاي والسكر، فقاطعه "أبو نعيم" ليبشره بموافقة الحاكم العسكري على منحه وزوجته تصريح السفر المنشود، بشرط أن يبدي التعاون معهم، ويأتيهم بأسعار الخضراوات والفاكهة في أسواق القاهرة، وأن يخبرهم عن الحالة الإقتصادية للبلد، فوافق من فوره على طلبات الإسرائيليين دون تفكير بل وقال للضابط: "لو أردتم أكثر من ذلك لفعلت".


     وسريعا أحاله "أبو نعيم" إلى "أبو يعقوب" الضابط المسئول في مكتب الأمن بسيناء، والذي أبلغ إبراهيم شاهين بضرورة الذهاب معه إلى "بئر سبع" حيث يوجد المكتب الرئيسي للأمن، وهو المعني بالتعامل مع أبناء سيناء، وهناك في مكتب جهاز الموساد في "بئر سبع"، استضاف الإسرائيليون إبراهيم شاهين وأكرموا وفادته، وعرضوا عليه صراحة التعاون والعمل معهم مقابل إغراءات كثيرة، وبالفعل أعطوه 1000 دولار كدفعة أولى في الوقت الذي كان جيبه فارغا تماما من المال.


     وتم إخضاع إبراهيم شاهين لدورة تدريبية تعلم خلالها كيفية كتابة الرسائل بالحبر السري، كما علموه كيفية جمع المعلومات دون إثارة الشك والريبة، ودربوه على بث الشائعات بين الناس بطريقة تجعلهم يصدقونها، وبعدها عاد إلى زوجته فرحا محملا بالأموال والهدايا، وحينما سألته عن مصدر هذه الأموال الكثيرة التي أتاها بها أخبرها بأنه قد دل الإسرائيليين عن مخبإ فدائي مصري فكافأوه بإعطائه 1000 دولار، كما وعدوه بمنحه تصريحا لزيارة أولاده بالقاهرة، فأبدت إنشراح فرحتها وقالت له: "حسنا فعلت، فلو لم تدلهم أنت عليه لفعل ذلك غيرك وأخذ هو الألف دولار".


     وحينها استغل إبراهيم الفرصة وقال لزوجته إنشراح إن الإسرائيليين طلبوا منه أن يوافيهم بأسعار الفاكهة الخضراوات في أسواق القاهرة مقابل منحه 200 دولار عن الخطاب الواحد، ولحظتها أصيبت بالدهشة وسكتت قليلا ثم قالت لزوجها: "بعدما تكتب لهم الخطابات يجب أن تطلعني عليها لمراجعتها حتى أراجعها ولا نتعرض للخطر"، وهكذا وافقت إنشراح على تعاون زوجها إبراهيم شاهين مع الإسرائيليين وهي لا تعلم أنها بدأت معه رحلة السقوط في مستنقع كريه لا مخرج منه أبدا.


     وفي يوم 19 نوفمبر سنة 1967 وبواسطة هيئة الصليب الأحمر الدولي وصل إلى القاهرة كل من إبراهيم شاهين وزوجته إنشراح علي مرسي، وبعد أن اطمئن الزوجان على أولادهما ذهب إبراهيم إلى مكاتب محافظة سيناء، والتي انتقلت إلى محافظة القاهرة بعد الاجتياح الإسرائيلي لسيناء في حرب 5 يونيو 1967، وتم إلحاقه بعمله الإداري من جديد، كما قامت محافظة القاهرة بمنح الأسرة سكنا مجانيا مؤقتا في حي المطرية باعتبارهم من المهجرين، ولكن بعد فترة قصيرة قرر تغيير محل إقامته من حي المطرية إلى حي الأميرية، ولكي يغطي على عمله في التجسس لصالح جهاز الموساد فقد اتجه إبراهيم إلى العمل في التجارة في الأدوات الكهربائية والملابس الجاهزة.


     ومن خلال احتكاكه بزملائه في العمل الحكومي وجيرانه في السكن وزبائنه المترددين عليه، بدأ إبراهيم شاهين يجمع المعلومات التي طلبها منه جهاز الموساد، وكانت زوجته إنشراح تعاونه بكل ما أوتيت من همة ونشاط في جلب المعلومات، كما أنها كانت تعاونه في تنسيقها وصياغتها وكتابتها قبل إرسالها إلى رجال جهاز الموساد في روما.


     ولانشغاله بجمع المعلومات فقد كان إبراهيم شاهين يتغيب عن عمله كثيرا، ولكن كان رؤساؤه وزملاؤه كثيرا ما يغضون الطرف عن هذه الغيابات الكثيرة بسبب هداياه التي كان يغرقهم بها، وهكذا تفرغ إبراهيم أكثر وأكثر لمهمة جمع المعلومات، وتواصلت رسائله إلى رجال جهاز الموساد بروما، تحمل إليهم المعلومات والأخبار التي كان يتحصل عليها الزوجان، وكان حريصا على أن يذكر كيفية معاونة زوجته إنشراح له في جمع المعلومات وكتابتها وإرسالها لرجال الموساد في جميع خطاباته التي كان يرسلها للموساد.


     ونتيجة لهذا فقد استدعى جهاز الموساد الزوجين لاستغلالهما معا في مهام أكثر أهمية، وبالفعل في شهر أغسطس سنة 1968، وتحت ستار السفر من أجل التجارة، أبحر الزوجان إلى لبنان ومنها سافرا إلى روما، ومن هناك انتقلا إلى إسرائيل بوثيقتي سفر إسرائيليتين، باسم السيد موسى عمر وزوجته السيدة دينا عمر، حيث تم استقبالهما هناك بترحاب وحفاوة كبيرين، وتم معاملة الزوجين الجاسوسين إبراهيم وإنشراح معاملة كبار الزوار.


     وهناك في إسرائيل حصل الزوجان إبراهيم وانشراح على دورة تدريبية مكثفة في مختلف أعمال الجاسوسية، واجتازاها بنجاح وتفوق كبير أذهل رجال جهاز الموساد، مما جعل إنشراح تتمادى في طلباتها المادية من رجال الموساد، حيث طالبت بضرورة زيادة المكافآت المخصصة لزوجها بالإضافة لتخصيص مكافأة أخرى لها شخصيا، وذلك لأنها تعمل معه يدا بيد، أي أنهما اثنان وليسا واحدا فقط، وبعد ذلك تم منح الزوج رتبة عقيد في الجيش الإسرائيلي باسم "موسى عمر"، بينما منحت زوجته رتبة ملازم أول في الجيش الإسرائيلي باسم "دينا عمر".


     وهكذا انهالت عليهما الأموال مع الوعد من رجال الموساد بزيادتها لهما أكثر وأكثر كلما تقدما في عملهما التجسسي، وبالفعل توسع الزوجان إبراهيم وإنشراح في عقد صداقات جديدة، حيث استغلا وجودهما في حي الأميرية المزدحم في عقد هذه الصداقات مع ذوي المراكز الحساسة من سكان الحي، بل وقاما بدعوة بعض العسكريين من أصدقائهما إلى منزلهما، حيث اعتادت إنشراح مجالستهم في سهرات صاخبة معبقة برائحة الدخان الأزرق، وبينما كانت تسقيهم كؤوس الخمر كانت تستقي منهم المعلومات والأسرار، والتي كانت ترسلها هي وزوجها إلى رجال الموساد بروما.


     واشترى الزوجان سيارة جديدة من طراز فيات 124 لتساعدهما في جمع المعلومات المطلوبة، والتي زادت وزاد معها ما يحصلان عليه من أموال، ولكن كانت المفاجأة في أن الزوجين إبراهيم وإنشراح بعد شراء هذه السيارة قد قاما بما لم يفعله جاسوس في العالم كله، حيث جندا أولادهما الثلاثة نبيل ومحمد وعادل للعمل معهما في جمع المعلومات، ولكن كيف جند الزوجان أولادهما للعمل كجواسيس يعملون لحساب جهاز الموساد؟ وهذا ما سوف نعرفه غدا في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى، فانتظرونا.


المصادر:

1_كتاب "أشهر وأخطر الجواسيس عبر العصور" محمود عبد الله.

2_كتاب "كل شيء هادئ في تل أبيب" حسني أبو اليزيد.

3_برنامج النادي الدولي.. حوار سمير صبري مع الجاسوسة.

4_كتاب "جواسيس الموساد العرب" فريد الفالوجي.

5_جريدة الأهرام العدد الصادر يوم 5 أكتوبر 1974.

6_فيديو من قناة رافي بن ديفيد على اليوتيوب.


#إعادة_نشر

نشر للمرة الأولى في شهر سبتمبر سنة 2019.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-