أخر الاخبار

كتاب العقل والثورة

 مقدمة المترجم

عنوان الكتاب ـ أي كتاب هو في معظم الأحيان تلخيص تجریدی للاتجاه العام الذي يسير فيه الكتاب بعد رفع التفاصيل وترك الموضوعات الجزئية جانبا أما الكتاب الذي نقدم ها هنا ترجمته فان عنوانه لا يلخص اتجاهه العام فحسب ، بل يحدد في الوقت ذاته طبيعة كل ما يعالجه من موضوعات جزئية تفصيلية انه ، بایجاز ليس تلخيصا تجريديا للمضمون ، بل هو لب هذا المضمون ذاته من بداية الكتاب الى نهايته


فهذا الكتاب لا يعدو أن يكون محاولة مفصلة ، متعمقة ، للاجابة عن سؤال هام يقع على الحدود الفاصلة ـ أو على الأصح الحدود الجامعة - بين الفكر النظري والعملي ، هو : هل يستطيع العقل أن يقوم بدور ثوري في حيـاة الانسان ؟ وما أبعاد هذا الدور ، وما حدوده التي لا يتعداها ؟ والحق أن أهمية هذا السؤال انما ترجع الى أنه يطرح في ظل تاريخ طويل ظل فيه معنى العقل منفصلا عن معنى الثورة ، بل ظل فيه العقل قوة محافظة أساسا ، تعمل على كبت أي تمرد على الأوضاع القائمة ، وتدعو الى الاحتفاظ بكل القيم السائدة ، وتحارب كل ميـل جذري الى التغيير.


كان هذا شأن فكرة العقل منذ أن تحددت في الفكر الغربي - على يد اليونانيين القدماء ، ابتداء من بارمنيدس ، الذي ربط بين العقل والثبات والسكون الى حد انكار ظاهرة يلمس الانسان آثارها المباشرة وغير المباشرة في كل لحظة من لحظات حياته ، وهي ظاهرة الحركة ، حتى

أفلاطون وأرسطو ، اللذين كان العقل عندهما ـ مع اختلاف في كثير من التفاصيل قوة كونية توجه كل شيء نحو غايته المحددة مقدما ..

وظلت هذه نظرة الفلاسفة الى العقل طوال العصور التالية ، حتى أصبح من الأمور شبه البديهية أن يقاس مدى ميل الفيلسوف الى التغيير.



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-