أخر الاخبار

اليوم هو ذكرى تأسيس الدولة العباسية. دولة العصر الذهبي، دولة العلماء والمجد والعدل والفتوحات التي جعلت مساحتها 20 مليون كيلومتر. -

 اليوم هو ذكرى تأسيس الدولة العباسية.

دولة العصر الذهبي، دولة العلماء والمجد والعدل والفتوحات التي جعلت مساحتها 20 مليون كيلومتر.

-

اليوم هو الذكری ال 1273  لاعلان بداية الدولة العباسية.

-

ففي مثل هذا اليوم ظهر الخليفة العباسي الاول ابو العباس السفاح في مدينة الكوفة وصعد الی المنبر واعلن بداية الخلافة العباسية.

-

لتكون بداية لصفحات مجيدة من تاريخ امتنا مكتوبة بحروف من ذهب، وصلت فيه امتنا الى قمة التقدم السياسي والعلمي والاجتماعي والعسكري والقضائي والعمراني وغيرها من المجالات.

-

وكان ذلك في يوم الجمعة 14 ربيع الاول 132 هجري.

-

الموافق 749/10/31 ميلادي.

-

وتعتبر الدولة العباسية أعظم دولة في تاريخ الأمة، طبعا مع إعتبار دولة النبي المعصوم (ص) والخلفاء المبشرين خارج المقارنة.


حيث كانت مثالا للعدل الذي يتم تطبيقه حتى على الخلفاء، وأفضل مثال للتقدم العلمي حيث كانت دولة العلماء في كل المجالات.


وأفضل مثال للتقدم السياسي والعسكري حيث بلغت مساحة الدولة العباسية 20 مليون كيلومتر مربع، فقد كانت الدولة العباسية ممتدة: 


شرقا من نينغيشا وبلاد التبت والتي دخلت في طاعة الخلافة العباسية زمن الخليفة محمد المهدي وهذا ما ورد في كتاب (رجال الهند والسند) لأبو المعالي المباركبوري، وغربا إلى المحيط الأطلسي، وقد أسهب ابن خلدون في (المقدمة) في ذكر تفاصيل عن تبعية المغرب الأقصى للعباسيين.


وشمالا من بلاد بلغار الفولغا وسالونيك واللتان دخلتا في طاعة الخلافة العباسية زمن الخليفة جعفر المقتدر والخليفة علي المكتفي، ونجد تفاصيل كثيرة حول ذلك في (رسالة ابن فضلان) وأيضا (فتوح البلدان) للبلاذري، وكذلك في كتاب (فتوح البلدان) التي تذكر الفتوحات العباسية في صقلية ووصول جيوشهم إلى روما.


وجنوبا الى بلاد الصومال والتي كان اسمها في ذاك الزمان بلاد عدل، والأسم العباسي الأقدم لها بلاد باضع، وقد ذكرها ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان) من ضمن البلاد التي كانت تابعة للخليفة أحمد الناصر، وذكرها الكندي من ضمن البلاد المفتوحة زمن الخليفة العباسي ابو جعفر المنصور، وذكرها أيضا ابن اياس في كتابه (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة).


والخريطة لا تشمل بلادا أخرى دخلت في تبعية الخلافة العباسية مثل الأندلس التي كانت تابعة للعباسيين في زمن المرابطين، وكذلك بلادا تابعة ولكن لم تندمج في الدولة العباسية بسبب إختلاف الديانة والأنظمة، مثل الصين والتي دخلت في فترة كان الجند العباسي هم الحرس الخاص بالإمبراطور الصيني وهذا الحرس هو المتحكم بتحديد صاحب العرش، وكذلك بلاد قبجاقيا والتي بقيت على وثنيتها وبلادا أخرى منها بريطانيا التي تشهد عملاتها القديمة على هذا.


وفوصل مجد الخليفة العباسي بأن أصبح يحمل لقب ملك ملوك الأرض كما ورد في تاريخ المسعودي، ووصلت لقمة مجدها في عهد الخليفة هارون الرشيد الذي كان يأخذ الجزية من كل بلاد الارض.

-

-

-

وهذه هي خطبة الخليفة العباسي الاول ابو العباس السفاح والتي اعلن فيها بداية الدولة العباسية المباركة:

-

دخل إلى المسجد الجامع وصلى بالناس، ثم وقف على المِنْبَر وبايعه الناس خليفةً وهو على المنبر في أعلاه، وعمه داود بن علي واقف تحته بثلاث درج، وتكلم السفاح، وكان أول ما تكلم به بعد مُبايعته هو:

-

الحمد لله الذي جعل الإسلام لنفسه ديناً، وكرمه وشرفه وعظمه، واختاره لنا، وأيده بنا، وجعلنا أهله وكهفه، والقوام به، والذابين عنه، والناصرين له، وألزمنا كلمة التقوى، وجعلنا أحق بها وأهلها، خصنا برحم رسول الله وقرابته، ووضعنا بالإسلام وأهله في الموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتاباً يتلى، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾، وقال: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾، وقال: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾، وقال: ﴿مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ﴾، فأعلمهم عز وجل فضلنا، وأوجب عليهم حقنا ومودتنا، وأجزل من الفيء والغنيمة نصيبنا تكرمة لنا وتفضلة علينا، والله ذو الفضل العظيم، وزعمت السبابية الضلال أن غيرنا أحق بالرياسة والسياسة والخلافة منا، فشاهت وجوههم، أيها الناس بنا هدى الله بعد ضلالتهم، ونصرهم بعد جهالتهم، وأنقذهم بعد هلكتهم، وأظهر بنا الحق، وأدحض بنا الباطل، وأصلح بنا منهم ما كان فاسداً، ورفع بنا الخسيسة، وأتم النقيصة، وجمع الفرقة حتى عاد الناس بعد العداوة أهل تعاطف وبر ومواساة في دنياهم وإخوانا على سرر متقابلين في أخراهم، فتح الله علينا ذلك منة ومنحة بمحمد، فلما قبضه إليه، قام بذلك الأمر بعده أصحابه، وأمرهم شورى بينهم، فحووا مواريث الأمم فعدلوا فيها، ووضعوها مواضعها، وأعطوها أهلها، وخرجوا خماصاً منها، ثم وثب بنو حرب ومروان، فابتزوها لأنفسهم وتداولوها، فجاروا فيها، واستأثروا بها، وظلموا أهلها، فأملى الله لهم حيناً، ﴿فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ﴾، فانتزع منهم ما بأيديهم بأيدينا، ورد الله علينا حقنا، وتدارك بنا أمتنا، وتولى أمرنا والقيام بنصرنا، ليمن بنا على الذين استضعفوا في الأرض، وختم بنا كما افتتح بنا، وإني لأرجو أن لا يأتيكم الجور من حيث جاءكم الخير، ولا الفساد من حيث جاءكم الصلاح، وما توفيقنا أهل البيت إلا بالله، يا أهل الكوفة أنتم محل محبتنا، ومنزل مودتنا، وأنتم أسعد الناس بنا وأكرمهم علينا، وقد زدتكم في أعطياتكم مائة درهم، فاستعدوا فأنا السفاح الهائج، والثائر المبير.


وكان السفاح مريضًا، فاشتد عليه مرضه حتى جلس على المنبر،وقام عمه داود، فقال:


الحمد لله شكراً، الذي أهلك عدونا، وأصار إلينا ميراثنا من بيتنا، أيها الناس، الآن انقشعت حنادس الظلمات، وانكشف غطاؤها، وأشرقت أرضها وسماؤها، فطلعت شمس الخلافة من مطلعها، ورجع الحق إلى نصابه، إلى أهل نبيكم، أهل الرأفة والرحمة والعطف عليكم، أيها الناس، إنا والله ما خرجنا لهذا الأمر لنكنز لجيناً ولا عقياناً، ولا لنحفر نهراً، ولا لنبني قصراً، ولا لنجمع ذهباً ولا فضة، وإنما أخرجتنا الأنفة من انتزاع حقنا، والغضب لبني عمنا، ولسوء سيرة بني أمية فيكم، واستذلالهم لكم، واستئثارهم بفيئكم وصدقاتكم، فلكم علينا ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس، أن نحكم فيكم بما أنزل الله، ونعمل بكتاب الله، ونسير في العامة والخاصة بسيرة رسول الله، تباً تباً لبني أمية وبني مروان، آثروا العاجلة على الآجلة، والدار الفانية على الدار الباقية، فركبوا الآثام، وظلموا الأنام، وارتكبوا المحارم، وغشوا الجرائم، وجاروا في سيرتهم في العباد، وسنتهم في البلاد التي بها استلذوا تسربل الأوزار، وتجلبب الآصار، ومرحوا في أعنة المعاصي، وركضوا في ميادين الغي جهلاً منهم باستدراج الله، وعميًا عن أخذ الله، وأمنًا لمكر الله، فأتاهم بأس الله بياتاً وهم نائمون، فأصبحوا أحاديث، ومزقوا كل ممزق، فبعداً للقوم الظالمين، وأدان الله من مروان، وقد غره بالله الغرور، أرسل عدو الله في عنانه حتى عثر جواده في فضل خطامه، أظن عدو الله أن لن يقدر عليه أحد؟ فنادى حزبه، وجمع جنده ورمى بكتائبه، فوجد أمامه ووراءه، وعن يمينه وعن شماله، ومن فوقه ومن تحته، من مكر الله وبأسه ونقمته، ما أمات باطله، ومحق ضلاله، وأحل دائرة السوء به، وأحاط به خطيئته، ورد إلينا حقنا وآوانا. أيها الناس، إن أمير المؤمنين نصره الله نصراً عزيزاً، إنما عاد إلى المنبر بعد صلاة الجمعة؛ لأنه كره أن يخلط كلام الجمعة غيره، وإنما قطعه عن استتمام الكلام شدة الوعك، فادعوا الله لأمير المؤمنين بالعافية، فقد أبدلكم الله بمروان عدو الرحمن وخليفة الشيطان المتبع للسفلة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، المتوكل على الله المقتدي بالأبرار الأخيار، الذين أصلحوا الأرض بعد فسادها بمعالم الهدى، ومناهج التقى -ثم عج الناس للسفاح بالدعاء، عند هذه الكلمة-، واعلموا يا أهل الكوفة أنه لم يصعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمير المؤمنين هذا، وأشار بيده إلى السفاح، واعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج عنا حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم عليه السلام، والحمد لله رب العالمين على ما أبلانا وأولانا.

*****************

كتب بقلم:

المؤرخ تامر الزغاري.

*****************


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-