أخر الاخبار

انخفاض أسعار زيت الزيتون الفلسطيني.. ضربة من الجغرافيا وأخرى من التجار


انخفاض أسعار زيت الزيتون الفلسطيني.. ضربة من الجغرافيا وأخرى من التجار

رام الله- جنين- “القدس العربي”: مرّ “يوم المنتج الفلسطيني” قبل أيام من دون أن يلتفت مئات المزارعين الفلسطينيين الغاضبين والخائفين على موسم الزيتون الذي ينتظرونه بفارغ الصبر، فهذا الموسم بالنسبة لأكثر 100 ألف عائلة فلسطينية في عموم مناطق الضفة الغربية على أنه حلّال للمشاكل المالية لقدرته على رفد ميزانية العائلة الفلسطينية بمبلغ مالي يدعمها.


وشهد سوق بيع زيت الزيتون بعد أسبوعين من انطلاق الموسم تراجعا في الأسعار، حيث وصل سعر كيلو الزيت إلى “19 شيقلا” (الدولار= 3.54 شيقلا) في مناطق شمال الضفة الغربية، وهو الأمر الذي يهدد المزارعين بمزيد من الخسارات المالية أمام ارتفاع تكاليف الإنتاج.


وكان مجلس الوزراء الفلسطيني قد صادق بتاريخ 17 من حزيران/ يونيو 2019؛ على اعتبار الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر من كل عام يوماً للمنتج الوطني الفلسطيني. وجاء اتخاذ هذا القرار في إطار ما يسمى “استراتيجية وطنية تقودها الحكومة، للانفكاك الاقتصادي مع الاحتلال الإسرائيلي، عبر تعزيز القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني، والمساهمة في دعم ثقة المواطن بالمنتجات فلسطينية المنشأ”.


حيث “تشمل الاستراتيجية تطوير الصناعات المحلية، ورفع حصة المنتج الوطني في السوق المحلي، بما يحفز عجلة الإنتاج والتشغيل، ويقلل من نسبة الفقر والبطالة”.


غير أن مزارعين كثر تحدثت معهم “القدس العربي” أبدوا استياء كبيرا في ظل تجاهل الحكومة الفلسطينية أحد أبرز المنتجات الرئيسية في فلسطين، وهو منتج زيت الزيتون الذي يأتي من 50% من الأراضي في الضفة الغربية.


وقال أحد المزارعين: “يبدو أن هذا اليوم لا يخص المزارعين في المناطق البعيدة عن صناعة القرار، لو أرادوا دعم المنتج، لفكروا في كيف يمكن دعم منتج الزيت، حيث تعيش الأراضي الفلسطينية سنة ماسيّة”.


وبحسب فياض فياض، مدير عام مجلس الزيت الفلسطيني، فإنه من المتوقع أن يكون إنتاج الزيت لهذا العام ما يقرب من 30 ألف طن، وهو ما يعني أن هناك فائضا كبيرا في الإنتاج.


وتشير الإحصاءات التي يقدمها فياض في حديث صحافي، أن معادل استهلاك السوق المحلي الفلسطيني يبلغ ما مقداره 16 ألف طن، أما سوق الخليج العربي مثل السعودية والإمارات، فيصله نحو 4 الاف طن، وهو ما يشير إلى وجود 10 آلاف طن من فائض الإنتاج حيث يصدر جانب كبير منه للخارج.


ويؤكد فياض أن الإنتاج الوفير رافقه جودة في المنتج بفعل عوامل طبيعية رافقت نمو ثمر الزيتون خلال فصل الشتاء الماضي.


ورغم فرح المزارعين بالموسم الوفير، إلا أن الهبوط في الأسعار راكم من المتاعب والمخاوف في ظل تلاعب قطاع من التجار (تجار التصدير) بالأسعار، فيما يشبه اتفاقا ضمنيا بينهم على الشراء بأسعار لا تزيد على 22 شيقلا.


واتهم فياض التجار الكبار بالمسؤولية عن ذلك، ووصفهم بـ”المجحفين بحق المزارعين” حيث توافقوا على توحيد سعر غير عادل لقاء كيلو الزيت في ظل غلاء أسعار أغلب المنتجات في السوق الفلسطينية.


وبيع كيلو الزيت في بعض معاصر الزيتون بمحافظة جنين بمبلغ 19 شيقلا، وهو الأمر الذي دفع بمراقبين ومختصين ومزارعين بتأكيد خسارتهم الموسم أمام تصاعد تكاليف العناية والإنتاج على امتداد العام.


ويغيب في السوق الفلسطيني مفهوم الحد الأدنى لأسعار الزيت في ظل سيادة نظام اقتصادي ليبرالي حر يقوم على ثنائية العرض والطلب، حيث لا تلعب المؤسسات الرسمية والأهلية أي دور في عملية تنظيم عملية البيع.


وتمثلت الضربة الأكبر التي قادت إلى تراجع الأسعار، إعلان الإدارة العامة للمعابر والحدود الفلسطينية بعدم سماح الجانب الأردني بإدخال مادة زيت الزيتون إلى المملكة الأردنية الهاشمية عبر معبر الكرامة.


وجاء في البيان: “هذا القرار يسري اعتباراً من 18-10-2022 حيث لا يسمح بعد هذا التاريخ لأي مواطن بأن يقوم بإدخال زيت الزيتون إلى المملكة وذلك حتى صدور إشعار آخر”.


وبحسب فياض، فإن الموقف الأردني قد يكون مؤقتا إلى حين نفاد الزيت الأردني واستقرار السوق في المملكة.


وبحسب فياض، فإن “زيت الهدايا” الذي يأخذه الفلسطينيون من الضفة الغربية إلى أقاربهم في الأردن، مرّ بمجموعة من التحولات، فما بين العامين 2004 – 2012 كان يمكن للمواطن الفلسطيني أن يصطحب معه تنكتين من الزيت إلى الأردن، أما خلال العامين 2012 – 2019 تضاعف العدد حيث وصل إلى أربع تنكات من الزيت.


وتشير الأرقام المحلية إلى أن معدل ما يدخله الفلسطيني إلى الأردن من الزيت بلغ 70 ألف تنكة في الموسم، فيما وصلت الأرقام بحسب مجلس الزيت الفلسطيني في عام 2019 إلى ما يقارب 84 ألف تنكة.


ويرى فياض أن السعر العادل هو ما يحقق الربح للمزارعين، وقد يصل في بعض المناطق ما بين 24- 25 شيقلا.


وطالب فياض المزارعين بعدم التسرع في البيع، والبحث عن السعر الأفضل في ضوء أن فترة شراء التجار الكبار للزيت بهدف التصدير ما زالت مستمرة. وشدد أن المطلوب فلسطينيا التوافق على سعر متوازن ومتوافق ومناسب، وهو أمر يمنع انهيار السعر إلى ما دون 20 شيقلا.


ويشعر مزارعون في مناطق شمال الضفة، بالغبن الشديد في ظل أنهم يسمعون ويرون عمليات بيع لزيت الزيتون بأرقام كبيرة للغاية مقارنة مع مناطق مثل نابلس وسلفيت وجنين وطولكرم.


ويستحضر المزارعون أحاديث موثقة تشير إلى أن تنكة الزيت في بلدة بيت جالا قضاء مدينة بيت لحم تصل ما بين 1000 – 1200 شيقل، وهو أمر يعني أن سعر الكيلو يتراوح ما بين 70 – 75 شيقلا.


ويرى فياض أن الحديث عن جودة الزيت واختلاف خصائصه لم يثبت علميا، ويشدد أن السبب في ذلك يعود لأسباب دينية.


ورفض فياض أحاديث اختلاف الزيت باختلاف الجغرافيا الفلسطينية، وهو الأمر الذي يترتب عليه ارتفاع كبير في الأسعار. وقال: “أسباب ارتفاع السعر كلما صعدنا جنوبا مرتبط بالجغرافيا وليس بالجودة”.


وتابع: “حكاية أن الزيت في شمال الضفة الغربية خفيف، فيما هو جنوبي الضفة ثقيل، حكاية يفترض أن نكون انتهينا منها منذ زمن، كما أن العِلم يقول إن الزيت كلما كان خفيفا كلما كان صحيا أكثر”.


وأضاف أن هناك الكثير من الأفكار المتوارثة قديما تتعاطي مع اختلاف طعم الزيت باختلاف عمليات العصر وتأخير القطف والسلق والتجفيف والتشميس..الخ، مشددا على أن هذه أمور متوارثة وليس للعلم أي علاقة بها.


ويغلب على أشجار الزيتون في الضفة الغربية صنفا النبالي والسُرى.


ويهدف مجلس الزيتون الفلسطيني إلى عملية موائمة الزيتون بين المنتج والمستهلك.


وفي مدينة مثل رام الله، يراوح سعر “تنكة” زيت الزيتون ما بين 450 إلى 650 شيقلا في الغالبية، وهو سعر يحلم به مزارعون فلسطينيون في شمال الضفة الغربية.


وعلت أصوات مزارعين في محافظة رام الله من حالة تذبذب الأسعار، وهو ما دفع مؤسسات أهلية وشركات خاصة إلى التداعي والاجتماع لمناقشة الأمر. ويتوقع أن يعقد اجتماع الأسبوع المقبل مع وزارة الزراعة أملا في وضع محددات تضمن سعرا عادلا لتنكة الزيت.


وبحسب فياض فياض، فإن تسويق زيت الزيتون الفلسطيني يتم من خلال أربعة قنوات رئيسية، الأولى هي السوق المحلي الداخلي، أما القناة الثانية فهي من خلال ما يعرف بـ”الأمانات” إلى دول الخليج العربي، أما القناة الثالثة للتسويق فهي قناة “الهدايا” إلى الأردن من خلال اتفاقية قديمة تسمح لكل مواطن فلسطيني يحمل هوية أن يصطحب معه إلى الأردن مقدارا محددا من الزيت، أما القناة الرابعة، فهي تسويق منتجات الزيتون في الأسواق العالمية حيث تصل الكمية إلى 2000 طن، وتحديدا لدول مثل أمريكا التي تعتبر المستورد الأكبر للزيت الفلسطيني، ومن ثم الأسواق الأوروبية واليابانية ودول شرق آسيا.


واتهم مزارعون الجهات المسؤولة والتجار الكبار، بأن ما يجري لموسم حصاد الزيتون لا يعبّر عن سياسات داعمة، إنما يعبر عن سياسات معاكسة. وبغضب وحرقة، قال أحدهم بما يشبه الصرخة: “إذا بطلت الزراعة مجدية اقتصاديا، فهذا يعني أن نترك الأرض. وفي حال فعلنا ذلك، ستبقى الأرض للمستوطنين، فهل هذا ما يريده المسؤول الفلسطيني؟”.



كلمات مفتاحية

الضفة الغربيةزيت الزيتونسعيد أبو معلافلسطين


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


التعليق * 


الاسم * 

البريد الإلكتروني * 

 علي:

نوفمبر 4, 2022 الساعة 1:16 م

من المحزن ان يكون سعر الواقية من الكنافة المحلاة بالسكر اغلى من كيلو زيت الزيتون. على فلاحي فلسطين ام قلع اشجار الزيتون واستبدالها بشجرة اكثر جدوى اقتصاديا او ترك المحصول للعصافير


رد

أخبار ذات صلة


نتنياهو الـ”بن غفيري”.. من كذبة “تقليص النزاع” إلى الإسراع في ضم الضفة الغربية

4 - نوفمبر - 2022


فصائل فلسطينية: سياسة الاغتيال لن تحقق الأمن لإسرائيل

3 - نوفمبر - 2022


الرئاسة الفلسطينية: استشهاد 4 في الضفة “إعلان حرب” 

3 - نوفمبر - 2022


بعد فوز اليمين الإسرائيلي.. الضفة الغربية على صفيح ساخن

3 - نوفمبر - 2022

إشترك في قائمتنا البريدية

أدخل البريد الالكتروني *

حولنا / About us

وظائف شاغرة

أعلن معنا / Advertise with us

أرشيف النسخة المطبوعة

 أرشيف PDF

النسخة المطبوعة

سياسة

صحافة

مقالات

تحقيقات

ثقافة

منوعات

لايف ستايل

الإقتصاد

رياضة

وسائط

الأسبوعي

جميع الحقوق محفوظة © 2022 صحيفة القدس العربي


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-