أخر الاخبار

محمد الحمزة 🖋️ : الموهوبون.. وصناعة المستقبل

 الموهبة هي استعداد عقلي فطري يولد مع الإنسان موروثاً في مجال من المجالات الاجتماعية أو العلمية أو الفنية أو الرياضية، أو من الممكن أن يكون مكتسباً بالعلم والتعلم والرعاية والجهد الذي يبذل للطالب في توسيع مداركه وآفاقه الفكرية؛ والطلاب الموهوبون هم ثروة البلاد ومستقبلها، ومواردها القيمة التي يجب الاهتمام بها ورعايتها لأنها توفر للمجتمع ما يحتاج إليه من علماء ومفكرين يختصرون الأزمنة والمسافات، ويُوفِّرون الجهود من خلال الاستنتاجات العلميَّة والابتكارات التي تساهم في تحقيق التطلعات ومواكبة التطورات.


يعرِّف التربويون الطالب الموهوب (Gifted Student) على أنه ذلك الفرد الذي يُظهِر ذكاء حادًا وأداءً مميزًا عن بقية أقرانه في مجال أو أكثر من مجالات التفوق العقلي والتفكير الابتكاري أو الإبداعي والتحصيل الدراسي والمهارات والقدرات الخاصة، والموهوب ليس بالضرورة أن يكون متفوقًا دراسيًا ويحصل على أعلى الدرجات في الاختبارات؛ بل يمكن أن يتمتع بقدرات ومواهب في مجالات أخرى لا يتم ملاحظتها واكتشافها عن طريق الاختبارات العادية. ويمكن للأسرة والمعلم ملاحظة واكتشاف الطلاب الموهوبين من خلال مجموعة من الصفات والميزات، أهمها: التفوق اللغوي والبراعة في الكلام، وشدة الاندماج والتركيز، وحب الاستطلاع والمجازفة، والتفكير المنطقي، والتخمين الجيد، وإظهار الرأي والمشاعر بقوة، والإبداع والخيال الإبداعي، والطاقة العالية (حركة مستمرة)، وحب اللعب والمرح، وروح الفكاهة، والاستفهام عن الأشياء والسؤال عنها، وفهم العلاقة بين السبب والنتيجة، وتفضيل اللعب مع من هم أكبر سنًا، وانتقاد الذات بشدة، وسرعة التكيف مع العالم المحيط، والقدرة على تفكيك الأشياء إلى مكوناتها الصغيرة، وغيرها.


لا يكفي أن يتم اكتشاف الطلاب الموهوبين؛ بل يجب توجيههم ورعايتهم، وتنمية مواهبهم، وصقل شخصيتهم، وفتح الآفاق أمامهم، وتوفير فرص تربوية وخدمات تعليمية مناسبة لهم، اكتشاف الموهبة ليس مهمة مؤسسة بعينها أو هيئة وما عداها غير ذي علاقة، لكنها مسؤولية متكاملة تتضافر فيها كل الجهود، غير أن الدور الأهم يبدأ من الأسرة باعتبارها بيئة الطفل الأولى التي يمكن أن تكتشف ما لديه في مرحلة مبكرة من حياته، وكذلك دور المعلم والمدرسة ووزارة التعليم والمؤسسات العلمية المتخصصة كمؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) وأهميته في هذا المجال.


ويكون التشجيع باتباع مجموعة من الأساليب، من أهمها: التشجيع ومنح الفرص، وإيجاد بيئة صفية تساعدهم على الابتكار والإبداع، وإعداد برامج إثرائية إضافية تلبي حاجاتهم وتنمي مهارات التفكير لديهم، والاهتمام بالحوافز الطبيعية واللفظية التي تشجع العقل والذكاء وتنمي خيالهم، والتواصل مع أولياء أمورهم والعمل مع الأسرة لتحقيق نتائج أفضل، وإرشاد الطلاب الموهوبين لاستخدام مصادر متعددة وحديثة للتزود بالخبرة والمعرفة، واستخدام أساليب تدريس فعالة تركز على الحوار والاستكشاف والتقصي والتعلم الذاتي وحل المشكلات والعمل الجماعي والتعليم المصغر مع التركيز على هؤلاء الموهوبين واستثارة دافعيتهم للإبداع، ومن أساليب رعاية الموهوبين أيضًا إقامة معارض خاصة بهم لعرض نتاجهم واختراعاتهم، وإشراكهم في المسابقات العالمية.


من الأهمية بمكان رعاية الموهوبين والعناية بهم كمن يعتني بالجواهر الثمينة، والتي لا يزيدها مرور الزمن إلا قيمة، ولا شك أن الموهوبين هم مستقبل ازدهار البلاد وتطورها وتفوقها إذا تلقوا الرعاية والاهتمام المناسبين، وتوفر لهم معلمون مؤثرون يركزون على التطبيق العملي والاستفادة من التقنيات الحديثة والبحث عن التجديد والابتكار والتميز.. ورعايتهم هي الضمانة الحقيقية للحفاظ على المكتسبات الحضارية للبلاد، ذلك أن رعاية الموهوبين هي صناعة المستقبل.


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-