أخر الاخبار

مغامرون بلا حدود في غابات البلقان.. سلوفينيا: حوادث مميتة وغابات موحشة على طريق البلقان.


 مغامرون بلا حدود في غابات البلقان 💪💪💪

الله يسهل عليهم يارب

سكان غاضبون وأسوار شائكة


ولمنع المهاجرين من عبور كولبا، اتبعت السلطات استراتيجية بناء أسوار على ضفافه لتشكل حواجزا يبلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار تعلوها أسلاك شائكة، الأمر الذي يثير سخط سكان القرى الحدودية.


وعلى بعد بضعة أمتار من أحد المعابر الرسمية الحدودية بين كرواتيا وسلوفينيا، يجتمع سكان قرية كوستيل في المقهى الوحيد في الجوار. شبان صغار ورجال أكبر سنا يجلسون جميعهم حول الطاولة يحتسون شرابا ساخنا. "أسكن في القرية المجاورة منذ صغري" يقول الرجل الستيني ماركو بلهجة يهيمن عليها الغضب، "لا أفهم ما المغزى من وضع أسوار أمام منزلي الذي ترعرعت به، لم أعد أتمكن من السباحة في النهر الذي عرف مغامراتي منذ أيام المراهقة".



"تقول السلطات إن هذا السور مصنوع لحمايتنا، لكن يحمينا من ماذا؟ أنا لا أخاف من أحد".


لا يخفي ماركو غضبه من قرار السلطات السلوفينية وضع أسوار على حدودها البرية المشتركة مع كرواتيا. وما أن تذكر هذا الأمر أمام سكان القرية الذين لا يتجاوز عددهم الـ600، حتى تعلو الأصوات "يريدون منع المهاجرين من عبور الحدود، فكان قرارهم وضع أسوار تشوه الطبيعة وتمنعنا من الوصول إلى نهر قريتنا، هذا غير منطقي، فالمهاجرون يستطيعون العبور على أية حال".


وتعتمد تلك المناطق بشكل كبير على السياحة لوجود الأنهار والأنشطة الرياضية المختلفة، إلا أن "جميع من يأتي إلى هنا يصدم بوجود هذه الحواجز"، تقول ليوبا التي تملك منزلا تؤجره للسياح في قرية صغيرة مجاورة. إن ذلك "يدمر الطبيعة ويمنعنا من الوصول إلى نهر قريتنا". كذلك الأمر بالنسبة للصيادين المحليين، "السلطات خصصت بعض الأبواب المقفلة على طول السياج، ومن أجل الوصول إلى النهر يجب علينا التوجه في كل مرة إلى أحد المسؤولين للحصول على إذن بفتح الباب لوقت محدد. أمر غير مقبول وغير منطقي بالنسبة لنا"، بحسب أحد الصيادين من سكان القرية.

أسلاك شائكة وغابات موحشة وحوادث مميتة لا مفر منها على الحدود الكرواتية السلوفينية تعترض طرق المهاجرين عبر دول البلقان الساعين للوصول إلى أوروبا غربية. الشرطة السلوفينية سجلت نحو 14 ألف محاولة عبور غير شرعية للحدود منذ بداية العام وحتى نهاية تشرين الأول/أكتوبر، بزيادة بلغت نسبتها نحو 70% مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. وللحد من ذلك، اتخذت الدولة إجراءات عديدة لا تبدو مقنعة للسكان وتثير انتقادات المنظمات غير الحكومية.


غابات شاسعة تفصل بين كرواتيا وسلوفينيا، تارة تسحر المارة بجمال طبيعتها وتارة ترهبهم بتعرج طرقها وأنهارها ذات التيارات المائية القوية. وللمهاجرين نصيب كبير من تلك الرهبة والبيئة الموحشة أثناء محاولتهم العبور إلى أوروبا الغربية عبر دول البلقان.


الغابات تغطي 60% من مساحة سلوفينيا وتشغل 1,3 مليون هيكتار، تسكنها مئات الدببة والذئاب والحيوانات المفترسة ويتخللها نهر كولبا، الفاصل الطبيعي بين سلوفينيا وكرواتيا. الحدود البرية الممتدة على مسافة 670 كلم شكلت هاجسا للحكومة السلوفينية التي تسعى للحد من تدفق المهاجرين إلى أولى دول البلقان الداخلة ضمن منطقة شنغن.

ولا يبدو ماركو مقتنعا بالسياسة التي تتبعها الدولة، "عند تساقط الأمطار وارتفاع منسوب النهر وحصول تيارات مائية قوية، تتحرك التربة على ضفاف النهر لتترك فراغات كبيرة تحت السياج يستطيع الأشخاص المرور عبرها".


ومنذ عام 2015، قامت سلوفينيا بوضع حواجز ثابتة على امتداد 63 كلم، وأسوار شائكة على امتداد 116 كلم. وقررت الحكومة مؤخرا تمديد الأسلاك الشائكة لـ40 كلم إضافية، مبررة ذلك بأن "الأسوار تسهل عمل الشرطة في الحد من محاولات العبور، ولحماية السكان وممتلكاتهم ومساعدة الشرطة على حماية حدود شنغن الخارجية".


أحد العاملين في المقهى يقول لمهاجر نيوز "الجبال خطيرة للغاية، خاصة إذا أضعت طريقك. فالحرارة تنخفض أثناء الليل والدببة تجول الغابة، ونسمع أحيانا صرخات تمتزج بين أصوات الحيوانات وصيحات المهاجرين".


الشرطة أرجعت أغلب المهاجرين إلى كرواتيا


منذ بضعة أيام فقط، شهدت تلك الغابات موت شاب سوري لا يتجاوز عمره 20 عاما، كان في طريقه إلى ألمانيا، لكنه أضاع الطريق وفقد وعيه من شدة الإرهاق وتوفي بعد أن انخفضت دراجة حرارة جسمه. استنجد الشاب بأخيه المقيم في ألمانيا، الذي كان قد وصل بعد فوات الأوان، خوفا من الاتصال بالشرطة السلوفينية التي تواجه اتهامات بإرجاع المهاجرين إلى كرواتيا، دون أن يتسنى لهم تقديم طلب اللجوء.


ونشرت مجموعة من الجمعيات المحلية تقريرا أشارت فيه إلى أن المهاجرين الذين يدخلون الأراضي السلوفينية عبر الغابات، يتم وضعهم في حافلات تقودهم إلى المنطقة الحدودية حيث يتم تسليمهم إلى الشرطة الكرواتية، التي تعيدهم بدورها تلقائيا إلى البوسنة.


الشرطة من جانبها تنفي تلك الاتهامات، وتقول إنها تتصرف وفقا لاتفاق ثنائي مع كرواتيا ينص على إرجاع المهاجرين غير الشرعيين إلى كرواتيا فقط في حال عدم الإفصاح عن نيتهم بتقديم طلب اللجوء على الأراضي السلوفينية. ووثقت الشرطة 14 ألف محاولة دخول إلى سلوفينيا بطريقة غير شرعية، وتم تسجيل 9 آلاف حالة إرجاع إلى كرواتيا، أي أنه تم دفع أكثر من 70% من المهاجرين إلى خارج الأراضي السلوفينية.



رئيس قسم شرطة مقاطعة كوبر، ويليام توسكان، قال لمهاجر نيوز "عندما نوقف مهاجرين دخلوا بشكل غير شرعي، نتحقق من هويتهم ومن أين أتوا. فإذا حصلنا على إثبات بأنهم قدموا من كرواتيا ولم يمض على وجودهم داخل الأراضي السلوفينية أكثر من 72 ساعة، نقوم بتسليمهم إلى الشرطة الكرواتية وفقا للقانون".


المنظمات غير الحكومية تنتقد تلك الممارسات وتتهم الشرطة بأنها تقوم بإرجاع حتى الأشخاص الذين يعربون عن نيتهم طلب اللجوء. وتقول مديرة منظمة "بيك" غير الحكومية كاتارينا ستيرفا، إن المهاجرين "فقدوا الثقة في الشرطة ولذلك أصبحوا يسلكون طرقا أكثر خطورة داخل الغابات وعبر الأنهار، الأمر الذي يعرض حياتهم للخطر بشكل أكبر".

خالد، طالب لجوء إريتري حاول عبور الحدود السلوفينية ثلاث مرات قبل أن يتمكن من دخول البلاد في أيار/مايو الماضي، "بعد أن تمكنت من عبور نهر كولبا بنجاح، كان عليّ اجتياز السياج. قررت التسلق والقفز فوقه، أصبت بجروح بسبب الأسلاك الشائكة، امتلأت يدي بالدماء لكني تمكنت من المرور، هذا ما يهم". ويستذكر خالد "في الليل، حينما نرى أضواء مصابيح الشرطة نبذل كل ما في وسعنا لتجنبهم، الشرطة ترعبنا أكثر من الحيوانات المفترسة".


مجموعة من المسلحين المعادين للمهاجرين


استنكار السكان وغضب الجمعيات لا يتوقف هنا، بل زاد الأمر حدة وجود "مهرجين يريدون إخافة المهاجرين وعرض قوتهم المزيفة"، يستنكر أحد سكان القرى الحدودية وجود جماعة أسسها أندريه سيسكو المعروف بأفكاره المتشددة المعادية للمهاجرين.


تدّعي جماعة سيسكو، التي يلبس أعضاؤها لباسا عسكريا موحدا، أنها تقوم بدوريات على طول نهر كولبا "للدفاع عن الحدود" واعتراض المهاجرين. يقول سيسكو "نحن نقطة دخول منطقة شنغن ونريد أن نقول للأجانب أن يبقوا في منازلهم ويصلحوا المشاكل في بلادهم". ويعتبر أن الدولة لا تتصرف بشكل كاف لمنع المهاجرين من الدخول، "السياج غير كاف، إنه لا يمنع تدفق المهاجرين، لذا قررنا أن نأتي بأنفسنا للسيطرة على الحدود".



وكان سيسكو قد أمضى عقوبة ستة أشهر بالسجن بتهمة الحث على إطاحة مؤسسات الدولة. ولا تتمتع جماعته بأي تفويض قانوني.


"إنه لأمر مخز، هناك الشرطة والجيش والأسوار، والآن هناك أيضا ميليشيا"، تستنكر كاتارينا، التي تدير منظمة عير حكومية لتقديم المساعدة القانونية للمهاجرين، سياسة الهجرة التي تتبعها البلاد ووضع المهاجرين على الحدود.

وتعتبر كاتارينا وجود تلك الجماعة مقلق، "لقد أدانت الحكومة علنا أفعالهم، لكن في الحقيقة السلطات لا تفعل شيئا. هؤلاء الرجال مجانين، توقعنا رد فعل قوي من الحكومة كنا ننتظر الإعلان عن حل هذه الدوريات".


رئيس قسم شرطة مقاطعة كوبر ويليام توسكان، أثناء لقاءه مع مهاجر نيوز، اكتفى بالتعليق على ذلك قائلا "لا يوجد لدي ما أقوله حول تلك الجماعة، هم بالتأكيد لا يحظون بدعمنا".

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-