أخر الاخبار

سمير هاشم البرقوني من مواليد عام 1929 ، انتسب لعصبة التحرر عام 1946

 سمير هاشم البرقوني


من مواليد عام ١٩٢٩م ، انتسب لعصبة التحرر عام ١٩٤٦م وكان عمره سبعة عشر عاماً ، وأكمل تعليمة الثانوي في كلية غزة ، وحصل على المترك عام  ١٩٤٨م .


عمل مدرساً في مدارس وكالة الغوث الدولية للاجئين ( الأونروا ) .


بعد دخول الجيش الملكي المصري مدينة غزة في ١٥ مايو ١٩٤٨م أخذ يطارد أعضاء العصبة لتأييدهم قرار التقسيم الدولي رقم ( ١٨١ ) الذي ينص على أقامة دولة فلسطينية مستقلة ، فاعتقل سمير البرقوني وهو لم يتجاوز العشرين من عمره .


خرج من المعتقل عام  ١٩٥١م وعاد لممارسة نشاطه السياسي السري مع رفاقه أعضاء العصبة ضد ممارسات الطغمة العسكرية الملكية المصرية الإرهابية التي برزت هزيمتها المخزية بمزيد من القمع ضد أبناء الشعب الفلسطيني ، وانتشرت في تلك الفترة اتهامات للفلسطينيين بالتجسس وبيع أراضيهم للعدو ، وقد نشطت العصبة آنذاك في فضح الأكاذيب وفضح عمليات الاضطهاد والاعتقالات .


في ٢٥ آب / أغسطس عام ١٩٥٢  شنت هذه الإدارة العسكرية المصرية في قطاع غزة حملة اعتقالات شاملة ، ووجهت ضربة شديدة لتنظيم عصبة التحرر الوطني ، واعتقلت قرابة ( ٤٠٠ ) مناضل من أعضائها وأصدقائها ، كان من بينهم سمير البرقوني ، وقدموا إلى محكمة عسكرية حيث طالب المدعي العام العسكري بالحكم عليهم بالسجن عشرات السنين مع الأشغال الشاقة بتهم منها قلب نظام الحكم ، وبث دعاية من شأنها تثبيط الروح المعنوية للجيش ، غير أن المحامين الغزيين الشهيرين ومن بينهم المحامي سعيد زين الدين ، والمحامي فوزي الدجاني قد أثبتا أن عصبة التحرر الوطني هو حزب مشروع ومرخص له العمل في فلسطين ، ولم تصدر السلطات العسكرية المصرية قانوناً يلغي مشروعيته .


وأخيراً ، وبعد صفقة ما بين الادعاء العسكري والمحامين ، حكمت المحكمة على العديد من الأعضاء والأصدقاء بالإفراج عنهم لعدم وجود أدلة ولا اعترافات ، وحكم على سمير البرقوني بالسجن ستة أشهر ، وحكم على آخرين بالسجن ثلاثة أشهر ، وحكم على الرفاق الذين اعترفوا بعضويتهم للعصبة وقدموا دفاعات سياسية مجيدة شجبوا فيها المؤامرة الامبريالية الرجعية على الشعب الفلسطيني والحيلول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة وتمكين الاسرائيليين من تشريد الشعب الفلسطيني بالسجن ما بين ثلاث إلى خمس سنوات .


خرج سمير البرقوني ليتابع نشاطه الحزبي والسياسي ومعالجة نتائج الضربة القاسية التي التي تلقتها العصبة ، وشارك رفيقه معين بسيسو ورفاقه الآخرين في تنظيم العصبة على نحو أوسع وأقوى مما كانت عليه .


في آب / أغسطس عام ١٩٥٣م  انعقد المؤتمر الأول للعصبة ، وكان هدفه تحويل العصبة الى الحزب الشيوعي الفلسطيني في قطاع غزّة وانتخب سمير البرقوني عضواً في لجنته المركزية ، وأصدر المؤتمر بياناً سياسياً تضمن أسباب التحول إلى حزب شيوعي ، وأهداف الحزب في هذه المرحلة التي تحددت في النضال من أجل تحقيق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة طبقاً للقرار الأممي ( ١٨١ ) ، وعودة اللاجئين الى ديارهم التي شردوا منها وفقا للقرار (١٩٤) والنضال من أجل إطلاق الحريات العامة ووقف أساليب القمع والاعتقالات وإلغاء الأحكام العرفية وقانون الطوارىء الاستعماري وحماية الحدود من الاعتداءات الإسرائيلية وتشكيل قوات فلسطينية أو حرس وطني وقد نشرت جريدة “الشباب” السرية هذا البيان .


وحين اشتدت المؤامرات الامبريالية والرجعية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين خارج وطنهم وتصفية القضية الفلسطينية وقّعّت عام ١٩٥٤ حكومة مصر اتفاقا مع وكالة الغوث الدولية وبدعم أمريكي يقضي بتوطين اللاجئين الفلسطينيين في صحراء سيناء ، وقد بدأت وكالة الغوث مخططاتها لتنفيذ المشروع ، وإقامة المساكن في صحراء سيناء ، وحينها حصل الشيوعيون على التقرير باللغة الانجليزية كتبه خبراء الوكالة يشيرون فيه إلى استحالة العيش في تلك الصحراء ، ومع ذلك واصلت وكالة الغوث تنفيذ المشروع . 


قام المناضل سعيد جعفر فلفل بترجمة هذا التقرير ، وقد طبعه الحزب في مطبعته ووزّعه سرا في كافة مدن وقرى ومخيمات قطاع غزّة وذلك في منتصف شباط/فبراير ١٩٥٥ وكان سمير البرقوني أحد الرفاق النشيطين في الاتصال واللقاء مع الشخصيات الوطنية وبالمخاتير وتحريضهم ، وتشكيل اللجان الوطنية المناهضة لهذا المشروع والمستعدة لإسقاطه ، فقد وحّد هذا المشروع التصفوي كافة طبقات الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة .


وقد شكلت الغارة الإسرائيلية على محطة السكة الحديد بغزّة ، والتي أوقعت الخسائر بالجنود المصريين والسودانيين وبالحرس الوطني الفلسطيني الشرارة التي فجّرت انتفاضة شعبية في مطلع آذار/مارس عام ١٩٥٥ ، والتي سميت “هبّة مارس” حيث امتدت من بيت حانون شمالاً حتى رفح جنوباً ، والتي لم يسبق ان شاهدها قطاع عزّة منذ نكبة عام ١٩٤٨ ، حيث هتفت المظاهرات الصاخبة ” لا توطين لا اسكان يا عملاء الأمريكان … العودة العودة ... حق الشعب .


وقد أدرك الحزب الشيوعي الفلسطيني ان الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزّةوبخاصة على مخيمات اللاجئين والتي بلغت منذ عام ١٩٤٩ وحتى عام ١٩٥٥ ما مجموعه ( ١٦٣٥ ) اعتداءا أنها تهدف الى الضغط على اللاجئين للموافقة على مشاريع التوطين .


وفي وسط مدينة غزّة وفي ساحة التكسيات انتخبت الجماهير الحاشدة أعضاء اللجنة الوطنية العليا التي تقود الانتفاضة وكان سمير البرقوني أحد أبرز أعضائها . وكان الحزب الشيوعي وأصدقاؤه ومناصريه القائد الرئيسي لهذه الهبة ومهندسها الأساسي ، وقد شارك فيها عدد من الأخوان المسلمين الذين انضموا لحركة فتح لاحقاً كالأستاذ فتحي البلعاوي ، ومحمد يوسف النجار ، وسليمان أبو كرش ، وغيرهم ، وقد سقط شهيدا في هذه الانتفاضة أكثر من ثلاثين مناضلا وفي مقدمتهم الشهيد  حسني بلال .


وعلى الرغم من أن الحاكم الإداري العام اللواء عبد الله رفعت ، قد أقسم بشرفه العسكري ألا يعتقل أحدا من المتظاهرين وخصوصا أعضاء اللجنة الوطنية العليا إلا أنه حنث بشرفه العسكري وأصدر أمر اعتقال (٦٩) مناضلا كان معظمهم من الشيوعيين وفي مقدمتهم المناضل الثوري سمير البرقوني ، وفي سجن مصر العمومي صلبوا على “العروسة”وجلدوا بالكرابيج وهم يهتفون عاش كفاح الشعب الفلسطيني .


وبعد ضغوط شديدة من الجماهير أفرج عن سمير البرقوني وعدد من رفاقه بتاريخ ٢ يوليو ١٩٥٧ بعد أن أمضى في المعتقل عامين ونصف ، وخرج سمير البرقوني ليتابع نضاله مع رفاقه من موقعه في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي حتى أعلن الرئيس عبد الناصر في مطلع عام ١٩٥٩م خلافه مع الحركة الشيوعية في البلدان العربية ،وشن حملة شرسة على الشيوعيين المصريين والسوريين والفلسطينيين في قطاع غزّة استهدفت تصفيتهم جسديا وسياسيا ، وفي ٢٣ نيسان/ أبريل ١٩٥٩م جرى اعتقال العشرات من الشيوعيين وأنصارهم في قطاع غزّة وكان من بينهم سمير البرقوني ، حيث زج بهم في السجن الحربي المصري ، ثم نقلوا الى سجن الواحة الخارجي في عمق الصحراء في آب/أغسطس عام ١٩٦٠ ، وهو منفى يبعد عن القاهرة حوالي ألف كيلومتر حيث تصل الحرارة في النهار إلى أكثر من خمسين درجة مئوية ، وكان المناضل سمير البرقوني يعاني من مرضي الضغط المرتفع والسكري هذا بالإضافة إلى عمليات التجويع والعمل الشاق بالسخرة ، والأجساد  شبه العارية والأقدام العارية والمعتقلون يساقون في طوابير السخرة تحت وهج الشمس الحارقة حتى تلتهب الأقدام الحافية وتدمى من الشوك والحصى أكثر من أربع عشرة ساعة في اليوم .


وبعد الإضراب الشامل االذي أعلنه الشيوعيون المصريون والفلسطينيون وكان سمير البرقوني – رغم مرضه – قد شارك فيه ، وتحت الضغط الذي مارسته عائلات المعتقلين والدور الوطني للمجلس التشريعي بقيادة الدكتور حيدر عبد الشافي في غزّة ، والضغط العالمي ، تم الإفراج عن آخر دفعة من المعتقلين الفلسطينيين في ربيع عام ١٩٦٣ .


أربع سنوات كاملة قضاها المناضل الكبير سمير البرقوني ورفاقه في العذاب اليومي والجوع والمرض ، بعيدا عن وطنهم ودون محاكمة ، وكان ما يطلب منه ومن رفاقه أن يستنكروا مبادئهم ولا يعملون في السياسة ، وقد رفضوا بإباء أن يحنوا رؤوسهم للجلاد الذي اضطر أخيراً للإفراج عنهم مرغماً .


وخرج سمير البرقوني رافع الرأس شامخا ليتابع مسيرة حزبه النضالية من موقعه القيادي حتى وقع العدوان الإسرائيلي في الخامس من حزيران/يونيو ١٩٦٧م حين احتلت القوات الإسرائلية شبه جزيرة سيناء ، وقطاع غزّة والضفة الغربية ، وهضبة الجولان السورية ، وقد أعاد الحزب الشيوعي تنظيم صفوفه وترتيب أوضاعه الداخلية ، وتوزيع المهام على أعضائه القياديين وإخفاء أجهزته الفنّية للقيام بواجباتها على أكمل وجه ، من طباعة البيانات وإصدار أدبياته وصحائفه السرية كجريدة ” الى الأمام” التي كان يشرف على تحريرها الرفيق سمير البرقوني ، ومجلة “الطليعة الطلابية” التي كانت تصدرها الهيئة القيادية للاتحاد الوطني لطلبة قطاع غزّة السريّ ، وصحيفة ” المقاومة” التي كانت قيادة الحزب الشيوعي تصدرها باسم الجبهة الوطنية المتحدة التي تشكلت من معظم القوى والأحزاب في قطاع غزّة في منتصف آب / أغسطس ١٩٦٧  ، وكان المناضل سمير البرقوني ومن موقعه في اللجنة المركزية يقود بالإضافة الى مهامه الأخرى ، المنظمة النسوية الحزبية التي قامت بدور هام في تنظيم المرأة في لجان وطنية في المدارس والمعاهد والاتصال بالرفاق المختفين ، الى أن طورد الرفيق سمير البرقوني في ربيع عام ١٩٦٨ واختفى وبقي يقوم بمهامه الحزبية حتى القي القبض عليه في ٢٦ نوفمبر ١٩٧٥ مع اثنين من رفاقه هما علي ياغي ومصطفى البربار في منزل الرفيق خليل صالح عويضه الذي نسفته قوات الاحتلال على الفور . ولعدم وجود أدلة لإدانته حكم على المناضل سمير البرقوني بالسجن لمدة عامين وأفرج عنه ليتابع مسيرته النضالية وانتخب لاحقا أمينا عاما للحزب الشيوعي في قطاع غزّة . وساهم  المناضل سمير البرقوني  في وحدة الشيوعيين الفلسطينيين في إطار حزبهم الموّحد الحزب الشيوعي الفلسطيني الذي أعيد تأسيسه في العاشر من شباط/فبراير عام ١٩٨٢م .


توفي في السادس من تشرين أول/ أكتوبر عام ١٩٨٩ في موسكو ، ودفن في مسقط رأسه مدينة غزة .


المصدر : الأستاذ الفاضل عبد الرحمن عوض الله


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-