أخر الاخبار

رسائل هامة من مغتربين فلسطينيين سوريين و عراقيين في الغربة

 تَرِدُني رسائل كثيرة من مغتربين سوريين و عراقيين يذكر في مَتْنِ أغلبها:


" أنا في هذه البلاد الغريبة أشبه الصفر، لايعترفون بشهاداتي و لا بالدكتوراة.. سأجلس في المنزل..".


أهديكم هذه الصورة عندما كنت أُحضّر لرسالة الدراسات العليا في الأمراض الجلديّة و الزهرية في " دمشق" الغالية .. لأحصل في اليوم التالي على علامة ( ٩٠) ، ثم أحصد نتيجة تعب سنوات طويلة لفترة قصيرة...

أنا بنت الطبقة المتوسطة..عشت الفقر و عايشت قلة الحيلة.. أعرف معنى الدراسة على ضوء الكاز في عصر الانترنت.. أعرف أيضاً معنى غربة قلبك في وطنك.. يفجعني صوت الخوف من الأنظمة و ترعبني صرخات الهلع من (التكبير )..


لا حدود لقلبي.. العالم كله وطني.. ولدت في سوريا و أجمل أيام طفولتي كانت في الجزائر.. وصيّتي أن أُدفَن في العراق.. و أؤمن بالتقمص و أريد أن أولد يوماً في مصر..

لا حدود لقلبي و لا توجه سياسيّ: - اكتبوا على قبري: "ماتت تبكي على أطفال خسروا أطرافهم في حرب الكراسي.. و تكتب لأحفاد بلا أحقاد...".

******


دخلتُ بلاد العم سام للمرة الأولى عام ٢٠٠٩  طبيبة جلد..كاتبة و مكافحة!


لم ينقذني لقب طبيبة الجلد.. لأنهم هنا لا يعترفون بشهادات اختصاصاتنا العربية.. لم أحصّل دخل أخصائية عاينتْ من المرضى ما يفوق عدد شعر رأسها بل بدأتُ من الصفر .. 


وقفت أمام نفسي للحظات و سألتها: 

-اختصاصي كان جميلاً.. اللغة العربية التي أتقنها لن  أستخدمها.. هل سأعلنُ الهزيمة؟! وماذا عن حلمي الجميل الطفولي في أن أدخل أسرار الله في خلقه و أصبح طبيبة نفسية ..هل سأسمح للصعوبات أن تميته!..

 

و تذكرتُ.. لو أنني لم أتابع العمل لما حصدت شيئاً.. و هكذا صفة "مكافحة" صنعت غدي... 


 قررت أن أستمر، و فعلت :

تطوعت للعمل في مجال الطب النفسي، ثم أنهيت اختصاصيَن آخرين: في الطب الباطني الابتدائي و الاختصاص الحلم في الطب النفسي..

برئاسة مقيمين في الطب النفسي .. تخرجت مع جائزة ديانا كوين لأنبل روح شافية و أفضل طبيب مقيم بإجماع التصويت.. و جائزة أخرى "التميز في تدريس طلاب الطب"-بعد أن كنت رئيس المقيمين الوحيد في تاريخ الجامعة الذي قام بوظيفة أستاذ جامعي بتدريس مقررات فصلية كاملة من الطب النفسي إلى الطب الباطني..- 


 و بعد ذلك بحمد الله و فضل الأحبة أنهيت -تحت اختصاص- تخصص دقيق في الطب النفسي الجسدي/ النفسي الاستشاري.

******


في تجليّات للوقت لا تشبه بعضها، قصدت أكبر المشافي الأمريكية في مقابلات عمل، لدهشتي واستغرابي حصلت عل عقود متميّزة من الجميع دون استثناء!

زارتني أثمان تعبي: بعد أكثر من عشرين سنة من العمل والدراسة في المجال الطبي، وكثير من المحاولات الفاشلة، من الكفاح، من الصبر.. بعد أن حاولت النطق باللغة الجديدة، ووضع مكرروا الصدفة معلوماتي الطبيّة تحت المجهر بسبب غيرة نساء، عنصريّة جهلة، نرجسيّة أساتذة..

في تجليّات الوقت تلك علمت أكثر: أنه ما من قوة في الأرض تستطيع أن تقف في وجه طموحك إن أنتَ عزمت عليه وكافحت.

******


في مساء صيفي يشبه الحب الأول، وصلتني تقييمات طلاب الطب الذين علمتهم في العامين الماضيين:

كمّ الامتنان الهائل أذهلني، مع خطاب شكر من رئاسة الكادر التعليمي في كلية الطب: أول أستاذ يحصل على التقييم الممتاز في تعليم جميع المواد الطبيّة لطلاب الطب لمدة سنتين.

قرأتها وبكيت.. أعلم أن وجودنا على هذه الأرض ليس إلا لمساعدة بعضنا بشكل أو بآخر.. الباقي كله وقت منتهي الصلاحيّة.. فلا تعيشوه.


ثم اتخذتُ واحداً من أصعب القرارات في حياتي: الخيار كان بين عمليَن:

الخيار الأسهل كان أن أبقى في الجامعة التي تخصصت في الطب النفسي فيها، بعرض استثنائي في الوقت والمال، كطبيبة نفسية، مساعدة بروفسور، ومساعدة مديرة تدريب الأطباء المقيمين في اختصاص الطب النفسي Associate program director

الخيار الأصعب كان أن أبدأ بداية جديدة في مشفى استثنائي، ولاية جديدة.. وأستمر في حلمي لمحاولة تغيير الطب النفسي.. تطبيعه بنكهة الثقافات المختلفة ومحاربة الوصمة.. مع دعم استثنائي في هذا المجال، و انضممت إلى جامعة كاليفورنيا بعمل برفسور مساعد في الطب النفسي، أخصائية في الطب النفسي الجسدي/ الطب النفسي الاستشاري في كلية الطب البشريّ. 

تحديات كثيرة تواجهني، فأواجهها.. و أحمد الله على شرف المحاولة... 

******


أنا بنت الطبقة المتوسطة و لا حدود لقلبي.. أسمع استغاثة الجائع و المريض بنفس الضمير بغض النظر عن لونه.. جنسه.. جنسيته.. دينه أو توجهه السياسي.. 


أنتمي إلى الحب وطناً و إلى الإنسانية ديناً .. و مذهبي بيّن لا يشبه موروث التقليد و لا يقلّد غربة المستحدث...


يقولون كثيراً:

إن كنتَ لم تفشل، فأنت لم تنجح قط..


و الأصح أنه:

كلما كان طموحك أكبر.. كلما فشلت أكثر.. لكن إخلاصك للطموح الكبير و استمرارك بالمحاولة سيجعل نجاحك مهما بَعُدَ قريب...


لنحاول معاً يا أخوتي فإن وصلنا، فجهدنا كان كافياً و إن لم نصل فسنستمر...


أنتم بوصلتي.. محبتي لكم جميعاً...


لمى محمد


#لمى_محمد

#عليّ_السوريّ_الحب_بالأزرق

#بغددة_سلالم_القُرَّاص

#اسمها_محمد


#عليّ_السوريّ


#الحب_بالأزرق


#بغددة


#سلالم_القُرَّاص


#بساطة


#حب_عربي


#حجر_الشمس


#الطب_النفسي_الاجتماعي


#حكايتي


#العلاج_النفسي_الأدبي


#قريب_من_الأرض


#جدائل_الثالوث_المحرّم



#حب_آخر


#خارج_سياق


#ما_بقيّ_من_البحر

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-