.. ( التعميم .. من مقاصد الأسلوب في القرآن الكريم )
( سورة البقرة نموذجًا )
يُتوصّلُ إلى مقصدِ التعميمِ بوسائلَ منها :
- الموصول :
قال تعالى " قال إنّي أعلمُ مالا تعلمون " (30/2) فلم تحدد الآية شيئًا معيّنًا مما يجهله الملائكة ، فجعلت ما يعلمه الله ويجهله الملائكة أمرًا عامًا لا يمكن تحديده .
قال تعالى " إذْ تبرأ الذين اتُّبعُوا من الذين اتّبَعوا ورأوا العذابَ وتقطّعت بهم الأسبابُ "(166/2) الذين اتّبِعُوا ( بالبناء لما لم يسم فاعله ) يمكن أنْ يكونوا من الشركاء ، أو من أصحاب الفتن ، أو المضللين ، أو المغوين ، أو من غيرهم ، لكنّ الآية الكريمةَ لم تحدد واحدةً أو أكثر من هذه الطوائف وإنّما عممّت بذكر الموصول ليشملها جميعًا دون ذكر واحدةٍ منها .
- التنكير :
قال تعالى " فَوَيْلٌ للذين يكتبون الكتابَ بأيديهم " (79/2) لم يقل ( الويلُ لهم ) ولو قالها لخفّف وقع الويل بما تفيده الألف واللام من تعيين ويل خاص ، أمّا مع حذفها فإنّ كلَّ ويلٍ من كلّ نوعٍ صالح أنْ يكونَ مقصودًا للآية ، وهذه وظيفةٌ من وظائف التعميم .
قال تعالى " وقالوا اتّخذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحانهُ " ( 116/2) فاليهود قالت ( عزير ابن الله) والنصارى قالت ( المسيحُ ابن الله) والعربُ قالت ( الملائكةُ بنات الله) وألحق القدماء الملوك أنسابهم بالإله ، وتعددت الطوائف التي نسبت النسلَ إلى الله سبحانه ، فجاء الفعل ( قالوا) دون تعيين القائل ، وجاء لفظ ( ولدًا) ليشملَ كلّ مَنْ نسبوه زورًا إلى الله سبحانه ، فكان ذلك مثلًا لِما يُستفادُ بالنكرة من التعميم .
ومن إفادة التعميم : وقوع النكرة بعد النفي ، ومنه قوله تعالى " قالوا سبحانك لا عِلمَ لنا إلا ما علمتنا "( 32/2) لقد نفى الملائكة في الآية الكريمة أنْ يكونَ لهم أي قدرٍ من العلم إلا ما علمهم اللهُ سبحانه ، فجاء التنكيرُ بعد النفي ليفيد العمومَ .
يساوي ذلك في إفادة التعميم ، أن يقترنَ النفي بحرف الجرّ الزائد كما في قوله تعالى " وما للظالمين من أنصار" ( 270/2) إذْ أُضيفَ إلى وقوع النكرة بعد النفي ما يفيد توكيد هذا النفي ، وهو حرف الجر الزائد ( مِنْ) ، ومعروفٌ أنّ الزيادة في المبنى زيادة في المعنى ، والذي جاء بالتوكيد هنا كون النكرة في سياق النفي ، وليس هو النفي فقط ، ففي الآية نفيُ كلّ نوع من أنواع الأنصار وكل فرد منهم .
- الشرط :
الشرط مبني على العموم ، والعموم منصب على جملة الشرط ، ثم تُلحق به جملة الجواب والجزاء ، نلحظ ذلك في تعبيرات قرآنية منها قوله تعالى " بلى مَنْ كسبَ سيئةً وأحاطتْ به خطيئتُهُ فأولئك أصحابُ النّار هم فيها خالدون " ( 81/2) أي : كلّ مَنْ كسبَ .
قال تعالى " ومَنْ يَتبدلِ الكفرَ بالإيمانِ فقَدْ ضلَّ سواء السبيلِ " ( 108/2) أي : كلّ مَنْ يتبدّل .
ولا ريب أنّ القرآنَ الكريمَ ثريٌ بالمقاصد الأسلوبية ، وما يُستعان به من وسائلَ للوصول إليها .
ينظــــــــــر : البيان في روائع القرآن – د / تمّام حسّان ( 2/125 : 129) ( بتصــــــرف ) ط ( 2) – عالم الكتب -2003م .
لأننا نؤمن بالحياة.. نحن هنا
في شبكة أضواء الإخبارية، ندرك أن الخبر ليس مجرد حروف، بل هو نبضٌ وإنسان. من قلب التحدي في غزة، نسعى لصناعة غدٍ مشرق يمتد ضياؤه إلى العالم أجمع. رسالتنا هي بث الأمل ونشر الحقيقة، لنرسم معاً ملامح فجرٍ جديد يليق بطموحاتنا العظيمة.
