محطات في تاريخ الاعلام الفلسطيني
(2) يتكلمون ولا يقولون شيئا
زمن طويل جدا انقضى قبل ان تتحول الطباعة البدائية التي عرفتها حضارات وادي الرافدين قبل الميلاد بخمسة الآف سنة، الى مطبعة ابتدعها الالماني الفقير يوهانس غوتنبرغ منتصف القرن الخامس عشر، ثم الى آلة كاتبة ابتدعها البريطاني هنري ميل بدايات القرن الثامن عشر.
ما كان لهذا الاختراع ان يكون مفيدا على هذا النطاق الواسع لولا اختراع الصينيين للورق. سيصبح الورق عما قريب شيئا وراء ظهورنا تماما كرقاع الجلد وورق البردي والاقمشة والالواح التي نقشت عليها الرموز والرسوم والاشارات والحروف الاولى.
تمتم بما تريد لكمبيوترك وسيقوم هو بباقي المهمة، ويوما بعد يوم سيصبح سريعا، ومن يدري فقد يقرأ افكارك ويجنبك حتى عناء التمتمة، وقد يترجمها فورا الى بقية اللغات، وقد يروجها على اوسع نطاق.
لا تحزن كثيرا اذ ترى الكمبيوتر يستولى على مهامك ويقوم بها على نحو افضل منك، لا تحاول منافسته في المهام التي استولى عليها، لقد ترك لك مهمة رئيسية هي ابتداع الفكرة فركز عليها واسأل نفسك: هل لدي ما اقول؟.
كثيرون يتكلمون ولا يقولون شيئا، ذلك ان القول شيء والكلام اشياء اخرى.
كلام كثير قيل وسيقال، وستظل وسائل الاعلام تفتخر بانها قالت، وفتحت ملفات، ولكنك لن تجد وسيلة واحدة تفتخر بانها اغلقت ملفا كانت فتحته، ستظل وسائل الاعلام تبحث عن نسبة متابعة الجمهور لما تبثه، وان ارتقت قليلا فقد تبحث عن نسبة ثقة الجمهور بما تقوله، لن تتجرأ أي منها على فحص نسبة التأثير الذي صنعته كنتيجة لبثها، دراسات الاثر مفتقدة، ليس لأنها صعبة فقط، بل لأن لا احد يرغب بهذا الانكشاف المخجل.
متى دخلت المطابع الى العالم العربي وماذا طبعت في ذلك الوقت؟ ومتى صدرت اول صحيفة عربية واول صحيفة فلسطينية وماذا كانت تكتب؟ اسئلة نجيب عليها لاحقا.
الصورة من مكتبة الكونغرس الامريكي لمطبعة جريدة الصحراء في مدينة بئر السبع عام 1917.