سَلطنة عُمَاَن، وفلسطين حُبٌ، وحَنيِنَ على مدار السنين
خير ما نبدأ فيه ِ مقالنا هذا هُو كلام سيد الأنبياء والمرسلين؛ حيثُ جاء في الحديث الصحيح: "حينما بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، رَجُلًا إلى حَيٍّ مِن أَحْيَاءِ العَرَبِ، فَسَبُّوهُ، وَضَرَبُوهُ، فَجَاءَ إلى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فأخْبَرَهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: "لو أنَّ أَهْلَ عُمَانَ أَتَيْتَ، ما سَبُّوكَ وَلَا ضَرَبُوكَ"؛ وهذا الحديث يوضح مِمِنَ لا ينطق عن الهوى بأن أَهلَ عُمَان أَرَق أفئدة، وأطيب قلُوباً، فلا يُشَم لهم إلا أطيب ريح، وأجمل عطاءٍ وسخَاء .
وتجمع الشعب العُماني الطيب، والشعب الفلسطيني المُجاَهِد رابطة واحدة فنحنُ منهم وهُم منا؛ حيث أن بعضاً من القبائل الكنعانية الفينيقية (الفلسطينية)، هاجروا منذ فجر التاريخ لِعُمان، والتي توافرت لها عوامل أهلتها لتكون مركزًا حضاريا، فوفدت إليها الجماعات مع بداية حضارة الإنسان، بسبب تمركزها بين أهم مناطق الهجرات في عصور ما قبل التاريخ فَقدم العديد من المهاجرين إليها من شبه الجزيرة العربية التي حل بها الجفاف، فبدأت هجرة العديد من الجماعات السامية تتجه إلى مواطن جديدة في الشمال، وكانت هجرة الكنعانيين (الفينيقيين لاحقًا إلى شرقي عمان من أهم تلك الهجرات.؛؛ فالعلاقة بين الشعبين والقيادتين هي علاقة الروح بالجسد الواحد، وعلاقة طيبة، وحميمة، ومتينة، وقوُية، يسودُها الإخاء، والمحبة، والود، والوداد، والتراحم، والاحترام المُتبادل، وبينهُما روابط مُشتركة كثيرة، ومصيرٌ واحِد، وحُب سَرمَدِي، وتعاضد؛ وتلك العلاقة ليس ولَيَدةِ اللحظة بل ضاربة جذورها في عَبق التاريخ، وعلى مر الأزمنة، والعصور؛ فالأمُة العربية، والإسلامية أُمة واحدة، وربهُا سبحانهُ واحد قال تعالي: ( وأن هذهِ أمُتكُم أمةً، واحدة وأنا ربُكم فَعَبُّدُونَ)؛ ولا فرق بين أعجمي، ولا عربي إلا بالتقوى، وهي الأقوى؛ وكما أن فلسطين أرض المحشر والمنشر، وأرض الرباط، وذكرت في القرآن الكريم في كثير من المواضع وفيها قلب المُصحَف سورة الإسراء، وفلسطين أرضُ وقف إسلامية لجميع المسلمين في العالم، وفيها المسجد الأقصى المُبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين وثاني المسجدين، ومعراج النبي صل الله عليه وسلم للسموات العُلا؛ حيث جاء في الحديث الصحيح: لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد : المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى"؛ وصل النبي صل الله عليه وسلم إماماً بجميع الأنبياء، والمرسلين في رحلة المعراج من القدس الشريف؛ وفلسطين مهبط الديانات السماوية الثلاثة الخ..؛ وكذلك سلطنة عُمان فيها وفي شعبها وأهلها الطيبين الخير الكثير، من عراقة الماضي، وأصالة الحاضر، وجمال المستقبل المُزهر في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق بن سعيد حفظه الله، والذي يعمل ليلاً ونهاراً على أن تكون السلطنة وشعبها عنواناً للحضارة والرقي والتقدم، وعنواناً لجمال البيئة، ويحارب الفساد، والفاسدين بكل قوة، وتري في لمساتهِ الخير الكثير، ومن سِمَاتهِ التواضع، والحسمِ، مع الحزم، والعدل، المساواة.؛ وأما لو تكلمنا عن الحرائر الطاهرات الطيبات من نساء الشعب العُماني، فلقد روى الإمام الربيع بن حبيب عن أبي سفيان محبوب بن الرحيل عن رجل من التابعين اسمه أزور قال : إن نسوة من نساء أهل عمان استأذن على أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – فدخلن وسلمن عليها ، فسألتهنّ: من أنتن ؟ قلن : من أهل عمان، فقالت لهن : لقد سمعت حبيبي عليه السلام يقول : ليكثر وراد حوضي من أهل عمان"؛ فيكفيهُم فخراً وشرفاً هذا الحديث؛ وممِن صاحب رسول الله وكان من أصحابة من أهلِ عُمان الصحابي الجليل: "الطفيل بن عمرو الدوسي الأزدي" : فلقد كان هذا العماني من خيرة صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم، ومن الأشراف في الجاهلية والإسلام، وكان أمير قومه، وقتل شهيداً في معركة اليمامة، ولذلك لا غرابة أن يشهد رسول الله لأهل عمان، وفضلهم لما رأى منهم من حسن الخلق والفضيلة ، لاسيما بأن هناك عدد من أهل عمان كانوا في حضرة وصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهم على سبيل المثال : مازن بن غضوبة بن سبيعة بن شماسه بن حيان من أهل سمائل وهو أول من دخل الإسلام من أهل عمان وأتى إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأسلم على يديه، وطلب منه أن يدعو لأهل عمان بكل خير؛ وكعب بن برشه الطاحي : كان مستشارا لملكي عمان جيفر وعبد الجلندى ، وكان يعتنق النصرانية فقدم إلى المدينة لزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى فيه صفات النبوة التي قرأها في كتب المسيحية فأسلم كعب، ورجع بعدها إلى عمان؛ و سلمه بن عياذ الأزدي . والصحابي: صحار بن العباس العبدي : من بني عبد القيس وهو من أكبر العلماء والبلغاء في عمان، وقد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد سأله معاوية بن أبي سفيان عن البلاغة ،فقال له :البلاغة هي الإيجاز فقال معاوية :وما الإيجاز؟ فقال: " أن لا تبطئ، ولا تخطئ "؛ وأبو صفرة سارف بن ظالم الأزدي وهو من كبار القادة في عمان ووالد المهلب بن أبي صفرة وعضو الوفد العماني إلى أبي بكر الصديق الذي كان برئاسة عبد الجلندى بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛والصحابي الجليل عبدالله بن وهب الراسبي الذي كان يعرف بالفصاحة والشجاعة وشهد فتوح العراق مع سعد بن أبي وقاص، وكان أحد قادة جيش علي بن أبي طالب في حروبه وهؤلاء جزء يسير من العُمانيين مِمن تشرفوا بصحبة رسول الله عليه الصلاة والسلام، وما هم إلا جزء يسير من العمانيين الذين عاصروا خاتم الأنبياء والرسل، وكان الأغلب منهم صحابة لرسول الله وتابعين وتابع تابعين لصحابته؛ والتاريخ يشهد على أن الكثير من أهل عمان كان لهم دور كبير في الفتوحات الإسلامية وبالأخص في عهد الخلافة الراشدة؛ وكذلك فلسطين منها الكثير من صحابة رسول الله صل الله عليه وسلم دفنوا فيها أكثر من 18 صحابياً، منهم: أبو عبيدة بن الجراح، عبادة بن الصامت، وأبي أيوب الأنصاري، وشداد بن أوس، رضي الله عنهم أجمعين وفيها قبر سيدنا إبراهيم وزوجته سارة، وإسحاق عليهم السلام قبورهم في مدينة الخليل بفلسطين المحتلة بجوار المسجد الأقصى المبارك، وسيدنا يوسف عليه السلام قبرهُ يقال أنهُ بمدينة نابلس بفلسطين، وفتح مدينة القدس الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وجاء بنفسهِ لتسلم مفاتيح المدينة المُقدسة.
وأما عن العلاقة بين الشعب الفلسطيني والعماني؛ فُيلخِصَها الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى المبارك ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في وصف العلاقة ما بين سلطنة عُمان، وفلسطين قائلاً: " إن سلطنة عمان دولة محبة للشعب الفلسطيني ومدافعة عن حقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة، وهي كذلك دولة يحبها الشعب الفلسطيني، ويعتز بصداقتها لدورها التاريخي في الوقوف إلى جانبه والدفاع عن مقدساته"؛ وفي هذا الإطار تأتي الزيارات المتواصلة التي قام الرئيس الفلسطيني محمود عباس للالتقاء بجلالة السلطان "قابوس بن سعيد" قبل موتهِ، رحمه الله، ووضعه بآخر التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والتباحث المتواصل بينهما بشأن العلاقات الثنائية المتميزة بين فلسطين والسلطنة، وسبل تعزيزها؛ فالعلاقة ما بين السلطنة، وفلسطين علاقة إخوة وصفاء، وإخاء لأن السلطنة تعتبر فلسطين قضيتها الأساسية، وتقدم السلطنة الدعم السياسي والمالي والمعنوي للسلطة الفلسطينية؛ ولذلك دائما ما نجدد القيادة الفلسطينية، وكذلك الشعب الفلسطيني بأطيافه، ومشاربِه المختلفة يشيدون بمواقف السلطنة، والشعب العُماني تِجاه القضية الفلسطينية، ودوُرها الكبير في تعزيز الحق الفلسطيني والعمل على نيله حريته واستقلاله، وتحقيق السلام العادل والشامل؛ كما أن سلطنة عُمان وشعبها الأبي ثابت في مواقِفهم المتواصلة الداعمة للشعب الفلسطيني وللقضية الفلسطينية في كافة المحافل الدولية، وللحقوق العادلة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف، وهناك حرص من القيادة الفلسطينية على التواصل والتشاور المتواصل مع جلالة السلُطان، والقيادة العُمانية لتَعَمِّيق العلاقات الأخوية فيما بينهم، علماً أن سلطنة عُمان، والشعب العماني يصطفون جميعاً مع حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.
الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل "