(( البعد العربي )) للقضية الفلسطينية ضمانة وضرورة وطنية وقومية
حكم طالب *
عضو المكتب السياسي لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني
في هذا المقال أود تسليط الضوء على جانب أساسي ومهم من جوانب القضية الفلسطينية وأحد مقومات دعمها وإسنادها وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في مواصلة نضاله الوطني ضد الاحتلال وصولاً إلى تحقيق أهدافه الوطنية في التحرر والاستقلال ، ويتجسد هذا الجانب في ((البعد العربي)) وكيفية الحفاظ عليه والنهوض به والارتقاء به انسجاما مع ما يواجه الشعب الفلسطيني من تحديات جمة تستهدف ثوابته ومشروعه الوطني ، وكذلك وجوده وتاريخه على هذه الأرض من قبل قوى الظلم والشر والطغيان في هذا العالم والمتمثلة بـ "أمريكا وإسرائيل" .
حقيقة إن الواقع العربي في ظل الواقع المعاش من تجزئة وشرذمة وانقسام ، وغياب لوحدة عربية حقيقية فاعلة موحد ومحصنة ، وإرادة عربية مع الأسف محتلة ومسيطر عليها ومسلوبة واتباع بعض الدول لسياسة الهرولة باتجاه اقامة علاقات مع الاحتلال الذي ما يزال مستمرا في احتلاله ويمارس سياساته العنصرية والاستيطانية بحق الشعب الفلسطيني وزيارات للمسؤولين الإسرائيليين للعديد من الدول العربية مما يشكل عامل إضعاف للموقف الفلسطيني وضاغطا عليه ، وليس عامل إسناد له فأصبحت المواقف العربية تتسم بالضبابية وعدم الوضوح ولا تنسجم مع ما يتم الاتفاق عليه في إطار الجامعة العربية أو على مستوى القمم العربية وعدم الالتزام بمقرراتها في شتى المجالات السياسية والاقتصادية .
إن عدم الالتزام بمقررات القمم العربية والجامعة والتي تنطلق أساساً من أن قضية فلسطين هي قضية العرب المركزية والأولى حسب ميثاق الجامعة والاتفاقات المعقودة ، فهذا حقيقة يعمل على تفريغ الموقف العربي من مضمونه ومحتواه ويضعفه ، وهذا واضح من خلال عدم خروجه محيط ودائرة الاقوال والتصريحات مثل التنديد والشجب والاستنكار وبقائه في هذا الاطار.
إن الشعب الفلسطيني الذي يناضل بالنيابة عن الأمة العربية والإسلامية ضد هذا الاحتلال الذي ما زال يرتكب جرائم حرب وتطهير عرقي بحقه وتسلب أرضه وتسرق مياهه وتدنس وتهود مقدساته ، وخلال هذه المسيرة النضالية الطويلة قدم تضحيات جسيمة وما زال يقدم مما يتطلب تجسيد مواقف عربية مسؤولة تنطلق من المواقف العربية والقومية تجاه القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب المركزية ، ولأنها جزء من الأمن القومي العربي ، وكذلك جزء من تاريخ هذه الأمة وواقعها ومصيرها ومستقبلها .
علينا أن نعي حجم المخاطر والأطماع الصهيونية وأنها لا تقتصر على فلسطين فقط ، بل تتعدى ذلك لتشمل السيطرة على الأمة العربية ومقدراتها وثرواتها وتحقيق الحلم الصهيوني بإقامة ((إسرائيل الكبرى)) على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وأمته العربية ، أي أن الجميع محل استهداف ، مما يتطلب موقفاً عربياً موحداً يخرج من القول إلى الفعل ، وفي إطار تهديد المصالح كطرد السفراء وإغلاق السفارات ، ولدى العرب مقومات إذا تم استغلالها بشكل جيد تسهم في تعزيز مكانة ودور هذه الأمة.
وأود أن أوجه رسالة للدول العربية التي تتسابق في نسج العلاقات واقامتها مع هذا الاحتلال فأقول لهم بمنتهى الصراحة والوضوح : أنتم محل استهداف وحتى لا ينطبق المثل القائل ((أكلت يوم أكل الثور الأبيض )) فالمطلوب أن تستيقظ الأمة العربية من سباتها ومن ظلمة الكهف .