سياحة فكرية
سعدت هذا اليوم بلقاء الكاتب والأديب الفلسطيني الرائع زياد عبد الفتاح ، برفقة الأخ والمفكر الإسلامي عبد الله الزق أبو سليمان
ساعات من السياحة الفكرية خارج الزمن الكوروني الغزي ، في رحاب رواية ، الرتنو ، وداعاً مريم ، ما علينا ، المعبر ، دار الجيش ، ورق حرير والمجموعة القصصية البحر يغضب .
للحديث مع الأديب زياد عبد الفتاح مذاق يتداخل به الأدب مع السياسة مع التجربة الإعلامية ، في سياق التغريبة الفلسطينية ، والثورة المعاصرة .
نص مقتبس من رواية الرتنو .
" فكر سنوحي طويلاً في تركيبة المجلس ، الذي يرئسه الملك ، والمكون من ثمانية بخلاف الملك ، بينهم ثلاث نساء ؟ إحداهن إبنة الملك الكبرى، وثانية باحثة في الشؤون الإجتماعية، والثالثة ممثلة عن الرعية ، وسنوحي ، لم يكن المجلس مجلساً شكلياً وإنما مجلس قرار .
تكون فيه الكلمة المرجحة للملك الذي كان يزن الأمور بميزان الذهب . تساءل الديراوي ، وهو يحاكم في عقله ملك الرتنو والفرعون وسنوحي والشيخ حسان شيخ شيوخ قبائل النقب ، والأشخاص الذين صادفهم أثناء قراءاته وبحثه عن سنوحي . من أية حضارة وأي تراث أتى هؤلاء وهل ينقطع التاريخ ، ليخفي أو ليزيح أشخاصاً وحقباً ، شاء أن يكتبها السياسي على هواه ؟؟ هل ما وصلنا عن هؤلاء تاريخ أم حكايات شعبية توارثتها الأجيال؟ أياً كان الأمر ما دام هناك أحداث وسير ، فأنت أمام تأريخ ضارب القدم وقادر على الصمود في أمام عاديات الزمان "
إن أول رواية في التاريخ تسللت إلينا ، كتبت على ورق البردي، وكان بطلها " سنوحي أو سنوهي أو سنهيت " الطبيب المصري جراح الدماغ والجمجمة ، الذي عاش في عهد الأسرة الفرعونية الثانية عشرة .
رتنو العليا كما كانوا يسمونها تضم الخليل وبيت لحم والقدس ورام الله وصولا لجبال نابلس، ومدينتها المتكئة على جبلي عيبال وجرزيم . كانت نابلس مدينة مزدهرة تصنع منتجات شتى إجتذبت الفراعنة واللبنانيين والسوريين .
نص آخر مقتبس من رواية
وداعاً مريم .
" قالت العرب : في المأزق ينكشف لؤم الطباع ، وفي الفتن تنكشف أصالة الرأي ، وفي الحُكم ينكشف زيف الأخلاق ، وفي المال تنكشف دعوى الورع ، وفي الجاه ينكشف كرم الأصل ، وفي الشدة ينكشف صدق الأخوة "
في رواية وداعا مريم ، يبحر زياد عبد الفتاح فتي تجسيد شخصية الديكتاتور العربي ، بسياق سردي دون تحديد زمان ومكان الرواية ، ففيها شخصية ذلك الرئيس العربي ، الذي جاء لمؤتمر القمة العربي ، عبر البحر ، بيخته الملكي الفاخر ، وشخصية الديكتاتور الذي تم إغراءه بالمال مقابل دفن المخلفات النووية ، بصحراء بلاده ، وإن كانت مسرحية الزعيم التي مثل عادل إمام دور البطوله فيما ، تتناول نفس الفكرة والعرض الهزلي لاخطر القضايا ، إلا أن زياد عبد الفتاح وصدور ورواية وداعا مريم سبقت العرض المسرحي لمسرحية الزعيم بسنوات .
رواية ما علينا رواية المهجر والوجع الفلسطيني النازف ، للروائي والأديب الفلسطيني زياد عبد الفتاح .
مخطيء من يترفع عن القراءة للأدباء العرب عامة والأدباء والكتاب الفلسطينيين خاصة .
جميل ومن الضروري أن نطالع أدب عالمي روسي ولاتيني وأممي ولكن لا يمكن الإستغناء عن الأدب الفلسطيني والعربي .
من الضروري مطالعة الرواية كما الكتب والمؤلفات ، لأن معظم الأفكار والمفكرين لا يستطيعوا توظيف كل الأفكار والنقد ، بسياق كتاباتهم ومؤلفاتهم المقيدة بالبحث الأكاديمي والعلمي ، بالفكر والسياسة والفلسفة وعلم الاجتماع .
ويجد الكاتب مساحة من إيصال الأفكار من خلال السرد الروائي والحبكة الدرامية ، تدفعه لكتابة السير الذاتية والغيرية من خلالها ، وايضاً المؤرخين والبحاثة في العصر الحديث إستطاعوا الوصول بالرواية لسعة إنتشار فاقت أضعاف مضاعفة كتب التاريخ والتوثيق وذلك تبدى بوضوح بمؤلفات وأعمال أمين معلوف برواية صخرة طانيوس و ليون الأفريقي وسمرقند وباقي الأعمال ويوسف زيدان برواية عزازيل التي حازت الشهرة المحلية والعالمية بسرعة البرق رغم أنه أنتج مايقارب من خمسة وستون مؤلف سابق لأهم مخطوطات المكتبات المصرية ،
جبرا جبرا رواية السفينة
رواية القدس وبيت لحم وبغداد رواية البركان المتفجر بعروق الدم للفرد الفلسطيني وعذاب التشريد والفلسطنة المحمولة على الكاهل أينما ترحل ورحل
قد كتب الشعراء آلاف النصوص الشعرية والنثر عن القدس ، ولكن لا يمكن لأحد أن يأتي بنص كما تألق جبرا ابراهيم جبرا ذلك الروائي الأديب المترجم الشاعر الناقد الرسام النحات العبقري المبدع ،وحتى الكتاب بالعامية كيوسف السباعي وآخرين وعبد الكريم السبعاوي بثلاثية أرض كنعان ورابع المستحيل ، تجد أعمالهم تعبر عن واقع مجتمعي وسياسي بسرد روائي وإبداع نقدي يحاكي ظرف ومكان الزمن الروائي
وتوظيف للفلكلور وإستشراف للمستقبل .
من المعروف بدهاً أن الرواية ليست مصدر للتوثيق ولكنها حتماً مصدر أساس للمعرفة و إنتاج الأفكار وخاصة تلك التي يرفضها و يطمسها تابو الاستبداد أو مجون الادلجة
وقد نجح كثير من الكتاب الروائيين بجعل أعمالهم أهم مصار تاريخية ومعرفية لمراحل وأحداث
مثل أمين معلوف وإبراهيم نصرالله برواية زمن الخيول البيضاء رواية النكبة الفلسطينية وابراز الدور المسيحي الأصيل بالصراع وأبعاده ودور الكنيسة الأرثوذكسية وكذلك رواية قناديل ملك الجليل
والياس خوري براوية باب الشمس راوية الهجرة و الشمال الفلسطيني والإغتراب والوجود الفلسطيني بلبنان
وأيضا احمد رفيق عوض
أروع من كتب عن تاريخ عكا والحروب الإفرنجية واسقاطها على الهجمة الصهيونية الإستيطانية الآنية ،تعتبر رواية قدرون من أخطر الأعمال التي تشرح أبعاد وأسباب تفسخ النسيج الأسري والمجتمعي الفلسطيني بزمن الإحتلال الصهيوني .
ورواية عودة منصور اللداوي للأديب القدير الأخ غريب عسقلاني
وربما أستطيع القول بيقين
أن أهم تعريف وتوصيف وشرح لتفاصيل المجتمع الإسرائيلي والتشكيل الحزبي به تجده بالأعمال الرواية الرائعة للاخ المفكر المبدع توفيق أبو شومر المحلل والمختص بالشأن السياسي والفكري الإسرائيلي
ما علينا
رواية زياد عبد الفتاح الروائي الفلسطيني
رجل السياسة والثورة والسلطة و الإعلام لعقود ،
أصدر أهم الأعمال التي تجسد الديكتاتور والاستبداد الفردي للحاكم العربي برواية وداعاً مريم
وإستطاع إحياء حقبة من التاريخ الفلسطيني المطموس لمملكة الرتنو
قبل آلاف السنين مع دلالة الواقع السياسي الاني بإبداع الكاتب الروائي والناقد السياسي ومن يحمل شقاء الهم الوطني بزمن الإنقسام والإستبداد السلطوي الحالي .
أرجو من الشباب والشابات الفلسطينيين
الإهتمام أثناء إنبهارهم بالأعمال العالمية مطالعة الإصدارات المحلية لكتاب شباب معاصرين ك يسري الغول وشعبان حسونة ومجموعة موسعة من أبناء شعبنا تستحق الإحترام والتقدير لجدارتها وتميزها.
هذا النص مقتبس من محاضرة سابقة لي بمركز رشاد الشوا مكتبة ديانا تماري الصباغ بغزة