نشر المخدرات أفضل من إلقاء المتفجرات ! بقلم/ توفيق أبو شومر
إليكم هذه اللقطة الحزينة من صحيفة إسرائيلية: "أصبحت المخدرات في معظم أحياء القدس وباءً وكارثةً وطنية، تُباعُ المخدرات في الشوارع، في وضح النهار، ظهر نوعٌ جديدٌ رخيص الثمن، اسمه، نايس غاي، تُباعُ الجرعةُ الواحدة بأقل من عشرة شواقل لطلاب المدارس غير البالغين.
ألقى بعضُ المروجين في ساحة إحدى المدارس اثنتين وسبعين عبوة مخدرة، لغرض نشر الإدمان، يشعر آباءُ الطلاب بالرعب، وهم ينتظرون عودة أبنائهم من المدارس، غمرت المخدرات أسواق القدس بأسعار رخيصة في وضح النهار،
ظهر صنف جديد ورخيص اسمه (نايس غاي) الجرعة منه بعشرة شواقل أو أقل.
تستعمل المخدرات لإسقاط العملاء، يحضر المدمنون الإسرائيليين إلى شوارع القدس لشراء المخدرات، وذلك لرخص ثمنها، يهرب المروجون من ملاحقة الشرطة الشكلية!! يحتمي المهربون حول نقاط التفتيش الإسرائيلية. في حاجز شعفاط، وباب العمود، وسلوان.
هناك قولٌ يتردَّد على لسان الشرطة، غير المكترثة بهذا الوباء، هو:
"إن نشر المخدرات أفضل من إلقاء زجاجات المولوتوف المتفجرة"
عقد في مخيم شعفاط مؤتمرٌ شعبي فلسطيني لوضع خطط للحد من انتشار المخدرات في القدس، وقَّع الحاضرون على وثيقة لرفع الحماية عن الأسر التي تتاجر بالمخدرات وتحمي مروجيها، الخطة تنصُّ على مقاطعتهم، وعدم المشاركة في احتفالاتهم، وجنازاتهم.
لم يكتفِ سكانُ القدس بذلك، بل أحاط عددٌ من سكان القدس ببيت تاجر مخدرات معروف للاحتجاج على ما يفعله، كان المنزل محاطا بالكاميرات وصاحبه مسلح، وهو من أشهر المتاجرين بها.
بدلا من أن تُشجع الشرطة الإسرائيلية هذه الفعاليات الشعبية، ألقت الغازَ المسيل للدموع، على اجتماعٍ شعبي فلسطيني مماثل قبل عدة أسابيع، اعتقلت بعض المشاركين للتحقيق معهم، لمنعهم من مواجهة هذه الكارثة، بتهمة أنهم يجتمعون اجتماعات سياسية."
(كلُّ ما ورد في المقال كان تلخيصا لتحقيقٍ صحفيِّ نشرتْهُ صحيفة، هآرتس الإسرائيلية اليسارية، يوم 1-12-2019م.)
نُشرت بعضُ الصحف الفلسطينية نص التحقيق، وأغفلته صحفٌ فلسطينية وعربية عديدة، وذلك لانشغالنا بقضايا فلسطينية فرعية، ثانوية، على رأسها صفعة القرن، وتبادل التهم، وتنظيم انطلاقات الأحزاب، وخطابات قادة الفصائل، والانقسام!!
أليستُ تلك جريمة كُبرى ترتكبها دولةُ عضوٌ في الأمم المتحدة، وقعت على مواثيق القانون الدولي القاضي بتحريم نشر المخدرات، وبخاصة بين الشباب في كل دول العالم؟
أليست هذه الكارثة تُشبه كارثة، حرب الأفيون التي جرت بين إنجلترا والصين عام 1829؟
هذه الحرب استمرتْ عدة سنوات، حينما غزا أسطول بريطانيا الصين، لأن الصينيين الوطنيين أغرقوا سفينة تابعة لشركة الهند الشرقية، المملوكة لبريطانيا لأنها محمَّلة بالأفيون، لكي يُباع في الصين، كان إغراق السفينة واجبا وطنيا صينيا، لكن البريطانيين، مروجي الإدمان غزَوْا شواطئ الصين، وأرغموا الصينيين بالسماح ببيع المخدرات في أسواقهم بالإضافة إلى اقتطاع جزيرة، هونغ كونج من الصين!
هذه الحروب التي يقودها المحتلون الإسرائيليون، لها عدة أشكال، ففي قرية العيسوية في القدس، تقوم الشرطة الإسرائيلية وحرس الحدود بعربدة يومية على السكان، وفي سلوان يُطاردون السكان الفلسطينيين باستخدام سلاح المحاكم، مما يؤدي إلى ترحيلهم عن بيوتهم، أما في محيط الحرم المقدسي، فإن سلطات الضريبة والأرنونا تُطارد التجار الفلسطينيين، كل ذلك فيما عدا، حواجز التفتيش!
ألا يجب علينا أن نعلن، بأن القدس، المدينة التراثية العالمية، المحمية بالقانون الدولي، هي المدينة المنكوبة الأولى في العالم؟ ثم، أين إعلامنُا الفلسطيني من هذه الكارثة؟ وأين دبلوماسيونا الفلسطينيون من هذه النكبة؟!!