أخر الاخبار

رواية العنقاء كاملة : الجزء 25: رواية تاريخية تحدثت عن إنتصار المقاومة في غزة ما بين فترة الحكم العثماني و الاحتلال الفرنسي.

رواية العنقاء كاملة : الجزء 25:  رواية تاريخية تحدثت عن إنتصار المقاومة في غزة ما بين فترة الحكم العثماني و الاحتلال الفرنسي. للكاتب عبد الكريم السبعاوي في 1942  المولود في حارة التفاح بمدينة غزة لأسرة فقيرة لكنها حفية بالعلم والثقافة
----------------

مثل ريح السموم سرت الشاعة في الحارة ( خضرة حامل ) كذب الشاعة قــوم ..
وصدقها آخرون .. وما لبثت أن صارت خبز الناس وملحهم .
تواقح سالم مع عمه كما لم يفعل من قبل :
- قالوا لجحا التعاريص دخلت حارتك .. قاللهم مادام بيتي بخيـر أنـا بخيـر .. قـالوا لـه
التعاريص دخلت بيتك .. قال مادام قفاي بخير أنا بخير .
نهره شيخ الحارة :
- لو أن أحدا" غيرك يا سالم خاطبني في خضرة ما لمته .. أم أنك تريد أن تقتل القتيل وتمشي
في جنازته .. لقد ارسل لي شيخ المشايخ لحضور اجتماع لمشايخ الحارات .. وأنا ذاهب إليه
فل تعطلني .. أما إذا كنت تريد الوشاية بأحد كما فعلت من قبل فتعال معي .
- لم أش بأحد .. قلت لكم ذلك ألف مرة .. أنا رجل حر .. ول أريد أن أضع قرونــا" علــى
رأسي .. هذه الحارة حارتي وسأرى من معي ومن مع خضره.
انطلق سالم من المضافة يجعر مثل حمار شم رائحة البول :
- يا أهل حارة التعاريص .. ياللي خضرة طلعت لكو قرون .. يــا توطــوا روســكو فــي
الرض .. يا تغسلوا العار .
خرج الناس من بيوتهم واجمين .. وحدهم السفلة والراذل اتبعوا سالم .
- خضرة لزم تعترف .
- لزم تقر مين إللي عمل العملة .
- يمكن مش من الحارة .
- لزم نعرف الصحيح .
وصلوا دكان الزهار .. قال له سالم :
- هل تخرجها لنا أم نقتحم عليها الدار ؟
تردد الزهار :
- يا ناس ال أمر بالستر .
دقوا على الشباك بقوة .
- أخرجي أيتها العاهرة .
خرجت خضرة تمشي الهوينى وقد أثقلها الحمل .
- ماذا تريدون ؟
تحلقوا حولها .. أخذتهم المفاجأة .
- ماذا تريد يا سالم ؟
- نريد أن نعرف .
- ما الذي تريدون معرفته ؟
- ابن من هذا ؟
ضحكت خضرة بأعلى صوتها .. ارتج عليهم .. لم تكن خائفة ول مهزوزة .. بــدت
أقوى منهم وهي تتسلح بسخريتها وتتهيأ للنزال غير المتكافئ .
تدخل الزهار محاول" منع الشر :
- ابن مـن يا خضـرة ؟ قولي .. وسـوف أتدبـر المـر مـع الفاعـل كائنا" من كان .
تعالت الصوات :
- ابن من .. ابن من .. تكلمي .
انخرط طبوع أبو الرواكي في البكاء حتى اهتزت قربة الماء على ظهره :
- مسكينة خضرة .. اتركوها وأنا أقول لكم ابن من ؟
التفت إليه الجميع ..
- ابن من يا طبوع ؟
- ابن العسكر .
صفعه سالم على وجهه :
- أغرب أيها البله .
ثم التفت إلى خضرة .. هزها بعنف :
- تكلمي وإل ؟
تكلمت خضرة :
- إنه ابن الحارة .. ابنكم جميعا" .. ألم تتناوبوا علي الواحد تلو الخر ؟
صرخت رقية أولى زوجات سالم :
- إنها تريد أن توقع الشر بيننا .. اقتلوها .
انفلت حجر من الصفوف الخلفية أصابها في وجهها .. سال الدم على ثيابها ..
شق شهوان الصفوف حتى وقف بينها وبينهم :
- اتركوا خضرة .. أنا والد الطفل .. أنا الذي فعلتها .
أزاحته خضرة :
- ل تصدقوه .
صرخ كمن تلقى طعنه :
- بل أنا .
همست في أذنه :
- النك الوحيد الذي جاءني في رابعة النهار .. وأراني وجهه ؟ ماذا عن الخرين ؟
أشارت إلى أهل الحارة :
- أيها الجبناء .. لقد كنتم تتسللون إلى فراشي الواحد تلو الخر .. لم أرد من الــذين وفــدوا
علي سوى قتلة أبي .. سالم ونظمي .. صفعت أحدهما وأشارت إلى ســالم .. أمــا الخــر
فبصقت في وجهه .
انقضت عليها رقية :
- اخرسي يا فاجرة .. سالم أشرف من أبوكي وجدودك .
أرادت أن تشج رأسها بحجر كان في قبضتها .. لول أن هرعت سكينة إلــى حيــث
تركع خضرة وطوقتها بذراعيها ..
- اقتلوني معها إن شئتم .. أل يكفي ما جرى لها بسببكم .. أيــن كــانت مراجلكــم عنــدما
اغتصبها العسكر ؟ اتفوه عليكم .. قال أشراف وبغاروا عالعرض .
توسلت خضرة :
- دعيني لهم يا سكينة فأنا أستحق ما سيجري علي .
صرخ سالم كحيوان حيل بينه وبين الفريسة :
- انضبي يا سكينة .
- هل ستشي بي عند تيمور الضرغام كما فعلت بوالد خضرة ؟
أراد أن يصفعها .. لكن حسان السلمين حال بينهما .. وقال لزوجته :
- هيا بنا إلى البيت .. لحم كلب في ملوخيه.
حينما تمنعت رمى عليها يمين الطلق .
- طلق .. طلق وال ما بسيب هالبنت لو بأموت .
قال شهوان :
- اذهبي يا سكينة .. واحضري شيخ الحارة .. لن يقدر على سالم غيره .
انطلقت تركض باتجاه المضافة .. انهمرت الحجارة على رأس شهوان وخضــرة ..
أغمي على شهوان .. أشار سالم لزبانيته :
- احملوه بعيدا" .
حملوه الى دكان الزهار .. صرخ سالم بتشف :
- تكلمي يا خضرة .
غامت عيون خضرة .. تهالكت ركبتاها .. ركعت على الرض وقد غطاها الــدم ..
توضأ والدها لصلة العيد .. لبس قنبازه الروزة وهم بالخروج .. أوقفته لتقبل يـده .. كـانت
ترتدي أجمل ثيابها وتعقد شريطا" أحمر في شعرها الناعم الطويل .. أمها انتهت مــن طبــخ
القراصية وتوزيعها على الطباق .. ناولت والدها طبقا" من القراصية .. مل الملعقة وناولها .
- تذوقي يا ابنتي حلوى العيد .. كل عام وأنت بخير .
سمعوا طرقا" شديدا" على الباب .. دهم العسكر البيت .. ضــربوا بأقــدامهم أطبــاق
الحلوى فاختلطت بالتراب .. شدوا والدها إلى جزع الجميزة :
- أين الذهب يا عامري ؟
لم ينتظروا الجابة .. فرقعت السياط في الهواء وانهالت على الجسد .. تخضب قنبازه
الروزة بالدم .. هرعت أمها لكي تتلقى عنه السياط .. دفعوها بعيدا" .. صاروا يلقفونها الواحد
للخر كالكرة .. أغمي عليها .
انكمشت خضره على نفسها إلى جانب الجدار مشلولة من الرعب .. اكتشـف أحـد العسـكر
مخبأها :
- الن سنعرف مكان الذهب .
جلس أمامها مباشرة مستندا" على ركبتيه .. أدار وجهها ناحيته :
- تكلمي يا حلوة .. أين الذهب ؟
حاولت الفرار مثل أرنب مذعور .. أطبق عليها .. جاهدت للفلت .. ضـمها إلـى
صدره ضمة قوية كادت تزهق أنفاسها .. أخذ يتحسس جسدها بنهم .. عاودت كفاه الفظتــان
نهش جسدها .. دافعته عن نفسها .. مزق ثيابها وطواها تحته إلى جانب الجدار .. صــرخت
حتى انشق حلقها .. سلمها لمن يليه .. أغمي عليها .. ليس في أذنها سوى دوي أصواتهم :
- تكلمي .
هزها سالم من كتفيها .. فامتلت راحتاه بالدم :
- تكلمي وإل ....
وصل الخبر إلى مريم .. كانت تعجن .. فركضت إلى دكان الزهار والعجيــن فــي
كفيها .. صرخت :
- يا شماتة العدوين فيكي يا مريم .
كان شهوان طريحا" على الرض مغمى عليه .. الدماء تنزف من رأسه .. وضــعت
رأسه على ركبتها .. تناولت البن من الزهار .. ملت الجرح .. فتح عينيه :
- سامحيني يا مريم .
- كنت أحسب أنك تقتل نفسك من أجلي فقط .. وإذا بك تقتل نفسك من أجل أي امرأة .. ولو
كانت عاهرة كخضرة .. أل ترثي لمن باعت الهل والقارب لجلـك وعاشـت فـي بيتـك
مقطوعة من شجرة ؟أل ترثي لولدك؟
سحبت ركبتها من تحت راسه .. فهوى على الرض .. انطلقت تعدو إلى بيتها وهي
تولول :
- وين كان مخبالك يا مريم .. يا غضيبة الوالدين .
لم تجد سكينة أحدا" في المضافة .. ركضت مجنونة إلى الجماقية علها تجــد بعــض
السقايين أو العيوانية .. تنتخيهم لنقاذ خضرة .
كان جوهر على ظهر حصانه الغوج .. ومعه اثنان من العبيد على خيـولهم يـردون
الحوض وجوهر يحدو لهم :
- الخيل على الميه .. تتباهى بصدورها
 ورجال الحميه .. عقبان عاظهورها
صرخت سكينه :
- في عرضكم يا رجال .
قال جوهر :
- أبشري يا حرمه .
- يريدون قتل خضرة .. هناك .
أشارت إلى دكان الزهار .
طارت بهم الخيل إلى حيث أشارت .. عندما وصلوا قال جوهر لرجاله :
- أطلقوا الطبنجات .
اهتز المكان كله بالرعد القاصف .
التفت الجميع مذهولين .. تهاوت أذرعهم التي تحمل الحجارة .. دهمهم جوهر بحصــانه ..
وصل خضرة في الرمق الخير .. القى عليها عباءته
- خضرة في جيرة ال وجيرة يونس .. اليد إللي بتنمد عليها بتنقطع .. استل عبيده ســيوفهم
وأحاطوا به ... نكس سالم راسه ومضى .. تبعه الخرون دون أن يتفوه أحد بكلمة .
أشار جوهر لعبيده :
- إحملوها إلى الداخل .
أضجعوها في الغرفة وتحلقوا حولها .. أسـندتها سكينة إلى صدرها .. وأخذت تمسح
الدماء عن وجهها بمنديل مبلل .
- حين على شبابك يا خضرة .
فتحت خضرة عينيها :
- لماذا لم تتركيني لهم يا سكينه ؟ أنا إمرأة نجسه .. خضت في الحرام وحملــت ســفاحا" ..
سمعت أن الذي يعاقب في الدنيا يسقط عنه العقاب في الخرة .. أردت أن ألحق بأمي وأبــي
وقد تطهرت من وسخ الدنيا .. أخذتها إغماءة قصيرة .. صار جسدها يختلج بقوة كأن شــيئا"
في داخلها يتصدع .. أخيرا" هدأ الجسد .. سرت فيه برودة أحســتها ســكينة فــأدركت أنــه
الموت .
- ل حول ول قوة إل بال
فتحت خضرة عينيها ثانية .. أدارت البصر فيمن حولها :
- أتظنون ال يغفر لي ؟
مد جوهر يده ولمس كتفها :
- قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا من رحمة ال إن ال يغفر الذنوب جميعا" .
سالت الدموع من عيون خضرة .. دموع غزيرة كأنها تنبع من مكان سحيق في القلب
وتغسل سائر البدن .. ثم ما لبثت أن هدأت واشرق وجهها الشمعي بطيف ابتسامة .
مدت ذراعها الواهنة إلى حيث يتسلل الضوء من الباب المشرع .. هتفت :
- أبي .. لماذا تأخرت ؟
وسقط رأسها في حجر سكينة .
???
 رواية العنقاء كاملة :الجزء 26:
 رواية العنقاء كاملة :الجزء 24:


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-