أخر الاخبار

فرق في المعنى بيْن ( ما و لا ) في النفي - دكتور سعد بن محمد داود

لا شك أنّ لكل لفظ ِ ظله الخاص من المعنى ، وإنْ تشابه مع غيره في العمل ، كقولهم بتعدد الأدوات لإفادة النفي ، دون التفطن لخصوصية المعنى .. وهاكَ الدليلَ :
يبدو اختلاف (ما) و( لا) في النفي عند العطف ، سواء عطف المفردات ، أو عطف الجمل .
فإذا عطفت مفردًا منفيًا على مفردٍ منفيِّ ، كانت ( لا ) هي الأداةُ ، دون (ما ) ، كما في قوله تعالى " ما يودّ الذينَ كفروا من أهلِ الكتابِ ولا المشركينَ أنْ يُنزّل عليكم من خيرٍ من ربّكم " ( آية 105 البقرة ) فلا يجوزُ وضع (ما) مكان (لا) في هذا الموضع ، أمّا إذا عطفتَ جملةً منفيةً على أخرى منفيةً ، فإنْ كان نفيُ الثانيةُ مستقلّاً عن الأولى ، دخلت ( ما ) عليهما معًا ، قال تعالى " وما قتلوه وما صلبوه " ( من الآية 157 النساء ) وذلك أنّ دعوى القتل ، لا تتضمن دعوى الصلب ، فكلّ منهما تمّ بمعزل عن الأخرى مستقلًا عنها ، ومن هنا نفى كلّ من الدعويين نفيًا مستقلًا بواسطة (ما) ، ولو ترتّب الصلب في الدعوى على القتل : لقيل ( ولا صلبوه ) ، وهذا ما نجد نموذجه في قوله تعالى " قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به " ( آية 16 يونس) ، إذْ إنّ الدرايةَ مترتبةٌ على التلاوة ، فكان ارتباطُ الحدثين أحدهما بالآخر سببًا في مجيء ( لا ) بدلًاً من (ما) .
وهناك سببٌ آخر : وهو أنّه لو جاءتْ (ما) مكان (لا ) لنشأ التباسُ النفي بالتعجب .
ثمّ إنّ هناك فرقًا آخر بين ( ما) و(لا) في المعنى ، من حيثُ تختص( لا) بنفي الجنس في صورة الاسم النكرة ، ولا تتمتع ( ما ) بهذا الاختصاص ، وإنّما تدخل على المعرفة ، ويحتاج دخولها على النكرة إلى مسوّغ .
من هنا نفهم أنّ دعوى الترادف بيْن الأداتين غير مستقيمة ، وإنْ جمع بيْنهما معنى النفي .

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-