ترجمة: رنا ياسر
المصدر: Open Democracy
“ذُعر وإصرار على معرفة رأي شيخ العائلة”.. لقد هددها والدها بعدم دفع مصروفاتها الجامعية بعدما قوبل خبر إلحادها بعنف، حتى اضطرت إلى الكذب لتهدئة الأمر وأخبرتهم أنها: “مازالت تؤمن بالله”.
سارة، فتاة تبلغ من العٌمر 15 عامًا، تصف شعورها إزاء والديها وعدم ارتياحها في أن تحكي لهم ما يدور بداخها، فقد حاولت أن تنغمس في الأمور الدينية منذ سن مبكر حتى وصلت إلى الإلحاد الذي لم يُقابل بهدوء كما توقعت، تبعًا لما نشره موقع “أوبن ديموكراسي” .
فما كان نتيجة ذلك، إلا أن اتجهت إلى تناول المشروبات الكحولية دون علمهم، وإلى ما هو أكثر من ذلك، ووصفت وضعها وما انتابها من تغييرات بأنه “ناتج عن القيود التي وضعها المجتمع عليها”.
وبناءً على ثلاثة مؤشرات: مؤشر التقدم الاجتماعي، ومؤشر الأداء البيئي، وتقرير الفجوة بين الجنسين في المنتدى الاقتصادي العالمي، تأتي مصر في المرتبة السادسة بين أقل 15 دولة ليبرالية في العالم.
وعلى الرغم من ثورة يناير عام 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وحُكمه، لا تزال النساء في مصر تعاني من مشاكل عدة منها ما يتعلق بمسائل الطلاق، ومنها ما له علاقة بالمشاكل الطبية الخاصة بتشويه الأعضاء التناسلية فضلاً عن مشكلات التحرش الجنسي إلى جانب مشاكل التعليم التي تواجهها بعض الفتيات في القرى.
ووفقًا للدراسة الاستقصائية الدولية بشأن الرجال والمساواة بين الجنسين، فإن حوالي 86.8% من الرجال يعتقدون أن أقصى أولويات المرأة يجب أن تتضمن رعايتها لمنزلها وأسرتها قبل طموحاتها في الحصول على وظيفة كالرجال، وفي هذه الأثناء، فإن حوالي 90% من الرجال يعتقدون أنه ينبغي على النساء أن تتقبل العنف من أزواجهن أو شريك حياتهن دون الانفصال عن الأسرة طالما بُنيت، وبالنسبة لنفس المعايير، لا تفكر النساء بشكل مختلف كثيرًا، فقد أوضحت دراسة نسب 76.6% و 70.9% – على التوالي- تعكس نمطًا مُشابهًا للفكر بين النساء أنفسهن.
“لا يمكنني حتى إخبارهم بأنني تعرضت للاغتصاب ذات يوم”، تصف سارة مدى شعورها بالقلق حيث ينتابها الكوابيس كل ليلة، وتعاني الآن من ضغط عصبي واضطراب ما بعد الصدمة فضلاً عن تعبها من نوبات الذعر، قائلة للموقع البريطاني: “أشعر أنني أعيش مُتخفية وراء قناع، وإذا علموا شيئًا سأقتل نفسي”.
أما نورا- التي تبلغ من العُمر 28 عامًا، طالبة دكتوراه- فهي تشارك سارة نفس المشاعر، إذ تعاني من واقع أكثر صعوبة، قائلة: “التقاليد لدى أبي، كالسوط الذي يستخدمه ضدي، ففي كل مرة أفكر بالبوح فيها، أخشى من احتمالية وقوع عنف ضدي، وقالت عادة ما أفكر في إيذاء نفسي للتخفف مما أحمل من أعباء”، فهي تدرك أن ميولها الجنسية المزدوجة ستكون سببًا في موتها على يد أسرتها، ومن المفارقات أنها تتمنى: “لو يزول ذلك بطريقة أو بأخرى”، حسبما روت لـ “أوبن ديموكراسي”.
ومن ناحية زينب، فهي تنزعج من الاختلافات التي تفصل بينها وبين والديها بسبب نظرتهم إلى المجتمع المحافظ، إذ تقول: “فحسب معتقداتهم، هناك جوانب من حياتي غير مقبولة من الناحية الثقافية والدينية، كما يعتقدون أنني أهدد مُستقبلي وأضع ذاتي في وضع خطر، لذا فهم يشعرون بالقلق على نحو ما”، هذا النهج الذي يثير قلقها مما يدفعها إلى الكذب عليهم بعض الأوقات و التهرب من أسألتهم، واصفة ذلك بقولها: “أشعر بالعداء نحوي وكأنه مستحيلاً أن أشعر بالإطمئنان بشكل تام، فلقد أحُبطت كثيرًا، وهذا أرهقني”
واحد من أكثر النواحي صعوبة في حياة زينب المزدوجة هو عدم قدرتها على الحديث بأريحية حول ما تشعر به حتى في أثناء بعض اللحظات صعوبة: “قد يكون هذا القلق سببًا مؤثرًا على قراراتي اليومية، أشعر بأن سلامة جسدي وصحتي مُهددة، مما جعلني أشعر بالإكتئاب”.
وفي هذا الإطار تحدث أستاذ أستاذ الاجتماع والسياسي الاجتماعي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، عمرو علي واصفًا هذه الحالات بأنها: نوع من “الاضطراب الاجتماعي”، مؤكدًا أن المرأة مُعرضة إلى أن تكون واحدة من أوائل الضحايا على الخطوط الأمامية لهذا الاضطراب حيث يُذكر أن 99.3٪ من النساء في مصر يتعرضن للتحرش الجنسي، وبالنظر إلى هذه القضية المروعة، فالنسبة المئوية غير صادمة، لذا صار الاضطراب الذي يصيب أغلبهن، ليس غريبًا.
وتابع: “اسمع من السيدات المصريات مشكلاتهن الإيمانية ورغبتهن في الشعور بالرحمة، حتى صارت معتقداتهن قابلة للزوال جراء العنف الذي يتعرضن له أو جراء الإلزام الإجباري مثلاً في بعض المجتمعات المصرية لارتداء الفتيات الصغار الحجاب في سن مُبكر” .
ولا يخفى أن تعزيز قوة الرجل في المجتمع والسماح بضربه للمرأة – وهو أمر غير مسموح به في الشريعة الإسلامية – يُظهر تغيُيرات في المشهد وتعاطفًا إزاء المرأة التي تتعرض لهذا النوع من العنف، كما يعتقد خبراء الصحة العقلية أن عواقب العيش على هذا النهج يتجاوز مراحل الاختلافات العائلية.
خلصت دراسة قامت بها جامعة نوتردام الأمريكية على مدار 10 أسابيع، إلى أن الأفراد الذين لا يفضّلون الكذب، يقل تعرضهم لأمراض الصحة العقلية، هذا بالإضافة إلى تحسُن علاقاتهم الاجتماعية والتفاعلية.
فضلاً عما قاله الطبيب النفسي، شريف عثمان، من القاهرة، الذي يصف الأكاذيب عمومًا بقوله: “إن الأكاذيب تتحول مع الوقت إلى شيء اعتيادي على المدى الطويل ولا يمكن السيطرة على الكذب بعد ذلك ومن ثم يحدث مرض عقلي”.
ويوصي عثمان بالوصول إلى حل توافقي فيما يتعلق بالمسائل التي لا تقبلها العائلات.
ويقول: “علينا أن نحاول استخدام مهاراتنا التفاوضية للمطالبة بالمزيد من الحقوق بدلاً من لجوء الفتيات إلى المراوغة والكذب”، على اعتبار أن حُب الأسرة لبناتهن منذ الصغر يجب أن يتفوق على أي خلاف.
المصدر: Open Democracy
“ذُعر وإصرار على معرفة رأي شيخ العائلة”.. لقد هددها والدها بعدم دفع مصروفاتها الجامعية بعدما قوبل خبر إلحادها بعنف، حتى اضطرت إلى الكذب لتهدئة الأمر وأخبرتهم أنها: “مازالت تؤمن بالله”.
سارة، فتاة تبلغ من العٌمر 15 عامًا، تصف شعورها إزاء والديها وعدم ارتياحها في أن تحكي لهم ما يدور بداخها، فقد حاولت أن تنغمس في الأمور الدينية منذ سن مبكر حتى وصلت إلى الإلحاد الذي لم يُقابل بهدوء كما توقعت، تبعًا لما نشره موقع “أوبن ديموكراسي” .
فما كان نتيجة ذلك، إلا أن اتجهت إلى تناول المشروبات الكحولية دون علمهم، وإلى ما هو أكثر من ذلك، ووصفت وضعها وما انتابها من تغييرات بأنه “ناتج عن القيود التي وضعها المجتمع عليها”.
وبناءً على ثلاثة مؤشرات: مؤشر التقدم الاجتماعي، ومؤشر الأداء البيئي، وتقرير الفجوة بين الجنسين في المنتدى الاقتصادي العالمي، تأتي مصر في المرتبة السادسة بين أقل 15 دولة ليبرالية في العالم.
وعلى الرغم من ثورة يناير عام 2011 التي أطاحت بالرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وحُكمه، لا تزال النساء في مصر تعاني من مشاكل عدة منها ما يتعلق بمسائل الطلاق، ومنها ما له علاقة بالمشاكل الطبية الخاصة بتشويه الأعضاء التناسلية فضلاً عن مشكلات التحرش الجنسي إلى جانب مشاكل التعليم التي تواجهها بعض الفتيات في القرى.
ووفقًا للدراسة الاستقصائية الدولية بشأن الرجال والمساواة بين الجنسين، فإن حوالي 86.8% من الرجال يعتقدون أن أقصى أولويات المرأة يجب أن تتضمن رعايتها لمنزلها وأسرتها قبل طموحاتها في الحصول على وظيفة كالرجال، وفي هذه الأثناء، فإن حوالي 90% من الرجال يعتقدون أنه ينبغي على النساء أن تتقبل العنف من أزواجهن أو شريك حياتهن دون الانفصال عن الأسرة طالما بُنيت، وبالنسبة لنفس المعايير، لا تفكر النساء بشكل مختلف كثيرًا، فقد أوضحت دراسة نسب 76.6% و 70.9% – على التوالي- تعكس نمطًا مُشابهًا للفكر بين النساء أنفسهن.
“لا يمكنني حتى إخبارهم بأنني تعرضت للاغتصاب ذات يوم”، تصف سارة مدى شعورها بالقلق حيث ينتابها الكوابيس كل ليلة، وتعاني الآن من ضغط عصبي واضطراب ما بعد الصدمة فضلاً عن تعبها من نوبات الذعر، قائلة للموقع البريطاني: “أشعر أنني أعيش مُتخفية وراء قناع، وإذا علموا شيئًا سأقتل نفسي”.
أما نورا- التي تبلغ من العُمر 28 عامًا، طالبة دكتوراه- فهي تشارك سارة نفس المشاعر، إذ تعاني من واقع أكثر صعوبة، قائلة: “التقاليد لدى أبي، كالسوط الذي يستخدمه ضدي، ففي كل مرة أفكر بالبوح فيها، أخشى من احتمالية وقوع عنف ضدي، وقالت عادة ما أفكر في إيذاء نفسي للتخفف مما أحمل من أعباء”، فهي تدرك أن ميولها الجنسية المزدوجة ستكون سببًا في موتها على يد أسرتها، ومن المفارقات أنها تتمنى: “لو يزول ذلك بطريقة أو بأخرى”، حسبما روت لـ “أوبن ديموكراسي”.
ومن ناحية زينب، فهي تنزعج من الاختلافات التي تفصل بينها وبين والديها بسبب نظرتهم إلى المجتمع المحافظ، إذ تقول: “فحسب معتقداتهم، هناك جوانب من حياتي غير مقبولة من الناحية الثقافية والدينية، كما يعتقدون أنني أهدد مُستقبلي وأضع ذاتي في وضع خطر، لذا فهم يشعرون بالقلق على نحو ما”، هذا النهج الذي يثير قلقها مما يدفعها إلى الكذب عليهم بعض الأوقات و التهرب من أسألتهم، واصفة ذلك بقولها: “أشعر بالعداء نحوي وكأنه مستحيلاً أن أشعر بالإطمئنان بشكل تام، فلقد أحُبطت كثيرًا، وهذا أرهقني”
واحد من أكثر النواحي صعوبة في حياة زينب المزدوجة هو عدم قدرتها على الحديث بأريحية حول ما تشعر به حتى في أثناء بعض اللحظات صعوبة: “قد يكون هذا القلق سببًا مؤثرًا على قراراتي اليومية، أشعر بأن سلامة جسدي وصحتي مُهددة، مما جعلني أشعر بالإكتئاب”.
وفي هذا الإطار تحدث أستاذ أستاذ الاجتماع والسياسي الاجتماعي بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، عمرو علي واصفًا هذه الحالات بأنها: نوع من “الاضطراب الاجتماعي”، مؤكدًا أن المرأة مُعرضة إلى أن تكون واحدة من أوائل الضحايا على الخطوط الأمامية لهذا الاضطراب حيث يُذكر أن 99.3٪ من النساء في مصر يتعرضن للتحرش الجنسي، وبالنظر إلى هذه القضية المروعة، فالنسبة المئوية غير صادمة، لذا صار الاضطراب الذي يصيب أغلبهن، ليس غريبًا.
وتابع: “اسمع من السيدات المصريات مشكلاتهن الإيمانية ورغبتهن في الشعور بالرحمة، حتى صارت معتقداتهن قابلة للزوال جراء العنف الذي يتعرضن له أو جراء الإلزام الإجباري مثلاً في بعض المجتمعات المصرية لارتداء الفتيات الصغار الحجاب في سن مُبكر” .
ولا يخفى أن تعزيز قوة الرجل في المجتمع والسماح بضربه للمرأة – وهو أمر غير مسموح به في الشريعة الإسلامية – يُظهر تغيُيرات في المشهد وتعاطفًا إزاء المرأة التي تتعرض لهذا النوع من العنف، كما يعتقد خبراء الصحة العقلية أن عواقب العيش على هذا النهج يتجاوز مراحل الاختلافات العائلية.
خلصت دراسة قامت بها جامعة نوتردام الأمريكية على مدار 10 أسابيع، إلى أن الأفراد الذين لا يفضّلون الكذب، يقل تعرضهم لأمراض الصحة العقلية، هذا بالإضافة إلى تحسُن علاقاتهم الاجتماعية والتفاعلية.
فضلاً عما قاله الطبيب النفسي، شريف عثمان، من القاهرة، الذي يصف الأكاذيب عمومًا بقوله: “إن الأكاذيب تتحول مع الوقت إلى شيء اعتيادي على المدى الطويل ولا يمكن السيطرة على الكذب بعد ذلك ومن ثم يحدث مرض عقلي”.
ويوصي عثمان بالوصول إلى حل توافقي فيما يتعلق بالمسائل التي لا تقبلها العائلات.
ويقول: “علينا أن نحاول استخدام مهاراتنا التفاوضية للمطالبة بالمزيد من الحقوق بدلاً من لجوء الفتيات إلى المراوغة والكذب”، على اعتبار أن حُب الأسرة لبناتهن منذ الصغر يجب أن يتفوق على أي خلاف.