أخر الاخبار

كتمان العلم الشرعيّ دكتور سعد بن محمد داود .

المنحة الأميرية القطرية

كتمان العلم الشرعيّ
دكتور .. سعد بن محمد داود .
قال تعالى " إنّ الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون " الآية ( 159 سورة البقرة ) .
جاءت الشرائع السماوية لهداية البشريّة ، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وقد أمرنا الإسلام بتعليم الجاهل، ونصيحة الضال ، ودعوة الناس إلى الله ، حتى تقومَ على الناس الحجةُ ، ولا يبقى لأحدٍ عذر عند الله يوم القيامة .
ولما كان ما أنزله الله من البينات والهدى لم ينزل إلا لخير الناس ، وهداية البشرية للطريق المستقيم ، وكان كتمان العلم وعدم تبليغه للناس فيه تعطيل لوظيفة الرسالة التي بعث الله بها الأنبياء والمرسلين ، وفيه خيانة للأمانة التي ائتمن الله عليها العلماء ، لذا كان التشديد على منْ كتم شيئا مما يحتاج إليه الناس ولاسيما في الأمور الدينة ، وتوعّد بالعذاب الأليم لكل كاتمٍ لآيات الله ، أو لأحكامِ الشريعة ، أو لأي علم نافع ،مفيد للبشرية ، من طب ، واجتماع ، واقتصاد ، وتربية ، وكل ما فيه صلاح العباد والبلاد ، وذلك لأن الكتمان ُجرم عظيم ،يستحق مرتكبه العذاب الأليم ، والإبعاد من رحمة الله – جلّ في علاه - .
ومن اللطائف في تفسير الآية الكريمة :
- قوله تعالى في ( الكتاب) المراد بالكتاب ، الكتب التي أنزلها الله لهداية البشرية ، ف( أل) تكون ( للجنس) مثلها في قوله تعالى " إنّ الإنسان لفي خسر" ، وقيل : المراد بالكتاب التوراة والإنجيل ، فتكون (أل) للعهد الذهني .
- عبّر باسم الإشارة للبعيد ( أولئك يلعنهم الله ) تنبيها على قبح عملهم ، وغاية تماديهم في الإجرام والإفساد ، وأبرز الخبر في صورة جملتين توكيدًا وتعظيمًا لخطورته ، وأتى بالفعل المضارع ( يلعنهم ) المفيد للتجدد لتجدد اللعن ، وأبرز لفظ الجلالة ( يلعنهم الله ) على سبيل الالتفات لبث المهابة ، والخوف في النفوس ، إذْ لو جرى على نسق الكلام المتقدم لقال ( أولئك تلعنهم ) .
- في قوله تعالى ( ويلعنهم اللاعنون ) ضربٌ من البديع يسمى ( الجناس المغاير ) وهو أنْ تكون إحدى الكلمتين اسما ، والأخرى فعلا ، كما في الآية .
وفي هذا دلالة واضحة على عناية الإسلام الفائقة بنشر العلم والثقافة ، لتبليغ دعوة الله إلى الناس ، وانتشال الأمة من براثن الجهل ، والضلال ، فنشر العلم عبادة ، وكتمانه خيانة وجناية ، وقد قال الصادق المصدوق ( ص) " بلّغوا عنيّ ولو آية " ، وقال – أيضًا – " منْ سُئل عن علم فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار " . و قال ( صلى الله عليه وسلم"( إذا ظهرت البدع في أمتي ، وشتم أصحابي ، فليظهر العالم علمه ، فإن لم يفعل ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " .
فما أجمل قول القائل :
فَوَ اللَّهِ لَوْلَا الْعِلْمُ مِمَّا اتَّضَحَ الْهُدَى وَلَا لَاحَ مِنْ غَيْبِ الْأُمُورِ لَنَا رَسْم .






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-