أخر الاخبار

علم العروض عربيّ الأرومة والنشأة دكتور .. سعد بن محمد داود

المنحة الأميرية القطرية

علم العروض
عربيّ الأرومة والنشأة
دكتور .. سعد بن محمد داود
علم العروض عربيّ أصيل ليس فيه شبهة هجنة ، ومن هندية أو يونانية ، فالواضع ، والمبتكر ، والمبدع هو العلاّمة العربيّ الخليل بن أحمد الفراهيديّ ، إنّه علمٌ وليد الحضارة الإسلاميّة ، فلا هجنة ، ومنْ قال به ، فإنما هي أضغاثُ أحلام .
ربما أُلبس على البعض أنّ مصطلح ( المتير ) الوارد في كتاب ( إعجاز القرآن ) للباقلانيّ ، والذي استدلّ به بعضُ المحدثين على أنّه لفظ يونانيّ ، يدلّ على أنّ الخليل أخذ العروض من عروض اليونان .
والحقيقة أنّه ليس مصطلحاً يونانيًّا ، وأن المستدل به قد أخطأ ( عمدًا أو سهوًا ) فقد نقل المصطلح من كتاب الباقلانيّ مدعيا أنّ ( الميتر) - بتقديم الياء على التاء – في حين أنّ الموجود ، والمثبت في كتاب الباقلانيّ هو ( المتير) – بتقديم التاء على الياء – الذي هو مصطلح عربيّ مستعملٌ مذ العصر الجاهلي ، ويعني : الجذب ، أو القطع ، يقال : مترت الحبلَ ، أي : قطعته ، أو جذبته .
وإذا رجعنا إلى كتب المعاجم اللغويّة مادة ( م ت ر ) وجدنا المتر : القطع ، ومدّ الحبل ، والجماع ، والجذب .
متره مترا : قطعه .. ومتر الحبل يمتره : مدّه ... والتماتر : الجذب . ويقال : رأيت الناس في الزند تتماير : أي- تترامى . كل ذلك يدلّ على أنّ ( م ت ر ) عربيّة الاشتقاق ، والاستعمال .
قال الباقلانيّ - الذي أورد الكلمة - قال :" وحكى لي بعضهم عن أبي عمر غلام ثعلب ، عن ثعلب ( إمام الطبقة الخامسة من طبقات النحويين الكوفيين ) أنّ العربَ تعلّم أولادَها قول الشعر بوضع غير معقول ، يوضع على بعض أوزان الشعر كأنه على وزن : قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ...................................
ويسمون ذلك الوضع ( المتير ) واشتقاقه من (المتر ) فلم يترك الباقلاني الكلمة دون تفسير .
ربما كان من المقبول قبول نظرية ابن فارس من المحدثين ، والتي تقول : إنّ الخليل استفاد من أعمال منْ سبقه من العلماء العرب في الجاهليّة ، والذي أيّده ( مصطفى عبد العزيز السنجرجي ) حيث قال :
مما يؤيد ابن فارس ما روي عن أنّ الخليل سُئل : هل للعروض أصلٌ عند العرب ؟ قال : نعم ، مررت بالمدينة حاجاً ، فرأيت شيخًا يعلم غلامًا ، يقول له : قل ( نعم لا ) ( نعم لا لا ) ( نعم لا ) ( نعم لا لا ) فقلت له : ما الذي تقوله للصبيّ ؟ فقال : علمٌ يتوارثونه عن سلفهم يسمونه ( التنعيم ) لقولهم فيه ( نعم) ، قال الخليل : فرجعت بعد الحج فأحكمتها .
في ضوء تلك الرواية نستطيع أنْ نقولَ :
إنّ الخليل وَزَنَ ( نعم لا ) .. ( فعولن ) و ( نعم لا لا ) .. ( مفاعيلن) ، ويمكن أنْ نقول : إنّ هذا الوزن ، هو الوزن القديم لبحر ( الطويل ) .
إلا أنّ الخليل – في ضوء تلك الرواية – أول منْ أبرزه علمًا مكتملًا ذا قواعدَ وأصولٍ ، وإنْ كان قد سبقه محاولات بدائية في هذا المجال .
ويمكن الردّ على ( الدكتور السنجرجيّ) على النحو التالي :
1- إنّ هذا التنعيم قاصرٌ على بعض البحور الشعرية ، فأين هذا التنعيم من معلقات الجاهليين كمعلقة لبيد بن ربيعة العامريّ ، وعنترة العبسيّ ) والتي نسجتا على بحر ( الكامل ) ومن معلقة ( عمرو بن كلثوم ) التي نسجت على بحر ( الوافر ) ؟ّ!! .
2- الدوائر العروضيّة التي ابتكرها الخليل دليلٌ على أصالة عمله .
3- تفعيلاته الكاملة الشاملة لكل البحور الشعريّة تدل على أنه مبتكر غير مفتقر إلى عمل سابق .
نخلص من هذا إلى القول : إنّ علم العروض عربيّ الأرومة والنشأة وأنه لم تشبه شائبة هُجنة ، ولا عُجمة ، وأنّ الخليل أوجد هذا العلم على غير مثال ، فهو المبدع ، والمبتكر ، والمؤصل له .
• المراجع :
- إعجاز القرآن – الباقلانيّ – تح / السيد أحمد صقر – دار المعارف – القاهرة ، مصر 1977م.
- علم العروض بين الأصالة والهجنة – محمد إبراهيم خليفة الشوشتري- مجلة الجمعية العلمية الإيرانية للغة العربيّة وآدابها . العدد(12) 1388 / 2009 م .
- الفيروز ابادي – القاموس المحيط – مؤسسة الرسالة – بيروت ، لبنان – الطبعة الثانية -1987م .
- في فقه اللغة – أحمد بن فارس – تح / مصطفى الشويمي – مؤسسة بدران للطباعة والنشر – بيروت ، لبنان – الطبعة الأولى 1963م .
- لسان العرب – ابن منظور – تصحيح / أمين محمد عبد الوهاب وآخرون –دار إحياء التراث العربيّ- بيروت ، لبنان – الطبعة الثالثة 1999م .
- المدخل في علم العروض – دراسة لأوزان الشعر العربيّ والقافية – مكتبة الشباب - القاهرة ، مصر
1972م .






حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-