أخر الاخبار

مخبز في قطاع غزة يطلب عامل عبر الإنترنت.. فحدثت المفاجأة كشفت حجم مأساة غزة

أثار طلب توظيف، تم نشره على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) خلال الأيام القليلة الماضية، جدلاً واستياءً كبيريْن لدى المواطنين في قطاع غزة، وذلك حسرةً وتهكماً على ما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة في قطاع غزة.


ففي الثلاثين من أيلول/ سبتمبر الماضي، نشر أحد المخابز إعلاناً على حسابه على موقع (فيسبوك)، طالباً من خلاله توظيف عامل للعمل في معرضه، وأن على الراغبين إرسال المعلومات التالية برسالة أو تعليق على صفحة المخبز على (فيسبوك)، وطلَب المخبز من المتقدم للطلب، أن يذكر الاسم الرباعي والعمر والمنطقة السكنية والمستوى التعليمي ورقم الجوال.

وبعد أربع وعشرين ساعة فقط، أعلن المخبز إغلاق باب التسجيل، نظراً لكثرة الطلبات المقدّمة والاكتفاء بالعدد الحالي.

وكشف المخبز عبر حسابه أمس الأحد، أنه تم استقبل 3000 طلب، وأن الأعمار تتراوح من 18 عاماً إلى 49 عاماً، فيما أوضح أن عدداً كبيراً من المتقدمين على طلب هذه الوظيفة، من حملة الشهادات الجامعية.


وبيّن في منشوره بعض النماذج من المتقدمين لهذه الوظيفة، بينهم 15 شاباً بكالوريوس إدارة أعمال، و7 بكالوريوس تكنولوجيا معلومات، و14 بكالوريوس محاسبة، و6 بكالوريوس صحافة وإعلام.

وأثار هذا المنشور ردود فعل من قبل المواطنين، عبّرَ جميعهم من خلالها عن استيائهم وتشاؤمهم من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يعاني منها القطاع، متهكمين على ما وصل إليه الخريجون والشباب من إهانة كبيرة، بعد تعبهم ومثابرتهم خلال أربع سنوات من الدراسة الجامعية.

وأعرب مدير صفحة المخبز على موقع (فيسبوك)، محمد أبو فول، عن استغراب الإدارة الكبير من العدد الهائل للمتقدمين، مشيراً إلى أن عددهم بلغ حوالي 3000 متقدم، وذلك خلال 24 ساعة فقط، قبل أن يتم إغلاق باب التسجيل.

وأكد في تصريحات لــ "دنيا الوطن"، أنه حتى الآن يصل الصفحة الكثير من المتقدمين للعمل في هذه الوظيفة، التي سيحصل من خلالها العامل على مبلغ 30- 35 شيكلاً فقط (حوالي 8 دولارات)، في اليوم الواحد.

ووصف أبو فول هذا الرقم بالمخيف، مشيراً إلى وصول عدد قرّاء المنشور إلى 6000 قراءة، فيما قام نحو 2000 شخص بمشاركته.


وتابع "أن يتقدم لهذه الوظيفة حاملو هذه الشهادات الجامعية، يعدّ مفاجأة كبيرة، خاصة، وأن الإعلان لم يطلب أن يكون المتقدم صاحب شهادة جامعية"، مستدركاً "ولكننا تفاجأنا من أن وجود حملة شهادات ماجستير، وطلبة هندسة مدنية، وهندسة معمارية، غير طبيعي".

وأضاف: أن هذا العامل الذي سيعمل في معرض المخبز، سيكون مضطراً لأن يكون متواجداً في المعرض لمدة 10 ساعات في اليوم الواحد.

بدوره، أعرب المحلل الاقتصادي د. ماهر الطباع في تصريحات لــ "دنيا الوطن"، عن عدم تفاجئه من هذا العدد الكبير الذي تقدم لهذه الوظيفة، حتى لو كانوا من حملة شهادات جامعية، في ظل معدلات بطالة عالية جداً.

وأوضح: "هذا شيء واقعي في ظل أننا نتحدث عن معدلات بطالة في غزة، تتجاوز 53 %، وعدد العاطلين عن العمل حوالي 283 ألف شخص، وفق آخر إحصائية لمركز الإحصاء الفلسطيني في الربع الثاني من عام 2018".

وقال الطباع: إن من حق الخريج والشاب مهما كانت درجته العلمية، أن يتقدم لأي وظيفة بهدف طلب الرزق، مشيراً إلى أن تداعيات مثل هذه الظروف على الشباب ستكون وخيمة، كما ستسود حالة من اليأس والإحباط لديهم، تجعلهم يفكرون بالهجرة إلى الخارج.

من جهته، وصف د. معين رجب، أستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر الأوضاع التي يعيشها الشباب في قطاع غزة، بأنها تعكس واقعاً مريراً، متفقاً مع الطباع، بأن هذا الكم الكبير من المتقدمين ومن أصحاب الشهادات لهذه الوظيفة بأنه "شيء طبيعي".

وأردف: "نحن نعيش في واقع اقتصادي مرير، والحديث من أن المهنة (مخبز) وهي ليست مشجعة كثيراً وساعاتها الطويلة 10 ساعات، ورغم ذلك يتقدم الآلاف بما فيهم مهنيون من خريجي تخصصات جامعية مختلفة، فهو يدل على الوضع بالغ الصعوبة للإنسان الفلسطيني، الذي وجد نفسه مضطراً للبحث عن لقمة العيش، حتى لو كانت تتصف بالشقاء".

وأضاف في تصريحات لــ "دنيا الوطن": أن لقمة العيش غير متاحة حالياً في قطاع غزة، ولذلك يقبل الشبان أي عرض متاح لهم رغم شقاء الوظيفة وقسوتها وساعاتها الطويلة وأجرها الضعيف.

وتوقع رجب بأنه في حال بقي الوضع على ما هو عليه خلال الأشهر والسنوات المقبلة في غزة، فإن تداعيات ذلك على الشباب ستكون وخيمة، حيث يمكن أن يكونوا أكثر عرضة لمخاطر كبيرة.


وبما يتعلق بتأثير هذه الظروف على الواقع النفسي لدى الشباب والخريجين، وصف د. فضل أبو هين، أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى الوضع النفسي لدى الشباب، بالصعب جداً.

وأضاف في تصريحات لــ "دنيا الوطن": أن كل إنسان خريج يتمنى الحصول على وظيفة تحقق له كرامته ومستقبله، لكن الآن حينما تُغلق آفاق المستقبل أمامه، ويقف في طابور العاطلين، فهذا يؤدى إلى ضغط كبير، سيعاني منه الشخص نفسه، بالإضافة إلى أسرته.

وقال "مثل هذه الظروف تزيد من التوتر والقلق لدى الشاب والخريجين، والمعاناة تصبح أكثر في حال أنه يحمل شهادة، وأكثر من ذلك، عندما تكون الشهادات علمية مثل الطب والهندسة، وإن لم يكن هناك مكان في سوق العمل البديل، فإنه سيتعرض للتوتر والقلق وانتشار الأمراض.

وأكد أن الحالة المعنوية السيئة التي يعاني منها الإنسان الفلسطيني خاصة في غزة، تؤدي إلى هدمه من الداخل، وبالتالي سيضطر إلى البحث عن مكان آخر بعيد عن بلده، يقدر إمكانياته وقدراته.











حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-