أخر الاخبار

سيدة المختبر: من شركة صغيرة، إلى العالمية… من هي بينيلوبي شهاب؟

ماذا يجمع الأردنية بينيلوبي شهاب بسيدة أميركا الأولى سابقاً ميشيل أوباما؟ لتعرفوا أكثر، تابعوا القصة الملهمة لإمرأة تحدت الظروف لتُصبح عالمة ومخترعة في مجال التكنولوجيا الحيوية وسيدة أعمال عالمية رائدة.
ليلى حاطوم

نيوزويك الشرق الأوسط

يقول ألبرت آينشتاين، العالم الأشهر في العالم: “إن أصحاب الفكر العظيم لطالما واجهوا مقاومة شديدة من ذوي العقول المتحجرة، لكن في وسط الصعوبات تكمن الفرص… فالقليل منا يرى ما يشعر بقلبه… والشخص الذي لم يرتكب أي خطأ لم يقم بأي عمل ولم يجرب أي شيء جديد”.

“أردت أن أقوم بشيء لم يسبقني إليه أحد؛ ولم يتجرأ أحد قبلي على التفكير به، لذا استقلت من عملي”.

بهذه الكلمات، وبحماسة شخص حصل على جائزة السحب الكبرى، بادرتني بينيلوبي شهاب بالكلام.





صدمتني هذه الأم لأربعة أطفال، ثلاث فتيات وولد. فرغم أنها ربة أسرة، فهي تدرس الدكتوراه في علوم التكنولوجيا الحيوية في جامعة كامبريدج العريقة؛ ولديها ماجيستير في التكنولوجيا الحيوية (تخصص أمراض الدم والمناعة في الأردن)، بالإضافة لماجيستير (دبلوم) في إدارة الأعمال من جامعات الأردن، بالإضافة لدراسات صحفية من ميسوري في الولايات المتحدة.

وإذا لم يكن هذا سبباً للإعجاب بهذه “الدينامو العربية” أُضيف أنها قد أسست ثلاث شركات عالمية ومختبرات تُعنى بمجال الأبحاث العلمية والإستشارات والتدريب، إضافة لعدة براءات اختراع في مجال التكنولوجيا الحيوية بإسمها؛ وهي اليوم تدرس طلبات من مستثمرين عالميين للدخول في شراكة معها والإستثمار في شركاتها ومنتجاتها التي تُباع في ٥ قارات.

شخصيتها مزيج من المرح والجدية في قالب شخص مسؤول وطموح و “ثورجي” في تفكيرها العلمي والعملي؛ وكلماتها غير منمقة فتأسرك قصتها ليس بسبب ما حققته من شهرة عالمية في مجالها، بل أيضاً بسبب التحديات والصعوبات التي رمتها بها الحياة، فصنعت منها سلّماً ترتقيه نحو المزيد من النجاحات.

ولمن قرأ المقاطع السابقة جيّداً، أقول له إن ما سيقرأه لاحقاً مثير للإعجاب أكثر.

“ قبل ١٣ سنة استقلت من شركتي حيث كنت أشغل منصب مدير اقليمي، وكنت متخصصة في مجال الأدوية الحيوية المتعلقة بالأجسام المضادة للسرطان. أكبر صراع كان الإستقالة من شركتي مع أنه كان لدي كل المحفزات، وكنت أحب عملي، لكنه لم يكن ما كنت أحلم به. أنا أؤمن أنه إذا لم يكن لديك الشغف لتقوم بعملك، فعليك أن تُغِّير عملك.”

هذه هي كلمات بينيلوبي، التي تضحك حينما تعود بالذاكرة إلى ذلك اليوم، عندما لم يفهم عليها أهلها “شو بدها”.

تقول “أنا شخص طوال عمري أحب أن أكون سيدة نفسي؛ لي رأيي الخاص وآخذ قراري الشخصي بنفسي. أنا شخص مغامر وحشري، أحب أن أتعلم أكثر”. وكيف لا تحب العلم، وهي التي تربت في منزل يقدس العلم كسلاح في وجه الصعاب وكانت من المتفوقين دراسياً بين أترابها.

وللصدفة دور كبير في حياة بينيلوبي. فهي درست إدارة الأعمال عن طريق الصدفة.

“خلال دراستي الماجستير اضطررت إلى تأجيل دراستي سنتين بحكم إنني كنت دوماً حامل والحامل ممنوع عليها لمس أي شي في المختبر او تدخل المختبر. وقتها خطر على بالي إني أدرس إدارة الأعمال، رغم أنني لم أكن أعتبره إختصاصاً مهماً. لكن طلع تفكيري غلط. تبين لي إنني حتى ولو قمت باختراع شيء ما ولم أستطع تسويقه في العالم وربح المال من المنتج، فلا قيمة لهذا الإختراع وسيبقى في المختبر… وبالتالي تسويق اهمية المنتج هو ايضا امر ضروري. بالتالي يجب ألا أفكر بشكل علمي فقط، بل أيضاً بشكل عملي. وفي ذلك الوقت في العام ٢٠٠٤ قلت لنفسي يجب أن يكون لدي المهارات لكي أصبح سيدة اعمال ناجحة وريادية”.

لكن طموحها في الحياة لم يقف عند حدود الحصول على شهادة. فهي، كما تقول، تريد أن تقوم “بعمل تغيير في الحياة” وأن تضع اسمها على خريطة العالم العربي.


السيدة الخارقة: بينيلوبي مع عائلتها. هي ربة أسرة ورائدة أعمال، وعالمة مشهورة، ورائدة أعمال عالمية… هل هناك من شيء لا تستطيع عمله؟

بداية التحدي

«كان نفسي أكون صحفية بس ما قدرت لأن أهلي ضد أي شي له علاقة بالسياسة… الحياة بالنسبة لي كانت إما اليأس او تحويل التحدي إلى الفرصة التي تغير كل حياتك». ولذلك اتجهت للمواد العلمية التي تحبها وتخصصت في مجال كان غير معروف نسبياً في المنطقة.

وبسبب الدافع الكبير الذي يشتعل في داخلها لإحداث تغيير، كانت بينيلوبي مؤمنة بأنها ستحقق أموراً كبيرة في حياتها.

لكن، لكي تقوم بثورة ما في مجال تخصصك وعملك، عليك إحاطة نفسك بمجموعة من الأشخاص الذين يدعمون ويؤيدون عملك، ويؤمنون بك.

«للأسف لم يكن لدي مثل هذه المجموعة من العلماء والناس الذين يؤمنون بنفس الأشياء التي كنت أصبو إليها،» تقول بينيلوبي، قبل أن تشرح أن عائلتها وزوجها وحتى مجتمعها، لم يتفهموا تماماً ما تريد تحقيقه، وبما أنهم جزء لا يتجزأ من المنطقة وثقافتها العامة، فلم تجد أحداً يؤمن بأن العرب قادرون على تحقيق أمور تضاهي وتنافس الغرب، حيث أن السوق العربي هو مجرد سوق إستهلاكي وليس سوقاً لتصدير الإختراعات.

«نحن مجرد مستهلكين. لم يفكر أحد من قبل بتغيير تركيبة قطاع الأدوية في أسواقنا، نستورد هذه الأدوية بدلاً من أن نخترعها… نحن ندرس ونعود لأوطاننا ولا نقوم بشيء… أبحاثنا لا قيمة لها عالمياً، وهذا ما كنت أطمح لتغييره. فأي بحث علمي يجب أن ينتهي بشيء تطبيقي وليس فقط بدراسة».

وتضيف «في العالم العربي هناك حالة من الإنهزامية بمعنى أن التفكير السائد هو: من نحن لنخترع دواءاً جديداً؟ أو أن اختراعنا قد يكون أهم من اختراعات غربية».

بالنسبة لها، هذه العقلية يجب أن تتغير، لأن العرب ليسوا أقل من غيرهم في أي شيء. ولا أستطيع أن أشرح لكم من أين ينبع هذا الإيمان المطلق لديها بأن العرب قادرون على تحقيق الإنجازات الكبيرة، لكن إيمانها لبينيلوبي هو حالة مُعدية.

أتطلع إليها وهي تشرح بحماس كيف يمكن أن نُحدِث تغييراً في المجال العلمي، وأفكر بما وصلت إليه، فأسألها كيف كانت بداية مشوارها نحو العالمية.

«أسست شركة مونوجو لكن لم يؤمن بي أحد كما قلت لكِ وبدون وجود دعم مادي أو معنوي من أحد. لم يكن هناك من شخص يقول لي خذي هذا المال سأستثمر في عملك. حتى عائلتي قالوا لي لماذا تركتِ عملك؟ مركزك ممتاز والعمل يُدِّر عليكِ مالاً وفيراً. لم يفهموا ما أريد. قلت لهم أريد أن أقوم بعمل شيء ما لم يفكر به شخص قبلي. لانني اريد هذا وهذه انا. احيانا صعب أن تُفهِم الآخرين بما تفكر به ولماذا تفكر بهذا الشيء».

وبدأت بينيلوبي بتأسيس مختبرات صغيرة.

وكلّما التقت بمستثمرين ورياديين ورجال أعمال، كانوا يتحدونها.

فمن هي هذه المرأة، الأم، ذات المؤسسة غير المعروفة لكي تتكلم في مواضيع علمية كبيرة.

«هناك ناس أهم منك وأكبر منك ولا يتكلمون هكذا فمن أنتِ لكي تتكلمي هكذا؟» هذه هي الكلمات القاسية التي كانت تسمعها دوماً.

وكالعادة فإن بينيلوبي فهمت أنه يتوجب عليها كسر «عقدة الخواجا» التي تسيطر على بعض مجتمعاتنا، عبر إستخدامها لهذه العقدة لصالحها.

وبدأت هذه الشابة الأردنية بالتفكير في أمر يُعطي المصداقية لشركتها ولها.

«كنت أتكلم في مؤتمر أننا كمونوجو، أول شركة في العالم العربي تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية والوحيدة التي تقوم بالإبتكار في هذا المجال».

كما تكلمت عن رؤية شركتها في غضون ٥ سنوات كيف ستعمل على تحقيق أمور كبيرة في مجال التكنولوجيا الحيوية، وكيف ستضع الاردن على الخارطة العالمية في مجال التكنولوجيا الحيوية».

كان ذلك المؤتمر في العام ٢٠٠٧، حيث تعرفت فيه بينيلوبي على عالم بريطاني إسمه «كريس لو» وهو مدير معهد البيولوجيا الحيوية في جامعة كامبريدج في بريطانيا.

ويُعتبر البوفيسور كريس لو من افضل ١٠ علماء من مجال التكنولوجيا الحيوية في العالم.

«قلت له أريد دعمك. فكرت أنه لو دعمني فسوف يُعطيني هذا الأمر مصداقية، خاصة أنه يمثل جامعة كامبريدج ومن بريطانيا.»


إبتسامة النجاح: بينيلوبي شهاب مع البروفيسور كريس لو، عضو مجلس إدارة مونوجو ومدير كلية التكنولوجيا الحيوية في جامعة كامبريدج.

المثابرة تُحقق الهدف

سافر البروفيسور كريس وظلت بينيلوبي تُراسله من أجل شراكة أو دعم.

بعثت له نحو ١٠٠ رسالة إلكترونية واتصلت بمكتبه في كامبريدج حيث يعمل ما يفوق عن ٢٠ مرة؛ لكنه كان مشغولاً طوال الوقت أو على سفر.

بدأت تُفكر أنه غير مهتم بهذه المرأة العربية التي تملك شركة بأربعة موظفين، ولا وقت لديه للقائها مجدداً.

لكنها لم تيأس وظلت تحاول إقامة جسر تواصل معه.

يقول كريس، والكلام عن لسان بينيلوبي، إنه «إذا ما كان رائد الأعمال مثابراً وُمصرّاً، فسأساعده؛ وعندما رأيت بينيلوبي متحرقة للعمل ولقائي في أي مكان، أحسست بأنها مثابرة».

وبالنتيجة وبعد مئات المحاولات وعشرات الأيام، دعا كريس بينيلوبي إلى جامعة كابريدج.

وبنتيجة اجتماعهما، وافق على أن يكون عضواً في مجلس ادارة شركتها مونوجو، وبالتالي مُشرفاً على أي بحث يُنشر وأي ابتكار للشركة».

ومنذ العام ٢٠٠٧ ولغاية اليوم، ما يزال كريس عضوا في مجلس إدارة مونوجو.

كما وأن إسمه موجود إلى جانب إسم بينيلوبي على ٣ براءات اختراع.

لا تستسلم للفشل

وبما أنه لدى المنطقة عقدة الأجنبي، بات الجميع يعتبر ما تقوله بينيلوبي هو صحيح، وكيف لا وبروفيسور عالمي هو جزء من الشركة التي أسستها؟

سافرت وتعلمت أكثر، واشتغلت على الأجسام المضادة للسرطان (بالتحديد محددات الورم)، كما وعملت على ٣ اجسام مضادة، لكن كلها باءت بالفشل. تضحك بينيلوبي وهي تتذكر الموضوع: «ولا واحد زبط معي».

تناقشت مع كريس بالأمر ونصحها بالتفكير في فكرة ريادية مختلفة، وطلب منها التفكير في الإستفادة من محيطها ومنطقتها والأدوات التي توفرها الطبيعة هناك.

«قال لي كريس: «تستطيعين الاستناد لأمور من منطقتك لم نتطرق إليها في أوروبا وأميركا لأن علمائنا لا يأتون لمنطقتكم لدراسة تأثير نباتاتكم».».

كان ذلك في العام ٢٠٠٨، وتقول بينيلوبي أنه في نفس تلك الفترة التقت ببدوي أردني تحدث معها عن مجال عملها. ويبدو أنه عرف من تكون فسألها عن مجال ابحاث السرطان التي كانت تقوم بها، وليفاجئها بقوله إنه لديه علاج للسرطان.

وشرح لها أن إبن إخته أصيب بالسرطان وتم إعطاؤه حليب النوق فشُفي من المرض.

حملت بينيلوبي هذه المعلومة إلى كريس، الذي أبدى حماساً للموضوع قائلاً لما لا نبحث في تركيبة الجمل وحليبه وإمكانية استخدام ذلك في علاج السرطان.

وسرعان ما اكتشفت بينيلوبي، التي قامت بأبحاث عن الجمل وتركيبه الفسيولوجي ودمه، أنه يوجد في دماء الجمال أجساماً مضادة، غير موجودة في أي كائن حي آخر إسمهم nano-bodies أي «الأجسام المتناهية الصغر» وهو شيء لا يُشاركه فيه إلا أسماك القرش من بين كل المخلوقات الحيّة.

تلك الأجسام المتناهية في الصغر تستطيع اختراق أي غشاء او نسيج بسهولة، وبالتالي فإن أي دواء مركب منهم، يستطيع السريان في مجرى دم الإنسان بسهولة.

واكتشفت، بعد دراسة طويلة، أن البروتين في تلك الأجسام المضادة لدى الجمال لا يتأثر بالحرارة أو الأسيد والقلويات وذلك بعكس بقية البروتينات في العالم، وبالتالي يمكن استخدامه في التصنيع.

كما قامت بدراسة بيئة البدو للتأكد من أسباب صحتهم القوية على الرغم من الظروف القاسية التي يعيشون فيها. فالبدويات في الأردن وجوههن مشرقة وصحية وبدون شوائب على الرغم من أنهن يعشن في الخيام.

ولدى البدو نمط حياة قد يُعتبر بعيداً عن الصحة بالنسبة للكثير من الناس، فهم لا يستحمون كثيرا ولا يغسلون أوجههم دوماً على الرغم من تعرّضهم الدائم لعوامل الطقس.

«بس طبيعة جلدهم رائعة…ووجدت أنهم دوماً يشربون حليب النوق صباحاً وظهراً ومساءً و ٩٠٪ من طعامهم يعتمدون فيه على الجمل،» تقول بينيلوبي.


اكتشفت بينيلوبي مع فريق عملها تكنولوجيا رائدة أسمتها تكنولوجيا الجمل.

تكنولوجيا الجمل تُحارب القرحة وحَب الشباب

نظراً لعدم تأثر جلد البدو بعوامل الطقس، قررت بينيلوبي القيام بشيء مميز: لما لا تدرس كيف تستفيد من النوق في اختراع مستحضرات طبية تُفيد الناس.

«التكنولوجيا التي اخترعتها أسميتها تكنولوجيا الجمل، حيث تعتبرين الجمل وعاء. التقنية تقوم على حقن الجمل بالمرض لتحفيزه على إصدار أجسام مضادة تُحارب ذلك المرض، وعلى شرط أن الجمل لا يكتسب ذلك المرض. لا أحدا في الدنيا قبلي قام بهذا العمل على الجِمال. واشتغلت على أمرين: حب الشباب والقرحة المعوية».

البحث كان معقداً جداً، خاصة في مجال زراعة البكتيريا المحددة المتعلقة بالمرض بعد عزلها، ومن ثم تحويلها إلى تطعيم.

وبالتالي فقد تطلب زراعة نوعين من البكتيريا (تلك المسؤولة عن حب الشباب، والثانية المتعلقة بالقرحة المعوية)، وتحويلهما لتطعيم، ما يُقارب السنة.

وقامت بينيلوبي وفريقها بعزل ٧ نياق للعمل عليها.

«قعدنا نغزغز (غرز الأبر) بالجمل حتى نشوف الأجسام المضادة. بالعادة نراهم بالدم والحليب والبول. صرفنا على الموضوع أكثر من سنتين. وبيوم من الأيام أفرزت الناقة لنا أجساماً مضادة كما نريد. وقمت بسرعة بتسجيل براءة الإختراع لحماية هذه التكنولوجيا، ولم يعد لدي مال وقتها».

سميح دروزة، الأب والمستثمر الذي آمن بي

عندما تأكدت بينيلوبي أن التكنولوجيا ناجحة وتشكل خرقاً علمياً في مجالها، بدأت تطرق أبواب المستثمرين في الأردن «وكلهم رفضوني… يجب تغيير هذه العقلية التي لا تؤمن بالشباب واننا قادرين على اختراع شي جديد»، تقول بينيلوبي بصوت مليء بالأسى وهي تسترجع تلك اللحظات.

قررت الانسحاب من الأردن وآخذ التكنولوجيا للخارج، وكان ذلك في أواخر العام ٢٠٠٩، حينما بدأت بالعمل على رسالة الدكتوراه في جامعة كامبريدج بإشراف البروفيسور كريس، والمرتكزة على أبحاثها.

عندما أحس كريس بإحباطها، قال لها بأنه سيحاول مع أحد معارفه لرؤية إذا ما أراد الإستثمار في التكنولوجيا التي تملكها.

«قال لي كريس حينها: «أتعلمين شيئاً، سأبعث برسالة لشخص أعرفه لديه أكبر شركة صناعة أدوية في العالم العربي (وكان يقصد شركة حكمة). وهو المؤسس ورئيس مجلس الإدارة سميح دروزة».».

الرسالة الإلكترونية التي بعثها كان مفادها أن بينيلوبي مصممة على القيام بثورة في قطاع الأدوية والمستحضرات المرتكزة على التكنولوجيا الحيوية في الأردن، وأنها ستكون قوة كبيرة في هذا المجال… مُضيفاً «انا أؤمن بها والناس لا تتجاوب معها فلماذا لا تلتقي بها»، وأنهى الرسالة بوضع رقم هاتفها.

وفي غضون ٥ دقائق من إرسال الرسالة الإلكترونية، تقول بينيلوبي إنها تلقت اتصالاً ليفاجئها شخص بقوله: «أنا سميح دروزة… هلق (الآن) قرأت عنك. والله أنتِ عظيمة».

لم تتوقع بينيلوبي هذه السرعة في التواصل. سألها سميح عن زيارتها المقبلة للعاصمة الأردنية عمّان، فأجابته أنها ستكون هناك بعد يومين، ليطلب منها سميح «كلميني اول ما توصلي،. هذا رقمي عندك. اتصلي بي. انا مهتم جداً بالموضوع».


تقول بينيلوبي إن مستحضراتها تحمي الجلد من عوامل الطبيعة، وتُعالج مشاكل البشرة.

لا تخافوا من الإنطباع الأول

وفي لقائها بسميح مفارقة طريفة.

فبينيلوبي، الماثلة أمامي بلباس عصري وأنيق باللونين الأخضر الملكي والأسود كعارضات الأزياء، لا يمكنني أن أتخيلها في لباس غير مرتب أو لا يتناسب مع مركزها العلمي والإجتماعي، تُشدد على أنها تُحب أن تكون مرتبة الهندام في جميع لقاءاتها. غير أن الصدفة، مجدداً كان لها يد في لقائها الأول بسميح.

«أول ما قمت به لدى وصولي للمطار في الأردن كان الإتصال بسميح وطلب موعد معه. قال لي «أنا مسافر إلى بيروت بعد ٣ ساعات، بتلحقي تجي هلق (هل تستطيعين أن تأتي الآن)»؟ وطبعاً أنا شخص جداً مرتب، لكن بوقتها كنت مسافرة ببنطلون الجينز، ومحجبة جديد. جاوبته إنني بالطريق إليه».

تضحك بينيلوبي وهي تصف تعابير سميح دروزة عندما رآها لأول مرة لدى دخولها مكتبه وحجم الصدمة التي ارتسمت على قسمات وجهه.

«دخلت من الباب وقلت له أنا بينيلوبي. إتطلع علي (نظر إلي) من فوق لتحت (ودوما اقولها في المؤتمرات لا تعتمدوا على الإنطباع الأول وتخافوا) وقال «إنتي بينيلوبي؟ متخيلتك إشي تاني (تخيلتك بشكل آخر)»، وبعدها قال لي «أقعدي… إيش بتعملي (ماذا تفعلين)»؟ شعرت بالإحباط وقلت له قبل بداية كلامي معك، لو سمحت أريد أن أعرف لماذا تتكلم معي بهذه الطريقة» تشرح بينيلوبي.

برأيها، لم تكن تريد أن يحكم عليها أي شخص من شكلها الخارجي. فهي تربت في بيت لا يُفرّق بين إنسان وآخر بناء للشكل أو العرق أو الدين أو الخلفية الإجتماعية. كما أنها فخورة بعلمها وعملها اللذين عملت جاهدة لتنميتهما.

تقول: «لم أُرِد من أي شخص أن يُقلل من تقدير قيمتي».

بيد أنها تفاجأت بسميح يضحك ويشرح لها إنه تخيل صاحبة إسم بينيلوبي الأجنبي كإمرأة شقراء، فاحتدت.

«قلت له أنت شخص تحكم على الأشخاص ولا تستحق إنك تعمل معي. يجب ان تحترم عملي وعلمي. لم أعلم أنه قام بذلك قصداً لكي يعرف ردة فعلي ومدى جديتي. طلب مني أن أخبره عن عملي بـ١٠ دقائق».

وبعدما استمع لها، شرح أنه لا تهمه الأرقام والإنجازات بقدر ما يهمه الشخص وإيمانه وقوته.

«ضعي الرقم الذي تريدينه» قال سميح، لترد بينيلوبي غير مصدّقة: «شو (ماذا)»؟

أجابها بأنه لا يمزح. وكرر سؤاله عن المبلغ الذي تريده ليكتب لها شيكاً به.

«قلت له أريد مليون دولار. قال لي: تم. لم نتناقش في النسب المئوية».



ولادة رويال ثيرابيوتيكس و سكن يو

طلبت بينيلوبي من سميح أن يساعدها بخبرته ولم يبخل عليها؛ وهي تعتبره بمثابة الأب والمعلم.

«هو كان دايما يقول لدي ٤ اولاد وبينيلوبي خِلفتي بعدين (الولد الذي حصلت عليه لاحقاً). علمني البزنس (الشغل) على أصوله وأخرجني من قوقعة العالم العربي وأعطاني الثقة كي أخرج للعالمية» تقول بينيلوبي عن سميح، الذي توفي منذ قرابة العامين.

«كان لسميح حصة ٦٠٪ في الشركة. ولم تكن لدي اي مشكلة وقتها لانني كنت أعرف أنها شركتي. الشيء الجميل بعائلة دروزة (ورثة سميح) أنهم متفهمين، وبالتالي وافقوا على صفقة البيع لي، ولدي اليوم ٧٥٪ من مونوجو».

بعد دخول سميح باستثماره، قامت بينيلوبي بفتح شركة في كولومبيا بولاية ميسوري. أسست سكن يو  وعلامتها التجارية هي «كولومبيا بيوتيك» في الولايات المتحدة التي هي تحت مظلة «مونوجو».

«بعد دراسة السوق اكتشفت ان فرنسا هي جواز المرور لكل شيء يتعلق بالكوزمو سوتيكالز، أي مستحضرات الجمال الطبية. منتجنا (سكن يو) مصنوع في فرنسا بتكنولوجيا مشتركة بين العرب والبريطان والعلامة التجارية أميركية».

وحاليا، تتوزع منتجات سكن يو في ١٠ دول عالمية من كندا والولايات المتحدة إلى أستراليا، كما ولها حضور في أكبر سوق عربي، اي السعودية (حالياً في صيدلية النهدي) بالاضافة للإمارات، ومنتجاتها يمكن الوصول إليها اونلاين.



منذ فترة قررت بينيلوبي أنها تريد بيع حصة ١٠٪ لمستثمرين.

وعن أسباب توجهها لأميركا، تقول بينيلوبي إنها تحدثت في العام ٢٠١٦ مع مستثمرين أميركيين محتملين كشفوا لها أنهم يفضلون الإستثمار في شركات مسجلة في أوروبا أو أميركا بينما يبتعدون عن الإستثمار في الشركات الموجودة في منطقتنا بسبب القوانين هنا.

ونصحها كريس أن تؤسس شركة في كامبريدج، وبهذا وُلِدَت شركة رويال ثيرابيوتيكس البريطانية، وهي لديها شراكة مع شركة مونوجو.

وطوال هذا الوقت لم توقف بينيلوبي أبحاثها، وتقول إنها تعمل مع فريقها حاليا على تكنولوجيا جديدة تتعلق بالحواس الحيوية biosensors وتكنولوجيا التسويق الإلكتروني Digital Marketing Technologies التي تتعلق بما يُسمى بـE-health أو الصحة عبر الإنترنت. كما وبدأت في العام ٢٠١٧ بتقديم خدمات الإستشارات والتدريب لقطاعات الأغذية ومنتجات التجميل والتكنولوجيا الحيوية في الأردن.

في المقابل، تكلمت مع مستثمرين أحدهم برازيلي إسمه إلمانو نيغري الذي استثمر مبلغاً كبيراً لقاء حصة صغيرة في شركتها، وكشفت إنه يتم الاقتراب منها حالياً من قِبل عدة مستثمرين عالمياً للإستثمار في عملها وأبحاثها وشركاتها.

«حاليا ادرس استثمارات في الشركة والخيارات المطروحة لدينا كثيرة»، تكشف بينيلوبي التي أبدت لي استعدادها لإعطاء ما بين ٥٪ إلى ١٠٪ من حصتها في الشركة لقاء المبلغ المناسب للمستثمر المناسب.


سكن يو، مستحضر يُساعد على علاج حب الشباب، مستخرج من حليب النوق

ميشيل أوباما، ومنظمات عالمية وجوائز

على خط آخر، تستعد بينيلوبي للمشاركة كمتحدثة رسمية في مؤتمر النساء المؤثرات visionary women في شهر آبريل/ نيسان القادم في البرازيل إلى جانب سيدة أميركا الأولى سابقاً ميشيل أوباما.

وعن هذا الحدث تشرح بينيلوبي، إنها عضو في منظمة إنديفور التي تضم رواد أعمال مؤثرين عالمياً: وهي نفسها المنظمة التي استضافت مؤخرا خطيبة الأمير البريطاني هاري، ميغان ماركل، لتقديم جائزة خلال حفل رعته.

وبالطبع، فإن الإختلاط بالمؤثرين العالميين من شأنه أن يفتح للشركة المجال أمام الوصول للمستثمرين العالميين.

يُذكر أن بينيلوبي هي أيضاً حاصلة على جائزة رائد الأعمال الشباب في الأردن من إيرنست آند يونغ، ولديها باب مفتوح للوصول لاستشاراتهم، حتى أن الرئيس العالمي لإيرنست آند يونغ يتكلم عنها بطريقة جيدة ويعرفها شخصياً.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-