أخر الاخبار

فوضى المصالحة م. عماد عبد الحميد الفالوجي


فوضى المصالحة
م. عماد عبد الحميد الفالوجي
رئيس مركز آدم لحوار الحضارات
منذ أن وقع الصراع الفلسطيني الداخلي بين اكبر فصيلين فلسطينيين وما نتج عنه من انقسام بين شطري مناطق السلطة – الضفة الغربية وقطاع غزة – وسيطرة حركة حماس بالقوة على قطاع غزة ، منذ ذلك الوقت لم تنقطع المبادرات والجهود لرأب الصدع وعودة الحياة الفلسطينية الى سابق عهدها – الذي لم يكن بالطبع وردي – وتطورت الأمور حتى دخلنا في متاهة لم تنته حتى اللحظة ، وتحولت الى حالة من الفوضى يصعب حصرها وربط أجزاءها ببعضها البعض من كثرة الاجتهادات والتفسيرات وكثرة الاتفاقيات والتفاهمات والاستدراكات والملاحظات ..
ولكن يمكن تلخيص القضايا الأساسية المتفق عليها شكلا في الآونة الأخيرة في ثلاث قضايا تتكرر في كل مبادرة ولكنها تحمل صواعق التفجير بداخلها ،، وهي ان تقوم حماس بحل لجنتها الإدارية التي شكلتها لإدارة حكمها في قطاع غزة ، وقيام حكومة الوفاق بممارسة صلاحياتها كاملة وتحمل مسئولياتها تجاه قطاع غزة أسوة بالضفة الغربية ، وأن يلغي الرئيس محمود عباس كافة إجراءاته تجاه غزة لإنهاء الانقسام ،،، هذه القواعد الثلاثة أصبحت اللازمة لكل مبادرة وهناك توافق شكلي حولها ،،
ولكن يلف تلك القواعد مجموعة من صواعق التفجير ، استخدام إحداها كفيل بنسف أي اتفاق وهنا أذكر أهمها ،، صاعق موظفي قطاع غزة الذين عينتهم حماس بعد الانقسام ، وإذا اتفقنا شكلا انه يمكن التعامل معهم مؤقتا يفتح صاعق رواتبهم من أين ؟، وهناك صاعق الثقة المفقودة بين الأطراف والمطلوب ضمانات غير مفهوم من أين ؟ ، وهناك صاعق عقد المجلس التشريعي وممارسة صلاحياته ، وهناك صاعق وقف كافة إجراءات الرئيس الأخيرة قبل أم بعد الاتفاق وماذا تشمل بالضبط ؟ ، وهناك صاعق الانتخابات الرئاسية والتشريعية والوطني ، وعقد المجلس الوطني ، وهناك صاعق لازال مفتوحا وهو برنامج الحكومة وهكذا تستمر دائرة الصواعق في الاتساع ، والمشكلة هو ان كل صاعق له الحق في تفجير كل شيء وغير مسموح تأجيل قضية لتنفيذ قضايا تم الاتفاق عليها ..
مثلا تم الاتفاق على القواعد الثلاثة الأصلية ، فيأتي طرح انعدام الثقة ومطلوب ضمانات وهنا أؤكد انه في العمل السياسي العام لا يوجد مثل تلك المصطلحات فالذي يجمع الجميع هو تحقيق المصلحة العامة ولكل طرف له رؤيته المختلفة عن الطرف الآخر وهذا طبيعي وليس المطلوب ان يندمج الجميع في بوتقة واحدة ، وكل طرف من حقه إثبات صحة ما يؤمن به ولكن ضمن قواعد متفق عليها ، لأن القضية ليست قضية حب وكره بل تحقيق مصالح أعلى من الحزب والفصيل ..
ثم قضية الموظفين ، هؤلاء جزء من شعبنا وهم ضمن مسئولية القيادة ، وبالتالي لا يجب فرض رؤية من طرف واحد تجاه حل هذه المشكلة ولكن ضمن الإطار العام وذلك من خلال تفعيل اللجنة الإدارية المتفق عليها ، وهل ستتعامل حكومة الوفاق مع الموظفين فور قدومها ؟ الجواب نعم بشكل مؤقت الى حين ترتيب الأمور وانتهاء اللجنة من عملها ،، وسؤال تفجيري آخر من سيدفع رواتبهم خلال هذه المرحلة ؟ ، الجواب الحكومة هي من سيقرر ذلك وبالطريقة التي تراها مناسبة ،، وعندها يأتيك رد خافت لا معنى له ، لا نثق بالوعود ،، هنا يتوقف الكلام ..
وعند الحديث عن تفعيل المجلس التشريعي ندخل في صاعق تفجيري جديد ، هناك اتفاق على إجراء الانتخابات خلال ستة شهور فور تسلم الحكومة لمهامها والأصل الذهاب الى انتخابات جديدة لتجديد مؤسسات السلطة كافة خاصة وأن المجلس التشريعي الحالي فشل في عدم إقحام ذاته في أتون الانقسام وأصبح جزءا أصيلا منه ، ومع ذلك تم الطرح ان هناك كتل برلمانية موجودة وفعالة وبإمكانها أن تتفق فيما بينها على آلية عمل للمجلس خلال مرحلة انتقالية غير طويلة عندما تبدأ فكفكة ملفات الانقسام ،، فيكون الرد الخافت ،، هذا كلام عام لا نفهمه ،،
وهكذا تستمر هذه الدوامة من فوضى الأفكار وفوضى المبادرات وفوضى التحركات والاتصالات ، وأصبح من الصعب أن يربط بينها أي رابط ،، مع أن هناك شبه اتفاق على الكثير من القضايا بشكل جدي ويمكن البدء بها والبناء عليها ، وان ما تبقى من خلافات لا تستحق استمرار معاناة أهلنا في قطاع غزة في كافة المجالات ، ولا تستحق ان نبقى في صورة بشعة لا تسر سوى أعداء شعبنا ، وان تستمر صورتنا المشوهة أمام من يريد الشماتة في الشعب الفلسطيني ،،
هناك اتفاق وإمكانية لقدوم الحكومة لتمارس صلاحياتها كاملة ولديها النية والجدية والقرار موجود ، ويمكن تجاوز بسهولة قضية اللجنة الإدارية التي لا تستحق ان تكون عنوانا لأي أزمة ، والرئيس أعلن بوضوح انه سيعطي تعليماته الكاملة والحاسمة لحل كافة مشاكل القطاع ووقف كافة الإجراءات العقابية بما يحمي أهلنا من حياة البؤس التي يعيشها ،، والاتفاق على الذهاب الى الانتخابات لتجديد الشرعيات جميعها ونقبل بنتائجها بشكل حضاري محترم لنتفرغ جميعا لمواجهة المخططات التي تحاك ضد شعبنا وقضيته ،، العالم يتغير وليس ثابتا ، وقضيتنا لازالت محور ومركز الصراع في المنطقة ، وشعبنا لازال قوي وبخير وقادر على الصمود ولعل معركة الأقصى الأخيرة أكدت هذه الحقيقة ، وشعوبنا العربية والإسلامية لازالت قابلة للاستنهاض ، وموقفنا السياسي في الساحة الدولية لازال نابضا بالحياة ونحقق انجازات دولية مهمة لصالح قضيتنا ،، كل ذلك يمكن ان يرسم لوحة جميلة لنضال شعبنا ، ولكن نحتاج الى قيادات تفهم وتستوعب وتكبر على التفكير الضيق ..

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-