أخر الاخبار

سرطانُ الطلاق يُداهم عائلات اللاجئين في أوروبا.. الدوافع و الترشيحات


 لا يخفى على مقيمٍ في القارة الأوروبية تَزايدُ حالات الطلاق بين اللاجئين الواصلين إلى أوروبا، الأمر الذي دفعَ كثيرين ممّن كانوا يفكرون بالحلم الأوروبي إلى العُدولِ عن أحلامهم، بل دفعَ البعضَ أيضاً إلى إلغاء طلبات لمّ الشمل و العودة إلى مستقبلهم القديم المُنحَسرِ في زوايا الحرب..

و كمثالٍ خاطفٍ ، فقد وصلَ عددُ حالات الانفصال بين الزوجين في أحد مخيّمات اللجوء جنوب هولندا إلى إحدى عشرة حالة طلاق، بينما وصل في إحدى المحاكم الهولنديّة إلى ثلاثٍ و ثلاثين حالة خلال شهرين اثنين، وهذا ما يجب الوقوف عنده و عند أسبابه..

ما الذي يدفع الزوجين إلى فكّ عُرَى الزوجية و التفريط بمستقبل أولادهم في أوروبا، في حين كانوا حريصين الحرصَ كلّه على احتواء أزماتهم في وطنهم الأمّ ؟  ربّما يكون السبب في ذلك هو القانون الأوروبي الذي يُسَارع إلى تأمين كل مستلزمات الطلاق و بشكل فوري، مِنْ بيتٍ مستقلٍّ لكلا الزوجين، و مُرتّبٍ شهري خاص و حياةٍ كريمة ، و هذا الأمر يشجّع الأزواج الذين تعكّرُ حياتهم سمومُ المشاحنات و العداوات، فيجد الزوج نفسه بعد الطلاق في منزلٍ مُؤَثّث و حياةٍ باذخة ..

و كذلك تجد المرأة المطلّقة نفسها سيّدةً في منزلها الجديد و مرتّبها الذي تحرّر من سلطة الزوج المستبدّة ، و أولادها الذين منحهم القانون لها و أصبحوا تحت إمرتها و إشرافها المباشر، بل إنّ سُلطتها توسّعت لتضرب الزوج في صميمه ، من خلال قدرتِها على المطالبة بإبعاد الزوج عن كامل المنطقة بذريعة أنه يشكّل لها مصدر تهديد أو إزعاج..  ربّما يجتمع كل ما سبق في إطار السبب الأول لتزايد حالات الطلاق في أوروبا..

  في حين يكون السبب الثاني في طبيعة المجتمع الأوروبي القائمة على التحلّل من كل الروابط الاجتماعية و التي كانت طاغيةً على عادات و تقاليد المجتمع العربي..  فأنْ ينفصل الزوج عن زوجته ليس طامّةً كبرى في المجتمع الغربيّ ، بل هو أمر طبيعي جداً طالما يتكرّر ، مثلُه مثل إيداع الأمّ في دار المسنّين حين تتقدّم في العمر و تصبح عالةً على أبنائها..

أمّا السبب الثالث فربّما يرجع إلى العقليّة العربيّة التي لا يمكن لنا أن نعطيَها صكّ البراءة في هذا المضمار..

فنظرة المجتمع العربي للمرأة المطلّقة هي نظرة انتقاص و سوداويّة بعض الشيء، و هذا ما يجعل المرأة العربية تراجع حساباتها كثيراً قبيل اتخاذها لقرار الطلاق، و ذلك لأنّها تعلم أنّها إذا انفصلت عن زوجها فإنّ مصيرَها يلفّه الغموض و الكثير من المخاوف التي تدفعها إلى المحافظة على عشّ الزوجية، في حين تجد نفسها في أوروبا قد تخلّصت من كل هذه الأعباء الثقيلة، الأمر الذي يجعلها تسارع إلى حسم أمرها و موقفها..

  و مهما تعدّدت الأسباب فإنّ القلقَ يخيّمُ على مستقبل العائلات العربية المقيمة في أوروبا نظراً للتفاوت البيّن في القوانين و الأعراف بين بيئتين مختلفتين تماماً ، و لم يدفع القسطَ الأعظمَ من فاتورة هذا الاختلاف إلا الأطفال الذين وجدوا أنفسهم في المقصلة بينَ عشيّةٍ و ضحاها
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-