*********************************************
في معركة "ترموبيل"، والتي تعني الأبواب الساخنة، عام 480 قبل الميلاد، واجه جيش إسبرطة اليوناني المكون من 300 جندي فقط، بقيادة الملك "لونايدس"، جيوش الفرس التي غزت اليونان، وكان تعدادها مليون جندي.
وبغض النظر عن حنكة القائد لونايدس الذي استفاد من ضيق معبر ثيرموبيلاي الذي لا يسمح بمرور أكثر من 18 رجلا، إلا أن السؤال الأساسي كان: لماذا لم يكن في الجيش غير 300 مقاتل مع أن إسبرطة اشتهرت بتعداد جيوشها؟
كعادة اليونانيين، ذهبوا إلى العرافة قبل بدء المعركة، وهذه المرة قالت العرافة إن القيام بالحرب سوف يقضي على اليونان، فآمن الجميع بما قالته ولم يخرجوا للحرب، عدا عن الفرسان الذين صدقوا شراسة وفروسية قائدهم لونايدس.
أرسل "زيريكسيس" الفارسي رسولاً ليعرض على "ليونيداس" رغبته في الاستيلاء على إسبرطة وضمّها إلى مستعمراته، لكن "ليونيداس" يرفض العرض ويفضل المواجهة والموت على خيار الاستسلام، رغم رفض حرس الآلهة دعم خيار الحرب.
لم ينتصر اليونانيون في هذه المعركة، إذ قتلوا جميعاً، لكنهم لم يقتلوا بسهولة، فقد استمرت المعركة أياماً، استطاعوا فيها أن يلحقوا خسائر هائلة بالجيش الفارسي، ولكن الأهم، أن ذكرهم كأبطال بقي في التاريخ إلى اليوم، وكانوا إلهاماً لمن جاء بعدهم لكي يحرر اليونان من أطماع الفرس.
هذا درس صغير من التاريخ، فالجسد لا يقاتل مطلقاً، إنما هي الروح، إذا أخذت القرار بالمواجهة، فهي لا تطرح الكثير من الأسئلة عن الربح والخسارة، فأحياناً تُهزم، ورغم الهزيمة فأنت محط إعجاب لأنك لم تستسلم، وأحياناً، تنتصر على أعتى القوى لمجرد أنك قلت لا، وصمدت في هذه "اللا" إلى النهاية.