أخر الاخبار

على هامش إصدار قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني :

قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني رقم 6 لسنة 2016 بين النظرية والتطبيق

بالرغم مما مر بهذا القانون من شد وجذب بين الحكومة والعمال من جهة وبين الحكومة وأصحاب العمل من جهة من جهة أخري ,ورغم التعديلات التي أدخلت علي هذا القانون إلا أنه لازال هنالك العديد من الملاحظات والتي كان يتوجب إدخال التعديلات عليها في مواده كي يحقق أهدافه , ورغم ذلك يجب أن لا تكون هذه الملاحظات والانتقادات لهذا القانون أن تقف عائق أما تنفيذه , حتى لا نقع في نفس الخطاء الذي وقعنا فيه أمام عند تنفيذ أحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 3 لسنة 2003 , والذي لو تم تنفيذه فعليا رغم العديد من الملاحظات عليه في حينها لقطعنا شوطا طويلا أمام ضمان اجتماعي فعلي حقيقي .



إلا أن الطريق لازال طويلا أما التنفيذ الفعلي لقانون قانون الضمان الاجتماعي الفلسطيني رقم 6 لسنة 2016 كي يحقق أهدافه ,ولكي يشعر العامل وصاحب العمل بأهمية هذا القانون .
فهذا القانون تواجهه العديد من الصعوبات والعقبات لتنفيذه على أرض الواقع , والتي لا تقل أهمية على ما نبديه من ملاحظات وانتقادات عليه .
فالعمل بهذا القانون يستلزم وجود أرضية من المعلومات والإحصائيات الدقيقة عن العمال وأصحاب العمل , فهذا القانون لكي يتم تنفيذه يستلزم المعرفة الدقيقة و الحقيقية عن سوق العمل , منها على سبيل المثال لا الحصر:
إحصائيات عن المنشآت التي سيطبق عليها هذا القانون وعدد العاملين فيها , وتحديد أعمار هؤلاء العاملين ,وحالتهم الاجتماعية بصفة عامة , وتحديد عدد المعالين من هؤلاء العاملين وتحديد أجورهم الحقيقية بحيث لا يكون أمام أصحاب العمل والعمال فرصة للتلاعب بها, وهذه الأمور تحتاج للكثير من الوقت والجهد للتحقق من صحتها وإثباتها , قد يطول أمدها لعدة أشهر , مما سيكون له أثره الواضح على سرعة التنفيذ الفعلي هذا القانون . 
فسوق العمل كما يعلم جميع المهتمين والمطلعين بذلك هو سوق عمل غير منظم ولا توجد به أية ضوابط أو معايير، أو لنقل إحصائيات دقيقة عنه لدي الجهات الرسمية , وهذا الأمر يجعل تنفيذ هذا القانون ( بالبداية ) على أرض الواقع في غاية الصعوبة .
ورغم ذلك يجب أن لا نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه العقبات والصعوبات فالبدايات عادة تكون كذلك .
ولكي نبدأ في تنفيذ هذا القانون على أرض الواقع نرى أن يبدأ العمل بهذا القانون وتنفيذه على المنشات التي قد تبدوا لنا شبه منتظمة "من وجه نظرنا على الأقل " , والتي يتجاوز فيها عدد العاملين عددا معين .
ثم ننتقل تدريجيا ليشمل هذا القانون المنشآت والمؤسسات لمن لديهم عدد أقل من العاملين , حتى نصل للمنشات التي لديها عاملا واحد فقط ، وذلك أسوة بتجارب الدول العربية التي سبقتنا في هذا المجال . 
كما أنه يمكننا البدء بتنفيذ هذا القانون على بعض القطاعات الإنتاجية ومن ثم التوسع ليشمل في نهاية الأمر كافة القطاعات الإنتاجية , أو أن ينفذ هذا القانون على جميع المنشآت في بعض من محافظات الوطن ومن ثم التوسع ليشمل في النهاية كافة المنشآت في جميع محافظات الوطن .
هذا من ناحية ومن ناحية أخري , فإن هذا القانون يضع العمال وأصحاب العمل أمام عددا من التساؤلات والتي تحتاج لإجابه عنها لاسيما في التأمين المتعلق بالشيخوخة منها :
أولا : العمال اللذين انتهي عملهم و لم يبلغوا سن الستين خلال فترة سريان هذا القانون ولم تكتمل لديهم شروط استحقاقهم لراتب التقاعد ، وتركوا العمل لدى الغير نهائيا إما بسبب فتح منشآت عمل خاصة بهم أو بسبب الهجرة للخارج , كيف سيتم التعامل (على الأقل ) فيما يتعلق بالاستقطاعات التي تمت من أجورهم خلال فترة عملهم .
ثانيا : هل يحق للعاملين شراء مدة العمل السابقة على سريان أحكام هذا القانون ( أي دفع اشتراكات صاحب العمل واشتراكاته عن هذه المدة طبقا للقانون ) إذا ما ثبت أنهم قد عملوا فعلا خلال هذه الفترة ,وإن كان ذلك ممكنا فما هي هذه المدة ؟
ثالثا : أن المادة ( 119 ) قد رفعت سن التقاعد لمن بلغ ( 46 ) سنة وما فوق عند تنفيذ أحكام هذا القانون , كي يستحقوا راتب التقاعد ومنحت من هم في عمر ( 51 ) سنة حتى ( 55 ) سنة ,إضافة لزيادة مدة التقاعد منحتهم سنوات سماها القانون " منحة العمر " , فهل مدة هذه المنحة تسقط من مدة استحقاقهم لراتب التقاعد حسب ما ورد في المدة ( 51 ) أم أن الأمر يستلزم من العاملين دفع الاشتراكات عنها . 
رابعا : مع الأخذ بالاعتبار ما جاء في أحكام المادة ( 124 ) من تنفيذ أحكام هذا القانون خلال ثلاثين يوما من نشره في الجريدة الرسمية وما ورد في المادة ( 3 فقرة 2 ) بشأن مسئولية مجلس المؤسسة عن تنفيذ التأمينات الواردة بهذا القانون خلال مدة لا تزيد عن أربعة وعشرون شهرا من تاريخ سريان هذا القانون ، هل يحق لصاحب العمل البدء في استقطاع الاشتراكات المنصوص عليها في هذا القانون من العاملين من تاريخ نفاذ هذا القانون ( أي بعد ثلاثين يوما ) , بحيث يمكن تجميع هذه الاشتراكات و دفعها كاملة دفعة واحدة حين أن يشمل هذا القانون هذه المنشأة وبأثر رجعي من تاريخ البدء بالعمل بأحكام هذا القانون ؟
خامسا : إذا كانت بعض المنشآت تعطي حقوقا أو امتيازات أفضل للعاملين لديها من قانون الضمان الاجتماعي فيما يتعلق بالادخار, وما يستقطع من المنشأة لصالح العامل ،أو في أجازة الأمومة علي سبيل المثال ' هل يحق لهذه المنشآت التراجع عن هذه الامتيازات والالتزام فقط بما جاء في هذا القانون أم هذه المنشآت ملزمة بالاستمرار في منح هذه الامتيازات فيما يزيد عما جاء في هذا القانون ؟
سادسا : هل يحق للمنشآت التي لديها نظام ادخار منظم وحقيقي للعاملين , حسب نظامها الداخلي لديها بنقلها وبأثر رجعي لمؤسسة الضمان الاجتماعي في حدود ما ورد في هذا القانون .
قد يكون لدينا بعض الإجابات عن هذه التساؤلات ولكنها تدخل في باب الاجتهاد القانوني في فهم فلسفة قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي اللاإلزامية فيها ، والتي قد نختلف عليها مع بعض القانونيين من الوجهة القانونية البحتة .
هذه بعضا من العقبات و التساؤلات التي تمكنا من استنباطها من خلال القراءة الأولية لهذا القانون والتي قد تزيد كلما أمعنا القراء له , كما أن الواقع العملي للبدء بتنفيذ أحكام هذا القانون فعليا سيفرز لنا أيضا العديد من العقبات والتساؤلات والاستفسارات , والتي تحتاج بلا شك للإجابة عنها بوضوح تام .
المستشار القانوني بوزارة العمل
حلمي حافظ برزق

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-