المصلي الذي لا يحتمل الإعوجاج
خالي، من ابدع الشخصيات التي يمكن ان تصادفك في الحياة.. متشدد ويكره المسخرة و الطراوة ...رغم انني اعده ملكا للطراوة بعفويته.. و اكثر ما يكره في حياته الحال المايله واللغوصة في الكلام..ومحسوبكم عندي هالشغلتين..بس الشهادة لله انو بحبني من تحت لتحت..وانا كذلك، فهو في مقام والدي تماما وأنا أحب فيه بلاغته الشعرية فهو شاعر مغمور قلما يجود الدهر بمثله..ويعجبني فيه ايضا اخلاقه والتزامه، إنه الأنسان الذي يصعب ان أكونه، وأشفق بدوري على حالته الصحية كونه يعاني فشلا كلويا مزمنا وارتفاعا حادا في ضغط الدم يجعله دائم العصبية..
المهم، لخالي هذا العديد من النهفات واللطائف الايمانية التي تروقني كثيرا..فأينما دخل مسجدا ليصلي فيه الجمعة الا ويعملو مشكلة، اذا مش مع المصلين فمع الخطيب..او خادم المسجد وذلك اضعف الايمان..
انا بصراحة ما بلومو.. لانو في أئمة مساجد عجب..يعني كان مره يحضر درس ما قبل خطبة الجمعة في مسجد نائي بعمان..ولم يكن فيه الا بضعة ختايره ازغرهم عمرو 70 وخالي 77 ..والخطيب بسولفلهم عن شروط وأحكام التطهر وغسل الجنابة..خالي ما قدرش يسكت..ووقف وقال لهذا الخطيب الشاب.. بحرفية العبارة " يا زلمه بشرفك انت في براس عقل..اطلع على هالمصلين حوليك..اتفرج جاي بوجوهم بدل ما مقضيها تترمش وتبحلق بعيونك فوق بهالسقف.. يا زلمه هذووول خالصين..وك يا رجل سولفنا سولافة مفيدة عن حسن الختام، عن كتابة وصية الوفاة، عن غسيل الموتى..عن اي اشي الا الجنابه..اي احنا على حيلنا مش قادرين نقعد وبدنا مخدات و جنابي..وخريانين على حالنا وبدنا حد يغسل تحتينا الجنابي..".
المهم كالعادة.. كل خطبة جمعة بيحضرها بتتحول لهرج ومرج..واشي بصير يقلو اسكت يا حج.. واشي بستحسن طروحاتو..وبيقول اتركو هالختيار يسولف يا خوان على راحاتو..واشي بفروط من الضحك وبسوي حالو قاعد بتثاوب او بزبط على راسو السلك..
احد نهفاتو التي شهدها خلق كثير، كانت حين صادف قدوم احد نواب البرلمان من جماعة الحركة الاسلامية ليخطب الجمعة في المسجد المحاذي لبيته. وكان نواب الحركة حينها يحشدون الرأي الشعبي لرفض معاهدة السلام مع اسرائيل التي تنوي الحكومة طرحها على مجلس النواب للموافقة عليها..فأخذ الخطيب "الاخونجي" يحث المصلين صارخا في وجوههم وزاجرا من فوق المنبر .. (قولو لهم ان اليهود لا عهد لهم..قولو لهم لسنا عبيدا عندهم، قولو لهم..قولو لهم..) خالي ما عرفش يظل ساكت مثل هالناس الذين اطرقو برؤسهم ارضا، ووقف بنص الجامع وقال للخطيب.. (يا شيخ اسمحلنا انت نازل من ساعة تقوللنا قولو لهم قولو لهم.. لمين نقول؟؟ وانت شو شغلتك؟؟ ما احنا انتخبناك انت عشان تقول لهم..احنا قادرين نوصلهم حتى نقول لهم..انت روح و قولو لهم..)..
وقد انشد خالي بعدها شعرا عاميا قال فيه:
أشوفك لابس ومتأنق
وانا من حولك اصفق
سألت الله يدوم عزك
وانا الي ما معي أحلق
ورغم كل ما يواجهه خالي من مواقف وسلوكيات غريبة في المساجد ولا يسكت على العوج مطلقا، لكنه دائما ما يسعى ليحافظ على رباطة جأشه مراعاة لحرمة بيوت الله..الا في حالة واحدة وهي حين يسرق احدهم نعاله، وربما ان هناك من يتربص به عمدا لإثارته ..عندها فقط يخرج عن طوره.. وتتوقف ردة فعله على مدى ارتفاع ضغط دمه، فإما ان يدعو الله لهم بالهداية والصلاح.. أو يكتفي بشتم ولاياهم بالفاظ منافيه.. ويجر نفسه لبيته حافيا..مؤخرا اخذ يصلي فروضه الخمس في بيته فظننت اولها انه لم يتبقى لديه شباشب..ولما سألته عن السبايب..قال لي ان هناك مصلي ثقيل دم يكاد يخرجه من دينه..قلتلو كيف يا خالي..قال يا زلمه بفوت المسجد و بترك كل هالمساحة الفاضية وبيجي يحشر حالو جنبي..وطول الصلاة لا بخليني اركز ولا اخشع..وانا ايدي مكان عملية غسيل الكلى تؤلمني وهو بيقضيها يلز ويرص بكتفو عكتفي واجرو على اجري..بالاول انا خجلت منو بثوبو لقصير ولحيتو الطويلة شكلو من الدعاة الجدد، بس في الاخر مسكتو عباب المسجد وشكيتلو من الاذى الي بيلحقو فيي بدفاشتو..صار يتمسخر ويلغوص في الحكي ويقولي يا ختيار أبدناش الشيطان يخوش بيناتنا..صفنت بعيونو وسألتو سؤال واحد، قلتلو امانة الله احلفك بالله يا رجل ما انت كاين عرص و ازعر وانت زغير.. قالي والله يا ختيار انك صدقت بس شو عرفك..قالو خالي رغم مسواكك الطويل هاض اللي بجيبتك والكحلة بعيونك بس والله انها لعانة الوالدين بعدها بتنطنط من عيونك..وانشد خالي شعره قائلا:
لا تغرنك العمامة واللحى والابتسامة
ربما اخفت نفوسا نسيت يوم القيامة
اخيرا، انا شخصيا احرص على الاتصال الهاتفي به اسبوعيا لاطمئن على صحته..لكن دائما ما نبدأ حديثنا بشكل ودي ومنسجم..الى ان تفلت من لساني كلمة هيك او هيك..وعندها يثور ويقفل الهاتف في وجهي.. اخر اتصال دار بيننا كان ينصحني بضرورة المحافظة على الصلاة والصيام..وانا كنت افهمو اني قاعد بلتزم شوي شوي وبالتدريج واني بدأت الحمدلله اصلي الجمعة واصوم للظهر..وبعرفش شو جاب سيرة سيدنا محمد بالحكي..قمت رديت عليه وقلتلو يا خالي بالنسبه للرسول *(الله يرحمو)* ... وهنا ثارت ثائرته وبعد أن صفن مطولا قال لي..بتعرف انو فش ابرد من وجهك..؟ قلتلو لاه لاه.. ليش يا خالي؟ قال لي بلا خالي بلا خاري.. يا زلمه انت ليش عكس الناس كلهم من 1400 سنه والمسلمين بقولو عليه الصلاة والسلام..وانت جاي هسع تقولي الله يرحمو، يا عرص؟ حاولت افهمو انو الرحمة دعوة طيبة يحتاجها كل الخلق بمن فيهم النبي الأكرم، واتيت له بنص الاية الكريمة من سورة الزمر التي تؤكد ان النبي نفسه لا يضمن شيئا لنفسه عند الله وأن احدا لا يأمن مكره..لكن بعد شرح مني طويل..تبين لي انه كان قد اقفل الخط في وجهي منذ مدة طويلة.
#ابوطراوة
*في الصورة/خالي الشاعر توفيق الفارس*
خالي، من ابدع الشخصيات التي يمكن ان تصادفك في الحياة.. متشدد ويكره المسخرة و الطراوة ...رغم انني اعده ملكا للطراوة بعفويته.. و اكثر ما يكره في حياته الحال المايله واللغوصة في الكلام..ومحسوبكم عندي هالشغلتين..بس الشهادة لله انو بحبني من تحت لتحت..وانا كذلك، فهو في مقام والدي تماما وأنا أحب فيه بلاغته الشعرية فهو شاعر مغمور قلما يجود الدهر بمثله..ويعجبني فيه ايضا اخلاقه والتزامه، إنه الأنسان الذي يصعب ان أكونه، وأشفق بدوري على حالته الصحية كونه يعاني فشلا كلويا مزمنا وارتفاعا حادا في ضغط الدم يجعله دائم العصبية..
المهم، لخالي هذا العديد من النهفات واللطائف الايمانية التي تروقني كثيرا..فأينما دخل مسجدا ليصلي فيه الجمعة الا ويعملو مشكلة، اذا مش مع المصلين فمع الخطيب..او خادم المسجد وذلك اضعف الايمان..
انا بصراحة ما بلومو.. لانو في أئمة مساجد عجب..يعني كان مره يحضر درس ما قبل خطبة الجمعة في مسجد نائي بعمان..ولم يكن فيه الا بضعة ختايره ازغرهم عمرو 70 وخالي 77 ..والخطيب بسولفلهم عن شروط وأحكام التطهر وغسل الجنابة..خالي ما قدرش يسكت..ووقف وقال لهذا الخطيب الشاب.. بحرفية العبارة " يا زلمه بشرفك انت في براس عقل..اطلع على هالمصلين حوليك..اتفرج جاي بوجوهم بدل ما مقضيها تترمش وتبحلق بعيونك فوق بهالسقف.. يا زلمه هذووول خالصين..وك يا رجل سولفنا سولافة مفيدة عن حسن الختام، عن كتابة وصية الوفاة، عن غسيل الموتى..عن اي اشي الا الجنابه..اي احنا على حيلنا مش قادرين نقعد وبدنا مخدات و جنابي..وخريانين على حالنا وبدنا حد يغسل تحتينا الجنابي..".
المهم كالعادة.. كل خطبة جمعة بيحضرها بتتحول لهرج ومرج..واشي بصير يقلو اسكت يا حج.. واشي بستحسن طروحاتو..وبيقول اتركو هالختيار يسولف يا خوان على راحاتو..واشي بفروط من الضحك وبسوي حالو قاعد بتثاوب او بزبط على راسو السلك..
احد نهفاتو التي شهدها خلق كثير، كانت حين صادف قدوم احد نواب البرلمان من جماعة الحركة الاسلامية ليخطب الجمعة في المسجد المحاذي لبيته. وكان نواب الحركة حينها يحشدون الرأي الشعبي لرفض معاهدة السلام مع اسرائيل التي تنوي الحكومة طرحها على مجلس النواب للموافقة عليها..فأخذ الخطيب "الاخونجي" يحث المصلين صارخا في وجوههم وزاجرا من فوق المنبر .. (قولو لهم ان اليهود لا عهد لهم..قولو لهم لسنا عبيدا عندهم، قولو لهم..قولو لهم..) خالي ما عرفش يظل ساكت مثل هالناس الذين اطرقو برؤسهم ارضا، ووقف بنص الجامع وقال للخطيب.. (يا شيخ اسمحلنا انت نازل من ساعة تقوللنا قولو لهم قولو لهم.. لمين نقول؟؟ وانت شو شغلتك؟؟ ما احنا انتخبناك انت عشان تقول لهم..احنا قادرين نوصلهم حتى نقول لهم..انت روح و قولو لهم..)..
وقد انشد خالي بعدها شعرا عاميا قال فيه:
أشوفك لابس ومتأنق
وانا من حولك اصفق
سألت الله يدوم عزك
وانا الي ما معي أحلق
ورغم كل ما يواجهه خالي من مواقف وسلوكيات غريبة في المساجد ولا يسكت على العوج مطلقا، لكنه دائما ما يسعى ليحافظ على رباطة جأشه مراعاة لحرمة بيوت الله..الا في حالة واحدة وهي حين يسرق احدهم نعاله، وربما ان هناك من يتربص به عمدا لإثارته ..عندها فقط يخرج عن طوره.. وتتوقف ردة فعله على مدى ارتفاع ضغط دمه، فإما ان يدعو الله لهم بالهداية والصلاح.. أو يكتفي بشتم ولاياهم بالفاظ منافيه.. ويجر نفسه لبيته حافيا..مؤخرا اخذ يصلي فروضه الخمس في بيته فظننت اولها انه لم يتبقى لديه شباشب..ولما سألته عن السبايب..قال لي ان هناك مصلي ثقيل دم يكاد يخرجه من دينه..قلتلو كيف يا خالي..قال يا زلمه بفوت المسجد و بترك كل هالمساحة الفاضية وبيجي يحشر حالو جنبي..وطول الصلاة لا بخليني اركز ولا اخشع..وانا ايدي مكان عملية غسيل الكلى تؤلمني وهو بيقضيها يلز ويرص بكتفو عكتفي واجرو على اجري..بالاول انا خجلت منو بثوبو لقصير ولحيتو الطويلة شكلو من الدعاة الجدد، بس في الاخر مسكتو عباب المسجد وشكيتلو من الاذى الي بيلحقو فيي بدفاشتو..صار يتمسخر ويلغوص في الحكي ويقولي يا ختيار أبدناش الشيطان يخوش بيناتنا..صفنت بعيونو وسألتو سؤال واحد، قلتلو امانة الله احلفك بالله يا رجل ما انت كاين عرص و ازعر وانت زغير.. قالي والله يا ختيار انك صدقت بس شو عرفك..قالو خالي رغم مسواكك الطويل هاض اللي بجيبتك والكحلة بعيونك بس والله انها لعانة الوالدين بعدها بتنطنط من عيونك..وانشد خالي شعره قائلا:
لا تغرنك العمامة واللحى والابتسامة
ربما اخفت نفوسا نسيت يوم القيامة
اخيرا، انا شخصيا احرص على الاتصال الهاتفي به اسبوعيا لاطمئن على صحته..لكن دائما ما نبدأ حديثنا بشكل ودي ومنسجم..الى ان تفلت من لساني كلمة هيك او هيك..وعندها يثور ويقفل الهاتف في وجهي.. اخر اتصال دار بيننا كان ينصحني بضرورة المحافظة على الصلاة والصيام..وانا كنت افهمو اني قاعد بلتزم شوي شوي وبالتدريج واني بدأت الحمدلله اصلي الجمعة واصوم للظهر..وبعرفش شو جاب سيرة سيدنا محمد بالحكي..قمت رديت عليه وقلتلو يا خالي بالنسبه للرسول *(الله يرحمو)* ... وهنا ثارت ثائرته وبعد أن صفن مطولا قال لي..بتعرف انو فش ابرد من وجهك..؟ قلتلو لاه لاه.. ليش يا خالي؟ قال لي بلا خالي بلا خاري.. يا زلمه انت ليش عكس الناس كلهم من 1400 سنه والمسلمين بقولو عليه الصلاة والسلام..وانت جاي هسع تقولي الله يرحمو، يا عرص؟ حاولت افهمو انو الرحمة دعوة طيبة يحتاجها كل الخلق بمن فيهم النبي الأكرم، واتيت له بنص الاية الكريمة من سورة الزمر التي تؤكد ان النبي نفسه لا يضمن شيئا لنفسه عند الله وأن احدا لا يأمن مكره..لكن بعد شرح مني طويل..تبين لي انه كان قد اقفل الخط في وجهي منذ مدة طويلة.
#ابوطراوة
*في الصورة/خالي الشاعر توفيق الفارس*