أخر الاخبار

مسافر الان كما كانت هي مسافرة

ا منها خلال رحلة شاقة طويلة .. حملتها الى البيت دون أن يصدر عنها أي صوت أو ارتجاف يرفض اطباق قبضتي عليها ..كان من الواضح ان هنالك قصة ما ستثير الفضول و التعجب في ليلة سفري، و هو ما كان.. غير أن الدهشة التي شعر بها الجميع تجاه المسافرة القادمة من بعيد و المصابة في كبريائها الذي غاب في ذبول عينيها الغائمتين باستجداء حزين لم يدم طويلا و ضاعت بقية القصة في تفاصيل السفر و انهماكاته .. أقلعت الطائرة من مطار الملكة علياء بعد يومين و اتخذت مسارا شماليا لم يطل به الامد حتى اصبح غربيا .. انزاحت الارض فجأة و ملأت صفحة البحر فضول عيني من أراد أن يطل من النافذة الى أسفل .. ثم حلقت الطائرة فوق جزيرة قبرص التي كان يمكن رؤية اولها و آخرها .. ثم حلقت بالقرب من جزيرة كريت .. كان التفكير مقتصرا على امور بعينها و لم يسافر الى حيث يمكنه ربط الاشياء ببعضها .. و لم يخطر لي أنني ربما كنت أسبح في تيار كبير يمكن لتناقضاته أن تصل الى نفس الوجهة الا بعد ابتعاد كريت في الافق الضبابي .. انني مسافر الان كما كانت هي مسافرة .. كانت قادمة من التعب الى التعب كما انني متعب من التعب الفلسطيني و ينتابني شعور بأنني ذاهب الى الاصطدام بمزيد منه .. انها أنا في الواقع .. ترى ماذا جرى لها ؟ .. كانت ما تزال حية دون شك عندما شقت سيارة الاجرة المرسيدس شوارع غزة شبه الفارغة من الحركة قبل شروق الشمس .. هل لو تم الاعتناء بها و طارت ستنجح في تجنب الاصطدام مرة اخرى ؟ .. ثم لماذا يجب ان يكون ذلك الطير مؤنث الاسم؟ كثيرة هي الطيور الضعيفة التي نتخذ لها اسماء مذكرة .. لماذا لا نستطيع القول "هذا الفر" للاشارة الى المفرد ؟ .. من عل لا وجود للطيور في مرمى النظر .. ليس هنالك الا صفحة ماء زرقاء ليس لها أول و ليس لها آخر و فوقها شساعة السماء ..

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-