أخر الاخبار

في غزة.. المؤسسات النسائية شبة خالية من ذوات الإعاقة


في غزة.. المؤسسات النسائية شبة خالية من ذوات الإعاقة

كتب/ سالم الريس

رغم الاهتمام العالمي بالأشخاص ذوي الإعاقة والتأكيد على حقهم في العمل والوصول إلى المناصب وكذلك المرافق، إلا أنهم في قطاع غزة وبرغم وجود قانون المعاقين رقم 4 لسنة 1999 ما زالوا يعانون من التهميش في العمل والقدرة على الوصول للكثير من الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية والغير حكومية بسبب إعاقاتهم التي يعانون منها.

وفي تقرير أصدرته جمعيتا الإغاثة الطبية الفلسطينية والجمعية الوطنية لتأهيل المعوقين العام الماضي، قالت إن عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في محافظات غزة بلغ نحو 43 ألفو642 شخص من ذوي الاعاقة، بما نسبته 2,4 % من إجمالي عدد سكان قطاع غزة، فهل تحظى هذه الشريحة المجتمعية بالاهتمام الكافي من قبل مؤسسات المجتمع المدني؟

في هذا التقرير نسلط الضوء على المؤسسات النسوية العاملة في قطاع غزة، ونطرح تساؤل هل المؤسسات النسوية في القطاع تلتزم بتوظيف أشخاص من ذوي الإعاقة ضمن طواقمها كما نص القانون؟ وهل هناك موائمة داخل المؤسسات النسوية تمكن الأشخاص ذوي الإعاقة على مختلف إعاقاتهم من الوصول إليها؟

الحاجز النفسي

"ريم فرينة" مديرة جمعية عائشة للمرأة والطفل، قالت "في القسم المهني بالجمعية يوجد فتاة تعمل في التطريز، جاءت عن طريق جمعية أطفالنا للصم تعاني من صعوبة في النطق، ولكن للأسف ليست بالكفاءة المطلوبة من الناحية العملية، ولديها الكثير من المشاكل، والارتباط النفسي بجمعية أطفالنا للصم والمشرفين عليها هناك، وتطلب أن تعامل معاملة خاصة وليس كبقية العاملات، وأشعر بأنها لم تستوعب الاندماج في المجتمع حتى الآن".

تضيف "في آخر مشروع يهدف للوصول إلى العدالة، استهدفنا الخريجين والخريجات، وكان من ضمن المستهدفين خريجة من ذوات الإعاقة البصرية، وألزمت فتاة من الجمعية أن تلازمها، ولكن بعد أن وصلنا لمرحلة دمجها في المدرس، وقررت إعطائها فرصة خاصة لتقوم بالتدريب بمرافقة فتاة الجمعية، ولكن للأسف لم تكن تمتلك المعنوية الكافية التي تحفزها على الاستمرار وانسحبت بإرادتها".

وعن القانون ونسبة الـ 5% جزمت مديرة جمعية عائشة، بأنه لا يوجد مؤسسات سواء كانت نسائية أو غيرها تطبق القانون، مؤكدة على أن الجمعية ليس لديها مشكلة في توظيف أحد من ذوات الإعاقة في حال أثبت الكفاءة اللازمة للعمل، مستدركة "لكن الوضع العام في قطاع غزة يؤثر على عدم توفير فرص عمل للمواطنين بشكل عام".

وعن موائمة الجمعية أشارت إلى وجود مشكلة صغيرة في مدخل الجمعية يعملون على حلها بطريقة مناسبة لتوائم جميع الاعاقات، مضيفة "حالياً نعمل على مشروع مع جمعية الصم لموائمة المرافق والمدخل والدرج للوصول إلى الطابق الثاني، أما بالنسبة لإعاقة الصم فالإشارات موجودة داخل الجمعية وخارجها".

"ريم أبو سكران" 20 عام من مدينة غزة، إحدى العاملات في جمعية عائشة، وهي من ذوات الإعاقة، كانت تعاني من زيادة في الكهرباء داخل جسمها وبعض التشنجات، إضافة إلى مشاكل في النطق بسبب بعض الاضطهاد منذ الطفولة، لجأت إلى جمعية أطفالنا للصم وهناك تم التعامل مع حالتها حتى أصبحت تتكلم بشكل جيد رغم ثقل لسانها في بعض الكلمات، بعد تحسن حالتها بعض الشيء تم إرسالها إلى جمعية عائشة للعمل ضمن طواقمهم المهنية.

وتقول "التحقت في جمعية أطفالنا للصم حتى أتعلم النطق وتحسنت هناك بنسبة 90%، فمن حولي لم يسمعوا صوتي من قبل"، وتتابع "في عائشة معاملتهم معي جيدة ولكن كنت أتمنى أن أستمر في أطفالنا للصم مع معلماتي والأخصائية النفسية التي تتابعني وتهتم بي".

لدينا أخطاء

مركز شئون المرأة بدوره كأحد أكبر المؤسسات النسوية وأشهرها استهدف ذوات الإعاقة لكن عملهم مع هذه الشريحة يتضمن بعض "الأخطاء" كما قالت "آمال صيام" مديرة مركز شئون المرأة، "المركز استهدف النساء ذوات الإعاقة جراء عدوان 2014 فقط، أكثر مما وظفهم ضمن الطاقم الرئيسي في المركز، حيث أدرنا مشاريع وشغلنا النساء ذوات الإعاقة في أماكن مختلفة من ضمن المشروع وساعدناهم في تأسيس مشاريع خاصة بهم، وقدمنا لهم التثقيف والدعم النفسي".

وتابعت "نحن غير ملتزمون بنسبة الـ 5% للأسف، فلم يتقدم لوظائفنا من ذوات الإعاقة، ونحن لم نكتب في إعلان الوظائف بأن الأولوية للأشخاص ذوي الإعاقة وهذه ثغرة لدينا"، مبررة في أن المؤسسات التي تختص في عملها مع الأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة للمؤسسات الحكومية لا تلتزم بنص القانون الذي يلزم المؤسسات بتوظيف 5% من عدد موظفيهم من الأشخاص ذوي الإعاقة.

وينص قانون المعاقين الفلسطيني رقم 4 لسنة 1999 في المادة رقم 10 على " إلزام المؤسسات الحكومية وغير الحكومية باستيعاب عدد من المعوقين لا يقل عن 5% من عدد العاملين بها يتناسب مع طبيعة العمل في تلك المؤسسات مع جعل أماكن العمل مناسبة لاستخدامهم".

ومن أكبر التحديات التي تواجه مركز شئون المرأة هي الموقع، حيث يقع المركز في عمارة على الطابق الثالث له مصعد كهربائي صغير لا يستوعب كرسي ذوي الاعاقة الحركية، وتقول "مقرنا لا يسمح بتوظيف أو استقبال جميع أنواع الإعاقات، فنحن على الطابق الثالث، والحمامات غير موائمة، وقاعات التدريب غير موائمة لكي تسمح باستقبال كل أنواع الاعاقات بالتواجد، أيضاً لدينا فئة الأشخاص الصم بحاجة إلى مترجمين ولغة الإشارة، ونحن نسير على خطة لتطوير ملائمتنا ولكن ليست بالشكل المطلوب فما زلنا في البداية".

وعن خطة التطوير قالت صيام "هناك خطة للتطوير، وأنجزنا بعض الموائمات وكتبنا أسماء جميع المؤسسات في العمارة على مدخلها بلغة الإشارة، ولغة برايل، ولكن لم نصل إلى الموائمة الكاملة، وعندما نعمل نشاط يتطلب حضور أشخاص من ذوي الإعاقة نختار مكان آخر فيه موائمة أكثر من مقرنا".

لم يتقدموا لوظائفنا

"نادية أبو نحلة" مديرة طاقم شئون المرأة، قالت "لا يوجد لدينا موظفات من ذوات الإعاقة ولكن عملياً لا يوجد لدينا في القانون ما يميز ضدهم ولو تقدموا لوظائف يمكن أن نقبلهم دون أي مشكلة، طالما تنطبق عليهم شروط الوظيفة".

وتضيف "عندما نحتاج إلى وظيفة نعلن عنها ونستقبل الطلبات ولدينا تمييز إيجابي لذوي الإعاقة وللنساء والأولوية لهم، ولكن للأسف لم يتقدم أي شخص من ذوي الإعاقة سواء ذكر أو أنثى لأي وظيفة في الطاقم"، وذلك بناءً على عدم احتواء السيرة الذاتية لطلبات التوظيف على إشارة تدل على أن صاحب الطلب من الأشخاص ذوي الإعاقة.

وتشير أبو نحلة إلى أنهم في الطاقم قرروا الانتقال من مكانهم القديم إلى مقرهم الحالي، الذي يقع في عمارة شارعها ترابي على الطابق الأرضي خصيصاً لتسهيل عملية وصول الأشخاص ذوي الإعاقة، بالإضافة إلى وضعهم لوحات صغيرة داخل المقر تحتوي على لغة الإشارة حتى يتسنى للأشخاص الصم فهم طبيعة المكان.

وعن وجود شخص خبير في لغة الإشارة تقول " أنا بتعامل بلغة الإشارة بشكل جيد جداً، ولكن عملياً دائماً المراجعات والنساء أصحاب المشاكل من الصم أو البكم دائما يأتي معهم أحد من أقاربهم كمساعد لهم أو بيتم تحويلهم لنا عن طريق مؤسسة مختصة بالأشخاص ذوي الإعاقة"، مضيفة إلى أنهم يسعون إلى توفير مترجم متخصص لترجمة اللقاءات والورش التي يعقدونها حتى يستطيع الصم والبكم المشاركة وفهم ما يجري.

تجربة حية

إسراء أبو لحية 27عام من سكان مدينة خانيونس، من ذوي الإعاقة وتعاني من رعشة مستمرة في يديها ولديها بعض المشاكل في مشيتها بسبب حادث سيارة أصابها قبل 20 عام، وهي حاصلة على شهادة بكالوريوس في الاقتصاد ودراسات عليا في التمكين الاقتصادي والاجتماعي لذوي الإعاقة في قطاع غزة.

تقول اسراء "بعد تخرجي حصلت على العمل لشهور قصيرة جداً عن طريق وزارة العمل، ولكن الوزارة لم تكن تدرجني بالشكل الصحيح في مكان يناسب خبراتي"، وتضيف "توجهت لعدة مؤسسات غير حكومية ولكن أول ما المؤسسة تشوفني وتلاحظ إعاقتي ترفض توظيفي".

وتقول اسراء بأنها تقدمت للعديد من الوظائف المعلن عنها في المؤسسات النسوية ولكن لم تقتنع أي من تلك المؤسسات بمؤهلاتها "لا يوجد تقدير لقدراتنا أو تحسين لمهاراتنا حتى في المؤسسات النسوية"، برغم أنها حاصلة على العديد من الدورات والخبرات في مجال التدريب وتنسيق المشاريع إلى جانب الشهادات الأكاديمية.

وأوضحت إلى أنها لا تذكر في سيرتها الذاتية التي تتقدم بها للوظائف بأنها من ذوي الإعاقة، وتعلل "بسبب احدى الجمعيات التي تقدمت لها رفضوا وأرسلوا لي رد، لا نقبل بشخص ذوي إعاقة، فتكونت لديًّ فكرة بأن لا أنوه في سيرتي الذاتية لما أعانيه أو أنيي من ذوي الإعاقة".

وحول دور وزارة الشئون الاجتماعية التي نص القانون على رعايتها للأشخاص ذوي الإعاقة، قالت إسراء "وزارة الشئون الاجتماعية المفترض هي المسئولة عنا، ولكن من بعد الانقسام الخدمات المقدمة لنا سيئة، سواء في التوظيف أو الرعاية أو حتى حسن الاستقبال لنا في مقرهم".

وفي اعتقادها فإن قانون المعاقين رقم 4 لسنة 1999 بحاجة إلى التعديل في العديد من نصوصه التي أصبحت لا تصلح مع ازدياد أعداد المعاقين في فلسطين وقطاع غزة، إضافة إلى حاجتهم بموائمة الأماكن العامة والوزارات والمؤسسات الغير حكومية أيضاً.

ونوهت إلى أن القانون هو قانون المعاقين ويعترف بهم كقانون معاقين وليس ذوي إعاقة وهذا جريمة إنسانية "لأنه يعترف بك كشخص لا تملك الخبرة ومعاق متخلف وينظر من ناحية الخلل الجسماني وليس العقلي ولربما أثر ذلك في الثقافة السائدة في المجتمع والتي نواجهها بشكل يومي.

الوزارة ومبرراتها

غسان فلفل مدير دائرة الأشخاص ذوي الإعاقة في وزارة الشئون الاجتماعية بغزة، قال "القانون نص على الأقل تشغيل 5% من ذوي الإعاقة، نحن كوزارة شئون اجتماعية ننسق مع جهات الاختصاص في هذا الموضوع، وهي ديوان الموظفين العام ووزارة العمل".

يبرر عدم التوظيف "نحن في العادة كنا نزود الوزارة بأسماء الأشخاص من ذوي الإعاقة وكانوا يعملون على تشغيلهم، ولكن ديوان الموظفين العام له تقريباً سنتين من بداية حكومة التوافق الجديدة لا يوجد وظائف للجميع سواء من ذوي الإعاقة أو غيرهم، وبالتالي هذا الملف معطل في الحكومة نتيجة الانقسام الموجود ونتيجة حكومة أوقفت قرارات التعينات في غزة".

وفي رده على التنسيق بينهم وبين المؤسسات النسوية، " المؤسسات النسوية ليس من ضمن عملها الأشخاص ذوي الإعاقة ولكن هم دمجوا هذا العمل حديثاً، وإذا كان لديهم مشاريع تشغيل، في العادة يكون بيننا وبينهم تنسيقات ومكاتبات، ولكن في حال قاموا باستقدام أشخاص من ذوي الإعاقة دون الرجوع إلينا كجهة مختصة فهنا يكون لديهم مشكلة وخلل".

وأوضح فلفل بأن هناك خلل في القانون، حيث أن القانون ينص على إلزام الوزارة للمؤسسات الحكومية والغير حكومية في التوظيف وموائمة الأماكن ولكن القانون لم ينص على أي عقاب أو غرامة لمن لا يلتزم في القانون، "الوزارة لا تستطيع إلزام أي مؤسسة حكومية أو غير حكومية، لأن القانون لم يمكن الوزارة من فرض عقوبة على من يخالف النصوص"، مؤكداً على ضرورة تعديل القانون بما يضمن لذوي الإعاقة حقوقهم.

وفي رده على سؤال هل وزارة الشئون الاجتماعية موائمة، قال "وزارة الشئون الاجتماعية جزء منها غير موائم وتقع في نفس المشكلة، الخلل في الوزارة يكمن منذ عام 2007، حيث أنه لم يحدث تطوير على الوزارات بمعنى أننا نحن لدينا نقص في الإمكانيات لجميع الوزارات، ولو كان لدينا إمكانيات مادية لكانت الوزارة مختلفة تماماً، ونحن نعي أن لدينا قصور في الوزارة سببه قلة الإمكانيات".


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-