أخر الاخبار

العولمة وصحة الشعوب

استعمر البريطانيون الهند لمدة 250 سنة. وكان الطمع من دون أدنى شك، هو الدافع وراء الاستعمار لدى الدول الغربية. ويسعى الاقتصاد الرأسمالي للأسواق الحرّة، ووفقاً لفهمه المعلن، إلى تحقيق هدف واحد فقط، ألا وهو الربح. وساهم النهب الاستعماري في بداياته في تفجير الثورة الصناعية ( تطوير الإنتاج الذي يعتمد على الآلات) التي بدأت في بريطانيا منذ 250 سنة وأدّت إلى مزيد من الاستعمار. فقامت المصانع الجديدة بإنتاج سفن بخارية وأسلحة جعلت الغزو العسكري عملية غير متكافئة وسهلة ودموية.
أما اليوم فنسمع مصطلح العولمة لدى توصيف عملية توسّع الاقتصاد الرأسمالي العالمي. وفي الهند، باتت شركات المشروبات الغازية مثل بيبسي وكوكاكولا، بالإضافة إلى الأفلام والبرامج التلفزيونية الغربية وماركات الثياب الأجنبية مثل نايك، من الأمور الشائعة والعادية. وتبدي الهند انفتاحاً متنامياً على اقتصاد السوق العالمي. إلا أن تاريخ السنوات الخمسمئة الأخيرة يبيّن أن العولمة ليست سوى كلمة بديلة لاستمرار ذلك الشكل من الاستغلال الرأسمالي المعروف بالرأسمالية. وما العولمة سوى كلمة صيغت عن عمد لإثارة آمال كاذبة لدى فقراء العالم مفادها أن الآليات الحالية المتّبعة في الاقتصاد العالمي ستتيح لهم مقاربة مستويات العيش التي يتمتّع بها كل من أغنياء أميركا الشمالية وأوروبا واليابان. ومن خلال تعميم هذا الحلم الزائف، شنّت البلدان المذكورة هجوماً جديداً لنهب موارد البلدان الفقيرة.

تتذرّع بلدان أوروبا وأميركا الشمالية واليابان بالعولمة لتطالب الحكومات بتخفيض إنفاقها على العناية الصحية والتعليم والمعونات الغذائية، إلا أن الحكومات في الوقت نفسه تقدّم للشركات متعددة الجنسيات تخفيضاً ضريبياً ودعماً مثل تخفيض الرسوم الكهربائية. وليس اقتصاد السوق «الحر» حرّاً على الإطلاق، بل يتحكّم فيه الأغنياء فقط، على حساب الفقراء.
تنامى التفاوت بين البلدان الغنية والفقيرة، وشهد العقد الماضي مزيداً من تمركز الدخل والثروات والموارد لدى الشعوب والشركات والبلدان.
وبلغت هوة التفاوت في الدخل بين خِمس سكان العالم الذين يعيشون في البلدان الأكثر ثراء وبين خمس السكان الذين يعيشون في البلدان الأكثر فقراً 74 على 1 في العام 1997، أي ارتفعت من 60 على 1 في العام 1990، ومن 30 على1 في العام 1960. وفي العام 1996، حصلت الطبقة العاملة في العالم على متوسّط زيادة في الرواتب بلغ 3% ، مقابل 67% حصل عليها رؤساء الشركات متعدّدة الجنسيات، في الوقت الذي تحقّق أكبر خمس شركات مجتمعة، وهي أميركية بمعظمها، أرباحاً سنوية تفوق مجموع الربح المحلي لكل من الهند وباكستان وبنغلادش معاً.

في أواخر التسعينيات
يملك الخُمس الأغنى (20%) من سكان العالم:
يملك الخُمس الأفقر (20%) من سكان العالم:
86 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي
1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي
82% من أسواق التصدير العالمية
1% فقط
68% من الاستثمار الأجنبي المباشر
1% فقط
74% من الخطوط الهاتقية العالمية
1،5 % فقط
وهكذا، برّر مفهوم العولمة بسهولة مجموعة من العلاقات غير المتكافئة بين الدول والشعوب.


نشوء العولمة
العصر الذهبي للعولمة
غالباً ما يشار إلى الفترة الممتدة بين العام 1945 والعام 1970 بالعصر الذهبي للرأسمالية. وكانت الحرب العالمية الثانية شهدت بروز الولايات المتحدة الأميركية كقوة صناعية أساسية ساعدت في إعادة تأهيل وإصلاح اقتصاد الدول الغربية واليابان؛ كما ساهمت في إطلاق التصنيع في دول شرق وجنوب شرق آسيا (كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وغيرها).
فشكّلت بذلك سدّاً منيعاً يحول دون انتشار الاشتراكية. وخلال هذه الفترة، تحرّر عدد كبير من البلدان، كالهند مثلاً، من نير مئات السنين من الحكم الاستعماري، فانطلق العديد منها متّبعاً مسار التصنيع السريع ليشهد تقدّماً ملفتاً في المجاليْن الاقتصادي والاجتماعي. وتجدر الإشارة إلى أن هذه البلدان استفادت من الدعم الذي تلقّته من الاتحاد السوفياتي السابق والدول الاشتراكية في أوروبا الشرقية. أما تدخل الدول الرأسمالية الأوروبية والأميركية الشمالية واليابان في عملية التنمية آنذاك فكان محدوداً نسبياً.

أزمة في البلدان المتقدمة وتراكم رؤوس المال
تعثّر العصر الذهبي للرأسمالية في السبعينيات
عقب الصدمة التي أحدثها إعلان منظمة أوبك (منظمة البلدان المنتجة للنفط والمتواجدة بشكل رئيسي في الشرق الأوسط)
عن الارتفاع المفاجئ (والسريع) في أسعار النفط في تشرين الثاني/نوفمبر 1973، ونجم عن ذلك أزمة طويلة في جميع البلدان المتقدمة تمثّلت بتدهور النشاط الاقتصادي (باستثناء اليابان التي بدأ تراجعها في بداية التسعينيات).

إلى جانب ذلك، برزت ظاهرة أخرى تمثّلت بتراكم الأموال (أو رأس المال كما يسميها الاقتصاديون) بشكل غير مسبوق في أيامٍ معدودة. أما أحد الأسباب الرئيسية لهذا التراكم فيكمن في تنامي موارد الشركات متعدّدة الجنسيات وتعاظم نفوذها بشكل استثنائي، لدرجة أن بعضاً من هذه الشركات بات يتمتّع باقتصاد يفوق اقتصاد دول بأكملها. وعلى سبيل المثال تفوق مبيعات شركة جنرال موتورز General Motors (164 مليار دولار أميركي) الناتج المحلي الإجمالي لكل من تايلاند (154 مليار دولار أميركي) والنروج
(153 مليار دولار أميركي). في حين قاربت القيمة التسويقية لشركة مايكروسوفتMicrosoft الـ 507 مليارات دولار أميركي أي نحو 21,92267 كرور روبية ، وهو رقم يفوق بكثير الناتج المحلي الإجمالي الهندي الذي يبلغ 1,77000 كرور روبية (أي ما يعادل تقريباً 392 مليار دولار أميركي).
وتعزّزت قوة الشركات متعددة الجنسيات وتوسّعت عبر السنوات وذلك بفضل الاندماج في ما بينها واستحواذها على الشركات الأصغر المنتشرة في مختلف أنحاء هذا الكوكب.
ملاحظة: ماذا يعني أن تكون بيل غايتس؟
يصعب أحياناً فهم الأرقام الكبيرة. لا يستطيع معظم الناس أن يتخيّلوا المعنى الحقيقي لمليارات الدولارات. وفيما يلي محاولة لفهم حقيقة تلك الأرقام.

يدرك معظمنا كمية المال التي قد تحدث فرقاً شاسعاً في حياتنا. إن مبلغ لاخ (مئة ألف) روبية (أي حوالى 2249.72 دولاراً أميركياً) هو عادة مبلغ كبير للأسر التي تنتمي إلى الطبقة المتوسّطة حيث باستطاعتها أن تستعمله لتطلق به مشروعاً صغيراً أو تدفع قسطاً مهماً من القرض التي أخذته لشراء المنزل. أما بالنسبة للعائلات الفقيرة، فيعني مبلغ مئة ألف روبية نقلة نوعية في المستوى المعيشي، إذ أنه يمكّنها من تملّك الموارد وإطلاق مشروع صغير لتوليد الدخل وتسديد الديون.
إلا أن القدرة على فعل هذا الكم من الخير يعني أن شركة مايكروسوفت قادرة أيضاً على التسبّب بالكثير من الأذى. وغالباً ما يستطيع أغنياء البلدان النامية (أصحاب الأراضي والمرابون و الصناعيون) الذين يملكون الثروات البسيطة قادرون على التسبّب بالكثير من المتاعب للفقراء، فكيف هو الحال مع شخص يملك مبالغ مضاعفة.
وإذا كانت شركة واحدة متعدّدة الجنسيات تتمتع بهذا القدر من النفوذ، ففي المستطاع تصوّر مدى القوة التدميرية الهائلة الناجمة عن اندماج تلك الشركات في ما بينها.
ولدى مراجعة تاريخ الرأسمالية في البلدان النامية، يتبيّن أن الأرباح الهائلة التي حقّقتها الدول المنتجة للنفط كانت مصدراً آخر لتراكم الثروات، وقد تم إيداع هذه الأموال في المصارف الرأسمالية الغربية التي أخذت تبحث عن طرق لاستثمارها.

وأخيراً فإن المصدر الثالث لتراكم رؤوس المال هو تنامي حجم الأرباح غير المشروعة وغير القانونية الناجمة عن جرائم مختلفة ـ تتراوح بين تهريب المخدرات والإتجار بها إلى نهب ثروات البلدان النامية (من قبل الحكّام الطغاة وآخرين من النخبة الحاكمة). إذ اختلس حكّام طغاة مثل ماركوس وموبوتو أموالاً طائلة من بلدان تعدّ فقيرة وضخّوها خارج البلاد، ليعمد مصرفيّون محترمون في البلدان المتقدّمة على تبييض تلك الأرباح غير المشروعة بطيبة خاطر.



الوجه الحقيقي للعولمة 

إذن، أصبح توافر فائض الأموال في الاقتصاد العالمي هائلاً في مرحلة تعاني فيها اقتصادات الدول المتقدمة تراجعاً حيث كانت عاجزة عن امتصاص هذا المال وتوظيفه في أنشطة منتجة. وهذا ما شكّل قوة الدفع لعملية العولمة إذ بدأ البحث عن سبل جديدة من قبل الشركات متعددة الجنسيات بهدف تسويق منتجاتهم في البلدان النامية من جهة، ومن قبل المصارف الرأسمالية لضخ أموالهم (بشكل قروض) في هذه البلدان من جهة أخرى. ولتحقيق هذين الهدفين، كان لا بد من فتح أسواق البلدان النامية عنوة – للسماح بتدفق حرّ لمنتجات الشركات متعددة الجنسيات وإتاحة دفق حرّ لرؤوس الأموال القادمة من شركات التمويل الغربية الراسمالية .

وهذا يعني أساساً أن اقتصادات البلدان النامية أُرغمتْ على فتح أسواقها أمام الشركات متعدّدة الجنسيات واقتصادها لتحرير تدفق رؤوس الاموال القادمة من المؤسسات الغربية. 
ويشكّل النمو المفاجئ والعنيف للشركات متعددة الجنسيات وتوسّعها عبر الحدود الوطنية (القومية) أحد التأثيرات الجليّة للعولمة؛ إذ أن الرأسمالية تتعرّف على البلدان «كأسواق» لا كأوطان، وبالتالي فإن بلداناً مثل الهند والصين هي بمثابة أسواق شاسعة غير مستثمرة. تشكّل فكرة ملياريْ قدم حافية فرصة مغرية بالنسبة لشركات مثل نايك وباتا وريبوك ومثيلاتها. وحتى لو أن 10% فقط من أصحاب هذه الأقدام يستطيعون تحمّل كلفة شراء حذاء، فإن هذا يعني سوقاً لـ 200 مليون شخص أي سوقاً توازي بحجمها أسواق أوروبا الغربية مجتمعة!
وبينما يتابع التراجع العالمي في الإنتاج زحفه في مختلف أنحاء العالم، سعت الدول المتقدمة إلى توسيع أسواقها إلى ما وراء حدودها مستهدفة بوضوح بلداناً مثل الهند، بغض النظر عن حقيقة أن غالبية السكان في هذه البلدان بالكاد تستطيع تأمين حاجاتها اليومية.
دور صندوق النقد الدولي و البنك الدولي 
أما الهدف الكامن في فتح اقتصادات العالم الثالث أمام تدفق رؤوس الأموال فكان موضع ملاحقة حثيثة من قبل مؤسّستيْن عمدت إلى إنشائهما البلدان الغربية الرأسمالية ألا وهما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وذلك غداة الحرب العالمية الثانية.

وتتحكّم هاتان المؤسستان بمليارات الدولارات مباشرة وبمبالغ مضاعفة بطريقة غير مباشرة، وتتذرّعان دائماً بأن هدفهما هو تعزيز التنمية ليس إلا.

السبعينيات أيضاً، واجهت الدول النامية تفاقماً في المشاكل الاقتصادية نتيجة التجارة غير المتكافئة، حيث تم تصميم اقتصادات هذه الدول بناءً على تصدير المواد الأولية والمنتجات الزراعية التي تتلاعب الدول المتقدّمة بأسعارها في الأسواق العالمية.
وتراجعت أسعار هذه السلع على مرّ العقود الأخيرة بحّدة، مقابل ارتفاع في استيراد البضائع المنتجة في الدول الصناعية. وهكذا باتت الدول النامية تسعى جاهدة لاستلاف المزيد والمزيد من الأموال من المصارف الغربية لتواجه هذه الأزمة المزدوجة. وكانت تلك المصارف بدورها سعيدة في تسليف أموال النفط وجني الأرباح من فوائدها. وحلت الأزمة الاقتصادية عندما شهد الاقتصاد العالمي مزيداً من التراجع وارتفعت معدّلات الفائدة على القروض في أوائل الثمانينيات .
بات من الصعب جداً أن تفي الدول النامية الآن بمستحقّات الفوائد فرزحت تحت وطأة الديون المتفاقمة.

ولدى توفير المؤسسات المالية الدولية قروضاً إضافية ظاهرها «المساعدة» على خلق ظروف مؤاتية لتسديد القروض الأولى، أنشأت فخ ديون قاتلاً، أي خلقت تلك المؤسسات وضعاً حتّم على الدول الفقيرة أن تنفق نسباً مرتفعة جداً من دخلها القومي لسداد فوائد الديون فقط. صحيح أن بلدان العالم الثالث حققت استقلالها السياسي، غير انها أصبحت الآن مدينة لكبار دائني المال الغربيين أي أمست أكثر اعتماداً على أسيادها المستعمرين السابقين.
يبلغ دين العالم الثالث حالياً نحو 1.3 ألف مليار دولار أي 44% من الناتج القومي الإجمالي لمجموع الدول النامية. ومع أن الهند تأخرت عن بقية الدول في تعرّضها لأزمة ديون في أواخر الثمانينات والتسعينات فإنها اليوم مدينة للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرها من المصارف الأجنبية، بنحو 400 ألف كرور روبية (أي نحو 90 مليار دولار أميركي) وهو مبلغ يوازي 4 آلاف روبية (أي نحو 89.99 دولاراً أميركياً) لكل رجل ، إمراة وطفل في الهند.
أما النتيجة النهائية للقروض الهائلة التي قدّمتها مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي فكانت الخسارة الجسيمة في رؤوس أموال الدول الفقيرة لصالح الدول الغنية في الشمال (نحو 50 مليار دولار أميركي سنة 1985 فقط). وفي العام 1990، بلغ صافي التحويلات من «العالم الثالث» إلى الدول المتقدّمة 156 مليار دولار أميركي. وبات هناك حركة تدفق عكسية لرؤوس الأموال لم يشهد لها مثيل، وذلك من البلدان النامية باتجاه البلدان المتقدمة، نتيجة تسليف البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومتطلبات سداد القروض مع فوائدها.

وهكذا استطاعت الدول المتقدّمة أن تنقل أزمات اقتصاداتها إلى البلدان النامية الفقيرة.
برامج التكيّف الهيكلي
لا تتوقف القصة عند هذا الحدّ. إذ أن المصارف والمؤسسات المالية الأخرى، ولمواجهة أزمة الدين، شعرت بالحاجة إلى حماية مصالحها، أي التأكد من استرجاع الأموال التي تم تسليفها إلى الدول النامية. فكان أن وضعت شروطاً قاسية على القروض الممنوحة إلى بلدان العالم الثالث لضمان عدم التقصير في سدادها، فأملت شروطاً متشدّدة على القروض اللاحقة.

تشكّل برامج التكيّف الهيكلي أداة فعّالة في إعادة الهيكلة الاقتصادية التي ئؤثر على الأحوال المعيشية ملايين البشر. وطبقت وصفة خفض الإنفاق الحكومي ذاتها ـ بخاصة على القطاعات الاجتماعية وتحرير التجارة والخصخصة ـ في أكثر من 70 بلداً مديناً في آن واحد.
تقدّر اليونيسيف أن نصف مليون طفل قضوا في العام 1988 نتيجة لإجراءات التقشف المفروضة بسبب الديون.
تشجّع عملية تطبيق برامج التكيّف الهيكلي في عدد كبير من البلدان المَدينة، عولمة السياسة الاقتصادية وإبقائها تحت سيطرة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بالنيابة عن مصالح القوى الاقتصادية والمالية في البلدان المتقدّمة. وتوضع الحكومات التي لا تلتزم بتلك البرامج على اللائحة السوداء، وعندها يتوقّف نقل الاستثمارات والتكنولوجيا إليها وتجمّد ائتمانات الاستيراد والتصدير الممنوحة لها، ما يشكل انتهاكاً غير مألوف للمسلك الطبيعي المعتمد في التجارة العالمية.
باختصار، تم تصميم برامج التكيّف الهيكلي بهدف:
1. تقليص النفقات الحكومية – أي تخفيضات كبيرة في الرعاية الصحية والتعليم ودعم المزارعين والفقراء.
2. الخصخصة – يجب بيع المصانع والخدمات التي تعود إلى القطاع العام للقطاع الخاص؛ وغالباً ما تكون الشركات متعددة الجنسيات هي الشاري. وعندما تغلق المصانع الحكومية أبوابها ويخسر الكثير من العمال وظائفهم وترتفع أسعار الخدمات مثل الطاقة والمواصلات.
3. تدهور قيمة العملة المحلية – في الهند على سبيل المثال، يجب أن تستمر قيمة الروبية في التدهور مقارنة بالدولار الأميركي. ويطالب كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بذلك، لتبقى صادرات هذه الدول أرخص ثمناً في الأسواق العالمية. ويدّعي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أن هذا من شأنه أن يزيد من صادرات البلدان النامية بحيث يصبح قادرة على جني الدولارات الأجنبية، وبالتالي تسديد الديون المتوجّبة عليها. إلا أن المزارعين والصناعات المحلية يحصلون على مال أقل لقاء بضائعه، في وقت تستمر فيه أسعار الواردات بالارتفاع.
4. مزيد من التصدير – على البلد أن تزيد من صادراتها لتكسب بالدولار الأجنبي لتسديد ديونها. وعلى القطاع الزراعي أن يتحوّل إلى زراعة تجارية تستهدف السوق والتصدير، بدلاً من إنتاج الغذاء للاستهلاك المحلي.
5. مزيد من الانفتاح - تجاه الشركات متعدّدة الجنسيات مثل بيبسي وشل ونايك ونستله وغيرها.
6. تخفيض الضرائب والرسوم على الاستيراد- بحيث يسهل على الشركات متعددة الجنسيات الأجنبية بيع سلعها في بلد كالهند، حيث تواجه المصانع المحلية صعوبة في منافسة البضائع المستوردة الأبخس ثمناً.

أما في قطاع الصحة فإن برامج التكيّف الهيكلي تعني تحديداً:
- خفض الاستثمار في مجال الرفاه الاجتماعي، ما يؤدي إلى التفكيك التدريجي لقطاع الخدمات الصحية العامة.
- إدخال فكرة الرسوم المالية مقابل الخدمات في المؤسسات العامة، ما يجعلها بعيدة عن متناول الفقراء.
- نقل مسؤولية الخدمة الصحية إلى القطاع الخاص ما يقوّض منطق الصحة العامة. من ناحية أخرى، اقتصر تركيز القطاع الخاص على الرعاية العلاجية فقط. وعلى سبيل المثال، أرغمت المصارف الدولية الهند على خفض إنفاقها في قطاع الصحة العامة وعلى استيفاء نفقات الخدمات الصحية من المستفيدين.
- أجبر القطاع التطوعي الذي تدخّل لتوفير الخدمات الصحية على التركيز وعلى تبني الأولويات في المجالات التي تتوافر فيها المساعدات الدولية.

في السبعينيات، تم إطلاق برامج التكيّف الهيكلي في العديد من بلدان أميركا اللاتينية وأفريقيا. وتؤكد المعلومات الموثقة أن عواقب هذه البرامج كانت وخيمة على دول تلك المناطق. وبالرغم من هذه التجربة، تم تطبيق الوصفات ذاتها في بلدان مثل الهند، أما النتيجة فكانت متوقعة: ارتفاع في الأسعار والبطالة والتضخم، وتغيير في الأنماط الزراعية وخسارة الأمن الغذائي ورفع الدعم الحكومي عن خدمات الرفاه الاجتماعي كالصحة العامة والتعليم ونظام النقل العام. كل هذا كان له أثر مباشر وانتقائي على الشرائح المحرومة أصلاً في البلاد. أضف إلى ذلك، مسألة فقدان السيادة حيث بات البرلمان عاجزاً عن سنّ سياسات (قوانين) تراعي مصلحة الشعب، كونه أصبح مقيّداً بشروط مملاة وموافق عليها من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .
وعلى سبيل المثال، لم تعد السياسة الصحية في البلاد بيد وزارة الصحة بل غدت السياسات الصحية من اختصاص البنك الدولي. هناك ممثل للبنك الدولي يقبع في وزارة المالية ليعطي توجيهاته حول كيفية توزيع الأموال.

أما تأثير برامج التكيّف الهيكلي على العالم الثالث فمتعدّد الأبعاد . ففي سبعة بلدان أفريقية عاد معدّل وفيات الأطفال للارتفاع من 4% إلى 54% وذلك بعد أن كان تراجع سابقاً ، وشهد معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة ارتفاعاً حادّاً من 3.1% إلى 90.9% . أما الوضع الغذائي للأطفال فتدهور في ثمانية بلدان من أصل عشرة خضعت لبرامج التكيّف الهيكلي . ويقدّر عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين قضوا في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية بسبب برامج التكيّف الهيكلي بستة ملايين طفل على الأقل منذ العام 1982.

«يتنامى عدد الناس الذين يعيشون في الفقر باضطراد، طالما تواصل العولمة مسارهها غير المتكافئ والملازم لها: توسيع الأسواق إلى ما وراء الحدود الوطنية وزيادة مداخيل نسبة قليلة من الناس، وفي الوقت نفسه العمل على تضييق الخناق على أولئك الذين يفتقرون إلى الموارد الكافية للاستثمار أو تعوزهم القدرات للاستفادة من ثقافة العولمة. ومعظم هؤلاء هم من النساء والأطفال الذين كانوا فقراء سابقاً، فأصبحوا أشدّ فقراً الآن إذ أن النظام الاقتصادي مزدوج المعايير يزيد من اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء وبين البلدان الفقيرة والبلدان الغنية.»
وضع الأطفال في العالم 2000 – منظمة اليونيسيف
المهمشون وفقاً للسيناريو الحالي
تركت سياسات برامج التكيّف الهيكلي آثاراً كارثية على العالم الثالث ولاسيما فقرائه. إذ أنه بعد اعتماد برامج التكيّف الهيكلي بلغ سوء توزيع المداخيل مستويات غير مقبولة: فخلال الفترة الممتدة بين 1960-1970 حصل الـ20% من السكان الأكثر فقراً على 2.3% من الدخل العالمي مقابل 1.3% منه في العام 1990 أي تراجع إلى النصف، بينما ينفق الـ 20% من الاشخاص الأكثر ثراء في البلدان ذات الدخل الأعلى ما نسبته 86% من المجموع العام للنفقات الاستهلاكية الخاصة. وفي الوقت الذي ارتفع فيه الإستهلاك باضطراد في البلدان الصناعية بنحو 2.3% سنوياً على مدى الـ25 سنة الماضية بقي الـ20% من السكان الأشدّ فقراً في العالم، خارج السوق الإستهلاكي.
أكثر من مليار نسمة محرومون من الحاجات الاستهلاكية الأساسية
60% من الأشخاص في البلدان النامية لا يملكون الأساسيات من مستلزمات النظافة والصحة العامة
ثلثهم تقريباً لا يستطيع الحصول على مياه نظيفة
الربع لا يملك مساكن مناسبة
خمس الأطفال لا يكمل تعليمه حتى الصف الخامس
خمس الاطفال لا يحصلون على المتطلبات الغذائية الضرورية من الطاقة والبروتين
مليارا نسمة في العالم يعانون فقر الدم

جدول 1
النسبة المئوية لحصة الـ20% من سكان العالم الأكثر فقراً من الفرصة العالمية
                      
النسبة المئوية % من النشاط الاقتصادي العالمي
1960- 1970  
1990
الناتج القومي الإجمالي العالمي
2.3
1.3
التجارة العالمية
1.3
0.9
الاستثمار المحلي العالمي
3.5
1.1
الادخارات المحلية العالمية
3.5
0.9
القروض التجارية العالمية
0.3
0.2
 . تقرير التنمية البشرية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 1993


br>
من الواضح أن عدد الفقراء يتنامى، ولاسيما بعد تدخل المؤسسات المالية الدولية. ويبدو توزيع الفقراء وتمركزهم في البلدان النامية جلياً في الجدول الآتي:

جدول رقم 2 
توزع الفقراء في العالم 1985-1990    

المنطقة
عدد الفقراء في العالم بالملايين
1985
1990
كل البلدان النامية
1051
1133
جنوب أفريقيا
532
562
شرق آسيا
182
169
أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى
184
216
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
60
73
أوروبا الشرقية
5
5
أميركا اللاتينية والكاريبي
87
108
 . تقرير النمو العالمي، البنك الدولي 1992.


وما النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون تحت خط الفقر سوى مؤشر آخر للوضع المرعب الناجم عن تدخل المؤسسات الدولية.
جدول رقم 3 
نسبة السكان  تحت خط الفقر خلال الأعوام 1985 و1990 و1998
المنطقة
نسبة السكان  تحت خط الفقر
1985
1990
1998
البلدان النامية كافة
30.5 
29.7
32.2
أميركا اللاتينية والكاريبي
22.4
24.9
23.8
جنوب أفريقيا
51.8
49
-
 . تقرير التنمية البشرية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 1992.



قدّرت منظمة الصحة العالمية - World Health Organization (WHO) وهي منظمة متخصّصة في الصحة تابعة للأمم المتحدّة- أن معدلات الوفيات عند الأطفال في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ووفيات الأمهات أثناء الولادة في أميركا اللاتينية ومستويات سوء التغذية في الهند، ارتفعت كلها منذ المباشرة بتنفيذ برامج التكيّف الهيكلي. باختصار إن حرب الديْن المعلنة من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عكست كلياً الأرباح التي سعت البلدان النامية حثيثاً لتحقيقها خلال 15 سنة . أما منظمة التجارة العالمية التي تحتل موقع الصدارة في مسار العولمة فهي مصمّمة على إنهاء العمل الذي بدأته شراكة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وتشير التقديرات إلى أنه ما إن تصبح منظمة التجارة العالمية كاملة الجهوزية حتى يفقد نحو 2 إلى 6 مليارات نسمة وظائفهم والكثير من أراضيهم.


مقاربة الرعاية الصحية الأولية Primary Health Care PHC
تم الترويج لمقاربة الرعاية الصحية الأولية بحزم في إعلان آلما آتا عام 1978، وهو أعلن «الصحة للجميع بحلول العام 2000» عنواناً لجدول أعماله.

ولقد تم تضمين جدول الأعمال عدداً من القضايا، ومن بينها مجموعة معقدة من الاستراتيجيات لتحسين الأحوال المعيشية للناس ونوعية حياتهم من خلال السعي إلى خفض معدل الوفيات والحد من انتشار الأمراض. إلا أن مقاربة الرعاية الصحية الأولية لم تستطع تحقيق ما وعدت به لأسباب عدة. أولاً، كان توجّه هذا البرنامج عمودياً ولم يراع ضرورة إشراك الخبرات والمهارات الصحية المحلية - كمعالجة الإسهال بماء الأرز عوضاً عن إنفاق ربع الدخل اليومي لشراء رزَم محلول معالجة الجفاف بواسطة الفم . ثانياً، ترك إدخال برامج التكيّف الهيكلي آثاره الخاصة مثل فرض رسوم على المستفيدين وتجميد رواتب المزارعين وتجميد أسعار المنتجات الزراعية ما أدّى إلى جعل الخدمات العامة بعيدة عن متناول أكثرية السكان وهم في غالبيتهم من الفقراء والمحتاجين. ثالثاً، إن دور البنك الدولي المتنامي في إملاء السياسات الصحية في البلدان النامية حال دون تطبيق ممقاربة الرعاية الصحية الأولية.


الصحة هي سياسة!
هالفدان ماهلر
المدير العام السابق لمنظمة الصحة العالمية

تكبّد الفقراء أضراراً فادحة عندما تمت التضحية بروحية الألما آتا على مذبح مقاربة الرعاية الصحية الأولية الانتقائية. وفي حين كمن الدور الأساسي للبنك الدولي في صياغة

السياسة الصحية في القطاع الصحي، بات من الصعب الهروب من حقيقة أن منظمة الصحة العالمية WHO موجودة للتلطيف من بشاعة العولمة وكأنها «تضمّد» آثار مرض السرطان بواسطة ضمادات الجروح البسيطة. وما لم تبدأ منظمة الصحة العالمية بالعمل على النطاق السياسي وتناول القضايا الأساسية مثل إعادة توزيع الموارد وإلغاء خدمة الديْن وغيرها، فإنها ستبقى عديمة الجدوى إلى درجة كبيرة، بالنسبة لمعظم سكان العالم.
ويصف البنك الدولي حالياً التأمين الصحي كبديل عن التقديمات الصحية الحكومية المجانية. ولا يستطيع التأمين الصحي الخاص بأي شكل من الأشكال مساعدة المواطن العادي في البلدان النامية، إذ انه لا يستطيع تحمّل دفع كلفة التأمين، ولا سيما إذا لم يكن يعاني من أي مرض، ولا يستطيع عدد كبير من الأشخاص في القطاع غير الرسمي أن يتحمّل أعباء هذا النظام، بخاصة أن بعضهم يعملون بصورة موسمية، وبالتالي فإنهم الأكثر تأثراً وهشاشة. وفي الوقت الذي يتزايد فيه الدعم الحكومي للقطاع الصحي في البلدان المتقدمة، تروّج هذه البلدان نفسها لتخفيض المخصّصات الصحية الحكومية في البلدان النامية حيث يرتفع باضطراد عدد السكان الواقعين تحت خط الفقر.
جدول رقم 4 
تمويل القطاع الصحي
البلد
% حصة الحكومة
% حصة القطاع الخاص
البلدان المتقدّمة
كندا   
74.7
25.3
السويد
89.8
10.2
المملكة المتحدة
85.2
14.8
البلدان النامية
الهند
21.7
78.3
الفليبين
50
50
بنغلادش
43.8
56.2
إندونيسيا
35    
65
 . تقرير النمو العالمي، البنك الدولي  1993



ما لا شك فيه أن الشرائح المهمّشة هي الأكثر تأثراً من جرّاء التخفيض المستمر للمخصّصات الحكومية. وفي الهند، إن طبقة المنبوذين والسكان القبليّين (الطبقات المبرمجة والبائل المبرمجة) هم في أمس الحاجة إلى للمساعدات الحكومية، إذ أن معدّلات الأمية بينهم بلغت مستويات مرعبة (62% للمنبوذين و 70.4% للقبائل). ومن المؤلم الإشارة إلى أن 49.6% من المنبوذين و64.5% من القبائل يتسرّبون من المدارس في المرحلة الثانوية العليا. في حين أن 70% من أبناء هذا الشرائح الاجتماعية المهمّشة يكسبون رزقهم من الأعمال الزراعية الموسمية.

وفي سياق التحوّل نحو اللبيرالية والعولمة تتخلّى الحكومة تدريجياً عن مسؤولياتها تجاه المجتمع، ما يدفع الشرائح المهمّشة إلى التنافس في ظل ظروف غير مناسبة، بخاصة أن العولمة استبدلت المهن التقليدية والزراعة بالعديد من الأنشطة الممكننة. وعلى سبيل المثال، تعتبر محافظة كالاهاندي في ولاية أوريسا في الهند من المناطق الأكثر تضرّراً بفعل السياسات المذكورة، إذ أنها تنتج أكثر من معدّل الإنتاج الوطني للأرز في كالاهاندي، إلا أن قلّة قليلة من فقرائها يستطيعون شراء هذا الأرز.


أما إدخال المحاصيل المعدة للتصدير لجلب عملات أجنبية إلى الأسواق فتبيّن أنه عملية مكلفة وتصعب إدارتها. إذ تم استبدال الحبوب الخشنة كالذرة البيضاء (الدُخن) والذرة بمحاصيل مثل القطن والتبغ ما أفقد الفقراء إمكانية الوصول إلى مصدر غذائي غني لكن رخيص نسبياً وهو ما كانت توفّره لهم تلك الحبوب الخشنة. ولا بد من الإشارة إلى أن هذه المحاصيل المعدّة للتصدير أكثر عرضة للآفات كما أنها تعرف حالات خسارة دورية تصيب الإنتاج، ما أدّى إلى موجة انتحار بين المزارعين في غرب الهند وشماله في السنوات الاخيرة.
يعود تزامن انخفاض مستوى الدخل وجنوح الأسعار إلى الارتفاع، إلى أسباب عدة: إستيراد بعض السلع مثل عصائر الفاكهة والشوكولاتة والجبنة ومنتجات كمالية أخرى لإرضاء رغبات الأغنياء، وتصدير المواد الأولية والمحاصيل المعدّة للتصدير الأخرى لتسديد ثمن هذه الكماليات، وتثبيت أسعار الاستيراد من قبل مؤسسات دولية كمنظمة التجارة العالمية، واللاتكافؤ المتنامي في التجارة وتدهور العملات الوطنية إما نتيجة فقدانها قيمتها أو التلاعب فيها والتضخم الناجم عنها. في خضمّ كل هذا، كان دور الشركات متعددة الجنسيات محورياً. وبينما يبدو الفقراء هامشيّين في هذه العملية، إلا أنه تم إثبات أنهم هم من يصابون بالتأثيرات القصوى.
قضايا في القطاع الصحي
في آسيا كما في أماكن أخرى من بلدان العالم الثالث، تبقى الميزانيات المخصصة للقطاع الصحي غير مبنية على الاحتياجات الحقيقية لغالبية المواطنين، وإنما على الاحتياجات وفقاً لما تراه النخبة الحاكمة. وتحظى الصحة والتعليم تحديداً بمعالجات ضئيلة، بينما تنفق أموال طائلة على ميزانيات الدفاع.

وعندما تمّت مواجهة البنى الحاكمة بالإحصاءات المتعلّقة بصحة الفقراء كان ردّها متوقعاً: التوسّع الخطّي للبنى والأنظمة الذي برهن عدم فعاليته عبر العقود الخمسة المنصرمة، أي المزيد من كليات الطب والمزيد من البنى التحتية والمزيد من المباني والسيارات، والمزيد من البرامج العمودية المترافقة بكوادرها العمالية والمزيد من التكنولوجيا المتطورة، والانحياز أبداً لصالح الطبقات الاجتماعية العليا.
إلا أن الهند تحتاج أكثر ما تحتاج إلى المزيد من طواقم المسعفين الطبيين بديلاً لهذا النظام الذي أنتج المزيد من الأطباء والاختصاصيين من خلال مؤسسات للدراسات العليا المتعددة، ما يجعل هيكلية إدارة القطاع الصحي وتنظيمه عديمة التأثّر بالاحتياجات الصحية لغالبية الفقراء. وتجدر الإشارة إلى أن الخدمات الصحية بوضعها الحالي، بحاجة ماسة لعمل يتمحور بقوة على مستوى القرية والناس. لقد حرم الفقراء تاريخياً، من خدمات صحية عامة فعالة، وها هم اليوم مع انقضاض العولمة يواجهون فوضى مؤكدة.
قطاع الدواء
يبدو جلياً الأثر الأساسي لمنظمة التجارة العالمية في قطاع الدواء ولا سيما جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة - وتعرف بـ Trade Related Aspects of Intellectual Property Rights (TRIPS) . وما يجري في الهند اليوم هو دليل ساطع على كيفية تدمير اتفاقية جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة لقطاع الدواء، وهو قطاع نجح في تحقيق اكتفاء ذاتي.



تعتمد الهند واحداً من أكثر أنظمة العالم تقدماً في ما يخصّ حماية براءة الاختراع وفقاً لقانون أقره البرلمان في العام 1970. ومن أهم مميزات هذا النظام أنه يقوم على حماية عملية التصنيع بدلاً من حماية المنتج نفسه، وهذا يعني أنه عندما يتم تسويق دواء جديد في أي مكان في العالم، من الممكن إنتاجه في الهند شرط استخدام عملية مختلفة والاعتماد على المهارات المحلية. ولا تتجاوز فترة الحماية لبراءة الاختراع التجارية للأدوية الصيدلانية والعقاقير فترة الـ 7 إلى 14 سنة. إلا أن العضويات الصغرية وسائر أشكال الحياة لا تمنح براءة اختراع في الهند. وعندما تمنح شركة ما براءة إختراع في الهند، فلا بد أن يتم تصنيع الدواء في الهند نفسها. وبفضل هذا النظام، أصبحت الهند أحد البلدان النامية المعدودة التي قاربت تحقيق الاكتفاء الذاتي في تصنيع الأدوية الأساسية (بالإضافة إلى البرازيل والصين).
قبل العام 1970، كان يستغرق الأدوية المسوّقة في البلدان المتقدمة ما بين 10 و15 سنة لتظهر في السوق الهندية، إلا أنه بعد تطبيق قانون حماية براءة الاختراع الهندي أصبحت الأدوية الجديدة تنتج إما من قبل القطاع العام أو الخاص الهندي في غضون 3 إلى 5 سنوات أو أقل، وذلك بعد تسويقها في البلدان المتقدمة .
جدول رقم 6
إدخال الأدوية الجديدة إلى  السوق الهندية
الدواء
الإنتاج في البلدان الأجنبية
الإنتاج في الهند
قبل العام 1970
سولفاديازين Sulfadiazine  
1940
1955
    Penicillin-G بينيسيلين-ج
1941
1963
 Streptomycinستربتومايسين
1947
1963
بعد العام 1970
 Salbutamolسالبوتامول
1973
1977
 Rifampicinريفامبيسين
1974
1978
 Norfloxacicinنورفلوكساسين
1987
1988
 Mebendazoleميبندازول
1977
1978


ويعود الفضل في كون أسعار الدواء في الهند ما زالت من أرخص الأسعار في العالم، إلى الطاقات المحلية في الإنتاج.
جدول رقم 7
أسعار الدواء: مقارنة (بالدولار الأميركي والروبية)
البلد
رانيتيدين
  150 ملغ x 10
ديكلوفيناك 
50 ملغ x 10
الهند
0,16 دولار أميركي
(7.16 روبية)
0,12 دولار أميركي
(5.64 روبية)
المملكة المتحدة
7,08 دولار أميركي
 (320.85  روبية)
2,78 دولار أميركي
(125.85روبية)
الولايات المتحدة
 16,31 دولار أميركي
(739.60 روبية)
11,15 دولار أميركي
(505.68 روبية)

جدول رقم 7
أسعار الدواء: مقارنة (بالدولار الأميركي والروبية)
البلد
رانيتيدين
  150 ملغ x 10
ديكلوفيناك 
50 ملغ x 10
الهند
0,16 دولار أميركي
(7.16 روبية)
0,12 دولار أميركي
(5.64 روبية)
المملكة المتحدة
7,08 دولار أميركي
 (320.85  روبية)
2,78 دولار أميركي
(125.85روبية)
الولايات المتحدة
 16,31 دولار أميركي
(739.60 روبية)
11,15 دولار أميركي
(505.68 روبية)

وما إن يتم تغيير قانون حماية براءة الاختراع وفقاً لاتفاقية جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة TRIPS، حتى تصبح مدة صلاحية براءة الاختراع عشرين سنة وتمنح عندها براءة الاختراع للمنتج بدلاً من عملية الإنتاج. وسيؤدي ذلك إلى سيطرة شركات الدواء متعددة الجنسيات في الهند ليدمّر تدميراً كاملاً اكتفاء الهند الذاتي في قطاع إنتاج الدواء، وينتج عن ذلك إرتفاع جنوني في أسعار الدواء. وبما أن القطاع الصحي يتعرّض لعصر نفقات وفقاً لبرامج التكيّف الهيكلي، فسيرتفع عدد الناس الذين سوف يستبعَدون عن نظام الرعاية الصحية نتيجة لذلك.
من غاما إلى غايتس
ابتدأت المشكلة تاريخياً مع وصول فاسكو دي غاما إلى الساحل الغربي للهند في 28 أيار/مايو 1498 . وكانت البهارات والموارد الطبيعية التي يتمتّع بها الهند هي مصدر الإغراء. وكان دي غاما أول الأمراء التجار- المغامرين، أما آخرهم فهو بيل غايتس، وما تغيّر هو فقط طبيعة السلع التجارية. إلا أن الصفات الأساسية المرتبطة بالعولمة هي الطمع وزيادة الأرباح إلى حدها الأقصى واستغلال الطبيعة والإنسان، والتجارة غير المتكافئة، والسيطرة بأية وسيلة ممكنة – إما من خلال شركة الهند الشرقية أو من خلال منظمة التجارة العالمية ، فالرأسمالية تعني بقاء الأقدر والأقوى والأكثر دهاء .


العولمة هي عملية رأسمالية تم التخطيط لها بمنهجية للسيطرة على هذا العالم ذي القطب الأوحد حيث يضع الأغنياء قواعد اللعبة، ويرمّزها كل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، في حين تنفّذها منظمة التجارة العالمية. وكلها منابر لا ُيسمع فيها صوت الفقراء لأنهم غارقون في الديون.
لكن هذا لم يأت من العدم. شكّلت العبودية تاريخياً، وبشهادة وقائع واردة في الإنجيل، أساس تراكم الرأسمالية منذ زمن المدن- الدول الإغريقية، مروراً بالإمبراطورية الرومانية وعبر القرون اللاحقة. وما العولمة إلا امتداد لمفهوم العبودية، وهي من أبشع وجوه الرأسمالية حتى الآن.

أولويات العالم* 
(النفقات السنوية)
التعليم الأساسي للجميع                                                              6 مليارات دولارأميركي
مستحضرات التجميل في الولايات المتحدة الأميركية                                 8 مليارات دولارأميركي
المياه والنظافة للجميع                                                                9 مليارات دولارأميركي
          المثلّجات (الآيس كريم) في أوروبا                                           11 مليار دولار أميركي
الصحة الإنجابية لجميع النساء                                                       12 مليار دولار أميركي
          العطورات في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية                          12 مليار دولار أميركي
الصحة الأساسية والتغذية                                                            13 مليار دولار أميركي         
          طعام الحيوانات المنزلية في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية             17 مليار دولار أميركي
          الترفيه ضمن نطاق العمل في اليابان                                        35 مليار دولار أميركي
          السجائر في أوروبا                                                        50 مليار دولار أميركي
          المشروبات الروحية في أوروبا                                           105 مليار دولار أميركي
          المنوّمات في العالم                                                        400 مليار دولار أميركي
          الإنفاق العسكري في العالم                                                780 مليار دولار أميركي
* المصدر: تقرير التنمية البشرية ، 1998

أنماط الاستهلاك في العالم* 
السلعة الاستهلاكية                             أغنى 20%            أفقر 20%
مجموع الاستهلاك الشخصي                             86%                       1.3%
اللحوم والأسماك                                         45%                       5%
الطاقة                                                    58%                       4%
الخطوط الهاتفية                                          74%                       1.5%
الورق                                                    84%                       1.5%
المركبات /السيارات                                      87%                       1%
*المصدر: تقرير التنمية البشرية، 1998

ما العمل الآن؟
لا بد من القيام ببعض الخطوات المحفّزة لمواجهة الوضع. إذ يجب صياغة استراتيجيات تمكّن الفقراء من مواجهة الآثار المباشرة للعولمة. أما الحلول البعيدة المدى فهي تشمل تمكين المنظمات الأهلية من التخطيط بفعالية لتلبية احتياجات الناس، والتي تلعب دوراً جوهرياً في تقرير الادارة الرشيدة الوطني وصياغة السياسات، بما فيها تلك السياسات التي تقاوم بفعالية قوى العولمة التي تلقي بآثارها الوخيمةعلى ظروف عيش الفقراء والمهمشين.
يجب أن تتمحور الاستراتيجيات حول:
* تحسين الظروف لخلق إدارة رشيدة ولانخراط الناس فيها بغض النظر عن المرتبة أو الطبقة الاجتماعية، ومشاركة المجتمعات المحلية في تحديد الأولويات، وتخصيص المبالغ المالية وإدارة الموارد المادية والبشرية.
* وهذا يعني انتقال السلطة إلى المستويات المحلية الأدنى، ما يؤدي إلى إدارة لامركزية لكل القطاعات وبخاصة قطاع الصحة العامة.
* إعادة توصيف «الصحة العامة» أي الانتقال بها مما كانت تعرف به وفقاً للنمط الحكومي القديم القائم على علاقة الأخذ والعطاء، إلى جعل المجتمع الاهلي محور المخطّط، بحيث يملك الفقراء القدرة على اتخاذ القرارات التي تؤثر في حياتهم.
* يوجد حاجة ماسة لتطوير بنية تحتية فاعلة ومؤهلة لتنفيذ السياسات والاستراتيجيات التي تؤثر في مشاكل الصحة الأساسية، وتشمل تأمين الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية بما فيها الترويج للصحة.
* لم يعد جائزاً في القرن الحادي والعشرين أن يبقى إعلان «الصحة للجميع» مجرّد شعار، بل يجب وضعه قيد التنفيذ.
* باتت المشاورات والحوارات الدورية بين المنظمات الأهلية والحكومات والمنظمات الدولية على المستويات العالمية والإقليمية والمحلية كافة، أمراً حتمياً.
* لا بد من قيام تحالفات وشبكات واسعة بين المنظمات الأهلية .
* إن العمل مع الناس لبناء حركات شعبية هو ضرورة أكيدة. تستطيع المنظمات غير الحكومية ان تحفّز عملية بناء كتلة جماهيرية فاعلة تتمتّع بوعي نقدي فتساعدها على التعبير عن حقوقها والمطالبة بها، وبخاصة إزاء صنّاع القرار والسياسات.
* يجب أن تنطلق هذه المقاربة المحلية التي ترتكز على الناس، من حاجات الناس أنفسهم، فتعطيهم الدور الأساسي في صياغة مصيرهم.
* إن العالم بحاجة فورية لهذه المقاربة لتحسين الصحة وحماية المعرفة والمهارات التقليدية الموجودة، ومن ثم تطويرها.
ولا بد أن تساعد هكذا مقاربة على فضح العناصر السلبية للعولمة واستشفاف أساليب مقاومتها وفقاً لتجارب البلدان النامية تحديداً.
ويجب المحافظة على الأنظمة والمهارات المعرفية للشعوب ومن ثم صقلها والبناء عليها وتعميمها كي لا تجد نفسها مضطرّة إلى الاعتماد على قوى عالمية للحصول على الخدمات.
دور المنظمات الحكومية والحركات الشعبية
لا تستطيع الشرائح الاجتماعية المحرومة مقاومة قوة العولمة بطريقة مباشرة، إلا أنها تستطيع فعل الكثير. ولنأخذ مثالاً على ذلك المعركة ضد شركتيْ كارجيل Cargillفي ولاية كارناتاكا Karnataka (عام 1993) ومونسانتو Monsanto في ولاية أندرا Andhra (أيلول/سبتمبر 2003) في الهند وغيرها من التجارب الأهلية. صحيح أن قدرات الشعوب هائلة، إلا أنه يجب استخدامها بشكل صحيح، وهنا يكمن الدور الحيوي للمنظمات الحكومية والحركات الأهلية.
وباختصار، فإن المجالات الأربعة الآتية ضرورية:
- دور مطلبي: حيث توضع المعلومات بمتناول الرأي العام. هذه المعلومات متوفرة بمعظمها، لكنها بحاجة لمن يفسّرها لصالح الفقراء. وفي حال لم تتوفر هذه المعلومات، فيجب العمل على إيجادها. إذ أن هذا العصر هو عصر المعلومات، والمعلومات تؤدي إلى المعرفة، والمعرفة هي السلطة.
- دور تدريبي: الذي يُكسب الناشطين والمدربين والمجتمعات المحلية المعرفة والقدرة على صياغة استراتيجيات ويمكّنهم من التصدّي لقوى الظلم والاستبداد.
- دور تشبيكي: الأمر الذي يوسّع مجتمع الملتزمين والعاملين االصحيّين ويؤدّي إلى تشكيل كتلة ضاغطة تستطيع أن تكافح بفعالية إلى جانب الفقراء، من أجل تحقيق العدالة في مجال الرعاية الصحية.
- إنشاء مقاومة: وهو الأهم، حيث تستطيع المنظمات الأهلية أن تتحد لإنشاء مقاومة تتصدّى لفلسفة العولمة من جهة وآثارها الفعلية التي تمس حياة الناس العاديين بألف طريقة وطريقة من جهة أخرى.
سعت الاستراتيجيات العالمية للتخفيف من الفقر إلى المحافظة على الوضع الحالي، وذلك عبر تأمين الحد الأدني للأجور كبديل عن الأجر المعيشي، وتقديم وجبة منتصف النهار للأطفال الفقراء بدلاً من توفير الأجور العادلة، ورأت في الحصص والمخصّصات بديلاً للعدالة والمساواة، وقدّمت علاج الإمهاء بدلاً من توفير مياه الشفة وهكذا دواليك. إلا أن التاريخ أثبت مرة تلو الأخرى أن للناس، حتى الخاملين منهم، قدرة محدودة على الاحتمال .
لقد ازدادت حدّة الفوارق الحالية وانتقلت من مرحلة اللامساواة إلى مرحلة اللاإنسانية. ولا تتحرّك بلدان الشمال المتقدّمة إلا عندما يشكّل هذا الوضع تهديداً لها ولمصالحها. ومع بداية الألفية الجديدة، وما لم تعالج المشاكل الهيكلية سريعاً، فإن الإنسانية مقبلة لا محالة نحو موجة طويلة من الإضطرابات والعنف. وإذا اكتفينا بالمراقبة بصمت فستتهمنا الأجيال القادمة بالاشتراك في التآمر ضمن هذه العملية.
-------------------------------------------------
4. وهي تعرف بـ Organization of the Petroleum Exporting Countries (OPEC) ، منظمة دولية تشمل إحدى عشرة دولة مصدّرة للنفط
5. إن الكرور crore هي وحدة قياس في نظام الترقيم الهندي وهي ما زالت شائعة الاستعمال في بنغلادش والهند وباكستان وسريلانكا. ولقد استعملت لقرون مضت في إيران. وتوازي قيمة الكرور الواحد 10 ملايين
6. إن الروبية Rupeeهي الاسم الشائع للعملة المستعملة في الهند وباكتسان وسريلانكا ونيبال وموريشيوس وسيشيل. وتوازي قيمة الروبية الهندية الواحدة حالياً 0،02 دولار أميركي
7. إن اللاخ lakh هي وحدة قياس في نظام الترقيم الهندي وهي ما زالت شائعة الاستعمال في بنغلادش والهند وباكستان وسريلانكا. وتوازي قيمة اللاخ الواحد 100 ألف، أي أن عشرة لاخات توازي كروراً واحداً أي عشرة ملايين
8. إن صندوق النقد الدولي منظمة دولية تشرف على النظام المالي العالمي من خلال مراقبة سعر العملات وتقديم «دعم مالي وتقني» ينهك كاهل الدول النامية. تأسس عقب الحرب العالمية الثانية ليساهم في إعادة إعمار ما تهدّم وعلى إثر إقرار اتفايات برتن وودز.
9. تأسس البنك الدولي في أيلول/سبتمبر 1945 بعد إقرار اتفاقيات برتن وودز بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها, أما الآن فتتمحور أنشطته في البلدان النامية من خلال قروض مشروطة تقدّم لتلك البلدان، مقابل تخصيص قطاعات الخدمات كالتعليم والصحة والاتصالات والكهرباء والمياه بالإضافة إلى تحرير الأسواق، ما يثقل كاهل تلك الدول ويغرقها في أزمات اجتماعية واقتصادية.
10. برامج التكيّف الهيكلي Structural Adjustment Policies (SAPs) هي التغييرات السياسية التي يفرضها كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي على الدول النامية مقابل القروض التي يقدمانها.
11 . تقرير التنمية البشرية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 1993
12. تقرير النمو العالمي، البنك الدولي 1992.
13. تقرير التنمية البشرية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي 1992.
14. يعرف بالـ Oral Rehydration Therapy ORT ، وهي علاج بسيط رخيص وفعّال ومقبول. يستطيع الأهالي مكافحة الجفاف والتعويض عن المياه والأملاح المفقودة في الإسهال والقيء الشديد وهما السببان الرئيسيان لموت الأطفال، بواسطة محلول من السكر والملح.
15. تقرير النمو العالمي، البنك الدولي 1993
16. وهي تعرف بالـ Scheduled Castes and Scheduled Tribes SC/ST وهي مجتمعات منحها الدستور في الهند وضعاً خاصاً بعد أن كانت مهمّشه لقرون طويلة، إذ كانت تعتبر هذه المجتمعات «منبوذة» وكانت مقصية عن النظام الهندي الذي كان يحافظ على الهرمية الاجتماعية الطبقية بشكل صارم، إذ أن الشرائح المذكورة كانت تقوم بالأعمال الحقيرة والمهينة علماً أن الارتقاء الاجتماعي كان مستحيلاً. كما كانت مقصية عن النظام التعليمي والاجتماعي والاقتصادي المعتمد من قبل بقية المجنمع. وتفوق الطبقات المنبوذة نسبة 16% من مجموع سكان الهند في جين أن القبائل المنبوذة تتجاوز الـ8% .
17. تحتل محافظة كالاهاندي الجزء الجنوبي الغربي من ولاية أوريسا الهندية ، وهي إحدى ولاياتها الثلاثين. تعتمد المحافظة بصورة رئيسية على الزراعة وتغطى نصف مساحتها بأدغال غابات كثيفة في حين أن الصناعة فيها محدود.
18. الحقوق الفكرية هي الحقوق التي تعطى للأشخاص مقابل إبداعات ناجمة عن فكرهم. إذ يمنح المبدع حقاً حصرياً لقاء استعمال اختراعه/ـها لفترة محدّدة من الوقت. وتقسّم الإبداعات عادة إلى مجالين رئيسيين: الأول متعلّق بالنشر (كل ما هو مرتبكط بالكتابة والنشر والأعمال الفنية من أدب ورسم وموسيقى ونحت وبرامج معلوماتية وأفلام وغيرها، في حين أن المجال الثاني يشمل الملكية الصناعية التي تنقسم بدورها إلى قسمين: الأول حماية الإشارات المميّزة ولا سيما الماركات التجارية التي تميّز بين السلع بالإضافة إلى الإشارات الجغرافية التي تشير إى المنشأ الجغرافي للسلعة. أما القسم الثاني فيشمل الأنواع الخرى من الصناعات الت يتحفّز الاختراع والتصميم والتكنولوجيا ، وتقع ضمن هذه المجموعة الاختراعات (المحمية ببراءة اختراع) والتصاميم الصناعية والأسرار التجارية.
19. فاسكو دي غاما مكتشف برتغالي ، كان أول من أبحر من أوروربا إلى الهند مباشرة وذلك عام 1498.
20. تأسست شركة الهند الشرقية عام 1600 من مجموعة رجال أعمال بريطانيين اجتمعوا معاً ليزيدوا أرباحهم من جرّاء استيراد التوابل والبهارات من جنوب آسيا. فبعد أن كان البرتغاليون والإسبان يحتكرون تجارة التوابل الهندية قبل تدمير الأسطول البحري الإسباني الكبير عام 1588، تمكّن البريطانيون والهولنديون طرق أبواب الثروة من خلال خوض غمار هذه التجارة.
21. تسعى منظمة التجارة العالمية التي يبلغ عدد الأعضاء فيها 150 دولة (حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2006) إلى زيادة التجارة من خلال الترويج لتحرير الأسواق من خلال انحيازها للشركات متعدّدة الجنسيات على حساب الفقراء، دولاً وشعوباً، إذ يزداد الأغنياء ثراء والفقراء فقراً.
22. الادارة الرشيدة (governance) التي باتت مفردة شائعة ضمن مفردات التمية اليشرية المستدامة. وهي تشير إلى العملية التي يمارس وفقاً لها عدد من عناصر المجنمع السلطةَ فيؤثرون في السياسات والقرارات المتعلّقة بالحياة العامة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويفعّلونها. ويشمل الحكم الرشيد التفاعل بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع الأهلي والقطاع الخاص.
23. في الحالتين تمكّن المزارعون في ولايتيْ كارناتاكا Karnataka وأندرا Andhra من خلال نقاباتهم وشيكاتهم الأهلية طرد الشركتين متعدّدتي الجنسية (كارجيل Cargillومونسانتو Monsanto) خارج الهند، ولا سيما بعد أن انتحر ما يزيد عن 70 مزارعاً في أندرا بسبب الجفاف والخسارة الناجميْن عن المحاصيل المعدّلة وراثياً.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-