أخر الاخبار

رواية العنقاء كاملة : الجزء 11 : رواية تاريخية تحدثت عن إنتصار المقاومة في غزة ما بين فترة الحكم العثماني و الاحتلال الفرنسي

رواية العنقاء كاملة : الجزء 11:  رواية تاريخية تحدثت عن إنتصار المقاومة في غزة ما بين فترة الحكم العثماني و الاحتلال الفرنسي. للكاتب عبد الكريم السبعاوي في 1942  المولود في حارة التفاح بمدينة غزة لأسرة فقيرة لكنها حفية بالعلم والثقافة
----------------
. تبسم شهوان
وأين أنا من محمد العابد يا عماه .. لقد طبقت شهرته الفاق وغنوا مواويله في بلد -
مصر والشام .. سأسمعكم بعض مواويله الن .. هل تحبون ذلك .. نظر إلى الفتاة
 : كأنما يعنيها بسؤاله .. أومأت برأسها .. كاد شهوان يطير مع الموال
عتابا مطـرق الفضـه قدمها
مشت عالقــز ما علم قدمها
سبع باشــات والوالي خدمها
ووزير الصدر شد لها الركاب
كل العيون عيون وإنت عيوننا
يقول محمد العابد يا جيران
هواكم مزع قليبي يا جيران
وساق ال تعود اليام ونعـود جيران
ويجمع ما بينا رب السما
يا رايح عاروبين .. سلم سلم عالحلوين
يا رايح عاروبين
 : تصايحت الفتيات خلفها
 . نريد ظريف الطول -
 : سكت شهوان .. تعلقت بها النظار .. ما هم .. أومأت برأسها
 : انطلق صوت شهوان
يا ظريف الطول وتوي إللي مرق -
تقول عود الزان ملفـلف في الورق
كامل الوصاف متلو ما انخلق
يا نبات السـهل مربى بلدنا
طارت أقدام الدبيكه .. كما تطير أسراب الحجل
شقت الحناجر .. اطلع .. اطلع
تس .. توه .. تس .. توه
يا ظريف الطول رايح عامصر
يا خفيف الدم يا رهيف الخصـر
من ريش العصفور لبنيلك قصر
ومن دمع العيون لجبللوا طينا
أخذ الحماس شيخ الدرج .. فشد جوهر من يده لكي يتوسطا الحلبة ويدبكا
وحيدين .. لكن جوهر تخلص منه بلباقة وعاد إلى مكانه وسط النظارة .. فالرقصة
الوحيدة التي يجيدها هي رقصة السيف .. وحتى هذه الرقصة لم تكن النجاشي لترضى
 . عنها أبدا"
أبناء الملوك ل يرقصون لحد .. حسبهم أن الناس يرقصون أمامهم .. ل تنسى يا -
جوهر أنك ابن ملك عظيم الشأن .. وأن الحبشة كلها تنتظر عودتك .. وسوف تقرع لك
طبول كثيرة حين تعتلي عرش أبائك وأجدادك .. وتحكم بين الناس بالعدل كما كانوا
 . يفعلون
هل تعرف اسمك ؟ واسم أبيك ؟ واسم جدك ؟ واسم قبيلتك ؟
 .. إسمي هيلل .. واسم ابي مانويل وجدي مارا واسم قبيلتي زانوا
 : تخاصر الراقصون وجنت الدبكة وبدأ شهوان دلعونته التي ل تنتهي
على دلعونة وعلى دلعونة -
نسم يا هوا القبلي الحنونه
وإذا كان شهوان نجم الغناء .. فإن مبارك كان نجم الدبكة بل منازع وقد سمع
الكثيرات يتهامسن مشيرات إليه ( أيو الصايه الحرير ) ولكنه كان في شغل عنهن ..
كانت عيناه تفتشان الشاطئ كله بحثا" عن ليلى .. أخيرا" أيقن أن سالم في إحدى نزواته
أقسم يمينا" بالطلق ..أن ل تذهب نساؤه إلى أربعاء أيوب .. فقد كان دائما" يتفنن في
اختيار المناسبات الهامة لنزال غضبه على أهل بيته .. صدقت أمه حين قالت لبنته
 : ليلى
 . معاشرة أبوكي زي قرش الصوان -
في آخر النهار غربت الشمس .. ظل الناس ينتظرون حتى سقط قرصها الحمر
في ماء البحر ..ا خلعوا ثيابهم ونزلوا إلى الماء لتنالهم البركة في تلك الساعة التي شفى
: ال فيها جراح العبد الصابر أيوب حين قال له
 . اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب -
عندما خيم الظلم بدأ الناس طريق العودة إلى بيوتهم .. حانت لحظة الوداع ..
قال جوهر لشهوان لقد كان هذا يومك مثلما كان خميس أبو الكاس يومي أنا .. قتعال
 . نتقاسم ما حصلت عليه
 : أجاب شهوان
لقد أضعت جائزتي .. لو لم أكن متزوجا" لما تركت الفتاة تفلت من يدي .. كان عهدي -
فيما مضى أن أتبع تلك العيون إلى آخر الرض .. أظفر بها أو أدوخ الليالي بالشعر
والتشبيب .. لكن قلبي يا جوهر يحدثني أنها لم تضع .. وأن أربعاء ايوب ليست نهاية
 . المطاف بيني وبينها
تعانقا وانصرف شهوان .. فكر جوهر : لعل هذا هو الفرق بيني وبين
شهوان .. إنه يسلم قلبه للحب من أول نظرة .. فإن لم يصل فحسبه الشعر .. أما أنا
 . فأغلق قلبي وعيني ل أطلب الحب ول أعطيه الفرصة ليطلبني
تأخر مبارك قليل" في العودة .. كان يحمل جرة من ماء البحر على أكتافه هدية
 : لليلى .. خرجت لترى من يدق الباب .. قال لها
إذا لم تذهبي إلى البحر .. فإنني أحمله لك على أكتافي يا ليلى .. مسحت دموعها -
 : وتنهنهت
هل كنت تبكين طوال النهار ؟ -
 : تناولت الجرة وضحكت
لو علمت أن ماء البحر يجلب إلى نفسك كل هذه السعادة لحملت لك البحار السبعة -
 :وانشد
 اطلبي اليوان أحمله على راحتي كسرى وهامات العجم
واساليني البيد مهرا" أو سلي ما وراء البيد من حمر النعم
 . علمتك مصاحبة شهوان الشعر والغناء -
ليس هذا من شعر شهوان .. هذا من شعر عنترة وعلمه لي جوهر عندما زرت فاطمة -
 . في وادي الزيت آخر مرة
 : جاء صوت أمها من الداخل كالفحيح
هل نصبت حدوته على الباب .. الدنيا منتصف الليل .. قد يعود والدك في اية لحظة -
..
كان سالم في الونة الخيرة قد وطد صداقته بنظمي أفندي الكلغاصي .. اعتاد
أن يسكر عنده كلما ساء مزاجه أو أحس بالضيق .. ينفق هناك عن سعة بمقدار ما
 . يقتدر على نسائه وأهل بيته
الويل لهما لو عاد سالم سكرانا" فوجدهما يتطارحان الغرام على الباب .. اختطف
 : مبارك قبلة سريعة وانفلت إلى بيته وهو يدندن
شمالي يا هوى الديرة شمالي -
على إللي أبوابها ملقى الشمالي
***
الخميس الثالث كان خميس المنطار .. خبزت الحارة الكعك المحشو بالتمر ..
وأصناف الغريبة والمعمول .. خرجت تتفرج على موسم سيدنا علي المنطار آخر
 . خمسان غزة المقدسة
اجتاز سالم ومراد البتير وحسان السلمين بسطات الثياب والحلوى والفاكهة ..
عبروا المساحة المخصصة لراجيح الولد .. معرضين عن نداءات باعة السوس
والخروب وصبابي القهوة المرة .. فقد كانوا في عجلة للنضمام لشيخهم الذي أخذوا
 . عليه العهد على الطريقة الشاذلية
ما أن وصلوا حيث تجمع دراويش الطريقة حتى هرعوا لتقبيل يد شيخهم الملقب
 . بالخليفة
ساروا مع الموكب تحت الرايات والبيارق يتقدمهم خليفة الزمان .... ضجت الرض
. ( بقرع الطبول والدفوف والصاجات وهم يتمايلون على نغمة الذكر ( ال .. ال .. ال
وصلوا المقام .. قرأوا لصاحبه الفاتحة .. جددوا له العهد .. انحدروا إلى
 : السفح المواجه .. نصبوا حلقة الذكر .. بلغ الحماس مبلغه حين صاح الخليفة
شويش على رجال حراميه ونهابين
. بلقلقم في الضبب والناس غفلنين
صلوا على واحد نبي بالسيف قام الدين
ل بد ما ينكشف ستر الملونين
 .. ( صاحوا جميعا" بصوت واحد ( حي
بدأ الدراويش يضربون أنفسهم بالخناجر فل يحسون باللم من شدة التصال
وحلوة الذكر .. دق سالم الشيش في خده وأخرجه من الخد الخر .. ابتلع مراد البتير
النار فتهلل الحاضرون .. أما الفار فإنه جبن عن إيذاء نفسه .. تشاغل بالستغراق في
الذكر .. فترت همتهم .. ارسل الخليفة إحدى مقاطع الشعر الذي يسمونه المطاوعي
.لحثهم
شوبش على رجال يوم الحرب ما ولوا -
وإن هانت الناس ما هانوا ومازالــوا
فرشم سجاجيدهم عالمــاء ما انبلـوا
في أول الليـل حلـوا شـعورهم حلوا
وفي آخـر الليـل في حرم النبي صلوا
حي .. حي .. حي
صار الدراويش يستعرضون كراماتهم .. فمن مظهر فاكهة في غير أوانها ..
إلى آكل للشوك أو الزجاج .. بعضهم بلغ به الجهد مبلغه فصار يترنح كبناء على وشيك
 . السقوط .. إل أن الخليفة واصل انتخاءهم بأشعاره التي تحرك الحجر
كف النبي نبع الزلل منو
شربوا العطاشى وجيش المؤمنين منو
الشمس ويا القمر طلبوا الرضا منو
باب البحيرة انفتح .. دخل النبي منو
حــي
ل باس يا سيدي أبو العباس ل باس
انصفت خضرة الشريفة من كلم الناس
الرمل ما ينعجن .. والشوك ما ينداس
والعهد ما ينعطى .. إل لناس وناس
حــي
إربد وجه الفار وأزبدت شفتاه .. ثم سقط مغشيا" وسط الحلقة .. حمله سالم
 : والبتير وانصرفا به إلى الظل .. قال البتير
لم يتحمل جسده الرقيق قوة مواجده .. فحصل له ما حصل .. أنظر إلى وجهه الذي -
 . يطفح بحلوة التصال .. مدد يا سيدي علي المنطار
 : شخر سالم بحنق وهو ينزع الشيش من خده
بل قل أنه جبن عن إظهار الكرامات التي أظهرناها .. فادعى الغماء .. إنه -
 : يتماوت .. صحيح صدق المثل
 . في رجال وفي رجرج -
تأمله البتير..تذكر افعاله وقصته مع خضرة وتردده على بيت الكلغاصي ..
 : وقال في أسى
من جهة الكرامات فل يرقى إلى كراماتك أحد يا شيخ سالم .. أنت من الربعة -
 . القطاب المتدركين في سبيل ال
عاد سالم إلى حلقة الذكر .. أما مراد البتير فانتظر حتى أفاق حسان من إغمائه
 : وقال له
 . هيا بنا إلى الحارة -
 . والتصال .. والكرامات .. وما يحدث للمتصل حين يمسك التراب فيصبح ذهبا" -
 . سندع كل ذلك لسالم -
. ضحكا سويا" ثم أخذا أدراجهما إلى الحارة



 رواية العنقاء كاملة :الجزء 12:

 رواية العنقاء كاملة :الجزء 10:


تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-